حتى يقال: "إنه حفظ يوم موته عدة أبيات حدها بعضهم بثمانية، لقنها إياه ابنه" (١)، وهو على فراش الموت.
ثم إن رحلته من المغرب إلى المشرق، وتنقله بين البلدان، ومن مكان إلى مكان، أتاح له الاتصال بكبار العلماء، فأفاد منهم ما استطاع، وما امتد وقته.
وما لم تمتد إليه يد الفناء من آثار ابن مالك ينبئ عن اتصال بنواح كثيرة من العلوم كاللغة والنحو، والصرف، والعروض، والحديث، والقراءات. فتنوعت دراساته حتى كادت تشمل أكثر علوم العربية في عصره.
وامتزاج الثقافات عنده ظاهر جلي، وقد ساعدته درايته باللغة، وإحاطته بالنحو والصرف، وإلمامه بالأدب على حل المشكلات التي تنشأ من الاختلاف في فهم النصوص.
وكان المشرف اليونيني يقرأ الحديث بين يدي شيخه ابن مالك، فإذا مر بهم لفظ يوهم ظاهره مخالفة قوانين العربية. سأله الشيخ: "هل الرواية فيه كذلك"؟
فإن أجاب بأنه منها شرع ابن مالك في توجيه الرواية، لتسير في ظلال القواعد العربية.
ومن ثم وضع كتابه المسمى "شواهد التوضيح، والتصحيح لمشكلات الجامع الصحيح" (٢).
وقد حفظ التاريخ ما كتبه ابن مالك على الورقة الأولى من
_________
(١) نفح الطيب ٧/ ٢٧٩، ٢٨٣ فوات الوفيات ٢/ ٢٣٧، دائرة معارف البستاني مجلد ١/ ٦٧٥.
(٢) القسطلاني على البخاري ١/ ١٤١.
1 / 22