139

Sharh Hudud

شرح حدود ابن عرفة

Publisher

المكتبة العلمية

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٣٥٠هـ

عَهْدَهُ وَحَارَبَ فَإِنَّ قِتَالَهُ لَيْسَ بِجِهَادٍ فَيَخْرُجُ مِنْ حَدِّهِ عَلَى أَصْلِ الْمَشْهُورِ فِي ذَلِكَ وَالْعَهْدُ الْمُرَادُ بِهِ مَا يَعُمُّ أَقْسَامَ الْعَهْدِ مِنْ الِاسْتِيمَانِ وَغَيْرِهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ مَا يَأْتِي لَهُ بَعْدُ فِي الْمُعَاهَدَةِ وَفِيهِ مَا لَا يَخْفَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ " لِإِعْلَاءِ كَلِمَةِ اللَّهِ " اُحْتُرِزَ بِهِ مِمَّا إذَا قَاتَلَ لِدُنْيَا أَوْ لِمَالٍ أَوْ حِمْيَةً فَلَيْسَ بِجِهَادٍ شَرْعِيٍّ كَمَا وَقَعَ فِي الْحَدِيثِ قَوْلُهُ " أَوْ حُضُورُهُ " أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الْجِهَادَ أَعَمُّ مِنْ الْمُقَاتَلَةِ أَوْ الْحُضُورِ لِلْقِتَالِ وَالضَّمِيرُ فِي الْحُضُورِ يَعُودُ عَلَى الْقِتَالِ وَضَمِيرُ لَهُ يَعُودُ عَلَى إعْلَاءِ أَوْ عَلَى الْقِتَالِ الْمُعَلَّلِ وَضَمِيرُ أَرْضِهِ يُحْتَمَلُ عَوْدُهُ عَلَى الْكَافِرِ وَلَهُ عَلَى الْقِتَالِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الضَّمِيرَ الْأَوَّلَ عَائِدٌ عَلَى الْقِتَالِ وَالثَّانِي لِلْقِتَالِ أَوْ لِإِعْلَاءِ الْكَلِمَةِ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ (فَإِنْ قُلْتَ) كَيْف جُعِلَ الْمَفْعُولُ كَلِمَةَ كَافِرًا وَقَدْ وَقَعَ رَعْيُ أَنَّ الْحَدَّ عِنْدَهُ أَعَمُّ مِنْ الْمَشْهُورِ وَغَيْرِهِ وَالْمَذْهَبُ أَنَّ جِهَادَ الْمُحَارِبِ جِهَادٌ (قُلْتُ) ذَلِكَ مُبَالَغَةٌ لَا حَقِيقَةٌ (فَإِنْ قُلْتُ) الْقِتَالُ الْمَذْكُورُ أَصْلُهُ الْمُفَاعَلَةُ فِي اللُّغَةِ فَهَلْ الْمَقْصُودُ هُنَا ذَلِكَ أَوْ لَيْسَ بِمَقْصُودٍ (قُلْتُ) الَّذِي كَانَ يَمُرُّ لَنَا أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِمَقْصُودٍ لِأَنَّ الْفِعَالَ قَدْ يُرَادُ بِهِ الْفِعْلُ وَإِلَّا كَانَ حَدُّهُ غَيْرَ مُنْعَكِسٍ بِمَا إذَا قُتِلَ كَافِرُ وَهُوَ قَائِمٌ أَوْ يُقَالُ الْمُرَادُ مِنْ شَأْنِهِ ذَلِكَ. (فَإِنْ قُلْت) لِأَيٍّ شَيْءٍ قَالَ لِإِعْلَاءِ كَلِمَةِ اللَّهِ وَلَمْ يَأْتِ بِعِلَّةٍ أَخَصَّ مِنْ ذَلِكَ (قُلْتَ) لِأَنَّهُ وَقَعَ فِي الْحَدِيثِ ذَلِكَ وَعُلِّلَ بِهِ ﷺ فَيَجِبُ التَّأَدُّبُ وَالِاتِّبَاعُ (فَإِنْ قُلْت) إنْ صَحَّ مَا ذَكَرْته فَإِنَّهُ وَقَعَ فِي الْحَدِيثِ أَخَصُّ مِنْ قَوْلِهِ فَإِنَّهُ عَلَّلَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ «مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا» وَهَذَا فِيهِ حَصْرٌ وَقَصْرٌ (قُلْنَا) ذَلِكَ زِيَادَةٌ فِي الْبَيَانِ لِمَا غَلَبَ مِنْ الشَّهْوَةِ فِي الْقِتَالِ لِلَّحْمِيَّةِ وَالْعِلَّةُ تُفِيدُ ذَلِكَ بِنَفْسِهَا كَمَا ذَكَرَ الشَّيْخُ ﵀ وَالْكَلِمَةُ الَّتِي أَشَارَ إلَيْهَا ﷺ الْمُرَادُ بِهَا الْكَلِمَةُ اللُّغَوِيَّةُ كَلِمَةُ الشَّهَادَةِ وَهِيَ الْمُشَارُ إلَيْهَا فِي قَوْله تَعَالَى ﴿تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ﴾ [آل عمران: ٦٤] الْآيَةُ " وَلَمْ يَقُلْ كَلِمَةِ الْإِسْلَامِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ هَارُونَ مُحَافَظَةً عَلَى مَا أَشَرْنَا إلَيْهِ مِنْ التَّعَبُّدِ وَذِكْرِ اسْمِ الْجَلَالَةِ فِي الرَّسْمِ لِلْبَرَكَةِ وَإِضَافَةٌ الْكَلِمَةِ إلَى اللَّهِ مَعْنَى ذَلِكَ الْكَلِمَةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ بِهَا وَمَا خَلَقَ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إلَّا لِأَمْرِهَا. (فَإِنْ قُلْتَ) هَلَّا اخْتَصَرَ الشَّيْخُ ﵀ ذِكْرً الْمُسْلِمِ كَمَا اخْتَصَرَهُ ابْنُ هَارُونَ فِي رَسْمِهِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ سَلَّمَهُ لَهُ وَمَا اعْتَرَضَ عَلَيْهِ إلَّا بِمَا ذَكَرَهُ وَإِنَّمَا اخْتَصَرَهُ لِأَنَّ إعْلَاءَ كَلِمَةِ الْإِسْلَامِ إنَّمَا يَكُونُ قَصْدًا مِنْ مُسْلِمٍ فَذَلِكَ كَمَا قِيلَ فِي الِاعْتِكَافِ أَنَّ الْقُرْبَةَ تَدُلُّ عَلَى الْإِسْلَامِ (قُلْتُ) هَذَا صَحِيحٌ لَكِنْ فِيهِ إيضَاحٌ وَبَيَانٌ وَفِيهِ بَحْثٌ (فَإِنْ

1 / 140