Sharh Hadith Nuzul
شرح حديث النزول
Publisher
المكتب الإسلامي،بيروت
Edition Number
الخامسة
Publication Year
١٣٩٧هـ/١٩٧٧م
Publisher Location
لبنان
قالوا: هو جسم كالهشامية والكرامية لا يفسرون كلهم الجسم بما هو مركب هذا التركيب، بل إنما نقل هذا عن بعضهم، وقد ينقل عن بعضهم مقالات ينكرها بعضهم، كما نقل عن مقاتل بن سليمان، وهشام بن الحكم مقالات ردية. ومن الناس من رد هذا النقل عن مقاتل بن سليمان فرده كثير من الناس. وأما النقل عن هشام فرده كثير من أتباعه.
ومن قدر أنه قال ذلك من الناس، فقوله باطل كسائر من قال على الله الباطل، كما حكي عن بعض اليهود والرافضة والمجسمة، وإنهم يصفونه بالنقائص التي تعالى الله عنها، كوصفه أنه أجوف، وأنه بكى حتى رمد وعادته الملائكة، وعض أصابعه حتى خرج منها الدم، وأنه ينزل عشية عرفة على جمل أوْرَق [أي: في لونه بياض إلى سواد، وهو من أطيب الإبل لحْمًا لا سيْرًا وعملا] .
وأمثال هذه الأقوال التي فيها الافتراء على الله - تعالى - ووصفه بالنقائص، ما يعلم بطلانه بصريح المعقول وصحيح المنقول.
وهكذا إذا قال القائل: إنه لو نزل إلى سماء الدنيا، للزم الحركة، والانتقال والحركة والانتقال من خصائص الأجسام، أو قال: للزم أن يخلو منه العرش وذلك محال؛ فإن للناس في هذا ثلاثة أقوال:
أحدها: قول من يقول: ينزل وليس بجسم.
وقول من يقول: ينزل وهو جسم.
وقول من لا ينفي الجسم ولا يثبته، إما إمساكًا عنهما؛ لكون ذلك بدعة وتلبيسًا كما تقدم، وإما مع تفصيل المراد، وإقرار الحق وبطلان الباطل، وبيان الصواب من المعاني العقلية التي اشتبهت في هذا؛ مثل أن يقال: النزول والصعود والمجيء والإتيان، ونحو ذلك، مما هو أنواع جنس الحركة، لا نسلم أنه مخصوص بالجسم الصناعي الذي يتكلم المتكلمون في إثباته ونفيه، بل يوصف به ما هو أعم من ذلك. ثم هنا طريقان:
أحدهما: أن هذه الأمور توصف بها الأجسام والأعراض فيقال: جاء البرد وجاء الحر، وجاءت الحمى، ونحو ذلك من الأعراض. وإذا كانت الأعراض توصف بالمجيء
1 / 81