154

Sharḥ Fuṣūl Abūqurāṭ

شرح فصول أبقراط

الشرح: يشبه أن يكون ترتيب هذا الفصل بعد الذي بعده، ويكون تقدمه لغلط من النساخ، إذ الغرض منه ذكر مقدار ما يستفرغ بعد الكلام في وجوب الاستفراغ وبيان جهته. وقد كان ذكر هذا في المقالة الأولى، إلا أنه لم يكن استقصى ذكر العلامات A الدالة على ذلك، وفي هذا يشير إلى علامة زائدة. ونقول: الغالب من الأدوية المستفرغة أنه ما دام بعد في البدن بقية من الخلط المستفرغ، فإن البدن لم يغرض له جفاف بسبب الاستفراغ، وكيف يحصل الجفاف والرطوبات أزيد مما ينبغي، وما لم يقع جفاف من الاستفراغ لم يكن للعطش موجب من جهة الاستفراغ، بل يتفق أن يكون له موجب لا من جهته كحرارة الدواء أو يبوسته أو حرارة المعدة أو يبوستها أو حدة الخلط المستفرغ، فيعطش بمروره على الأعضاء. وأما من جهة الاستفراغ فإنه لا يكون له موجب، فإذا مهما بقى من الخلط المقصود استفراغه بقية لم يحصل العطش من جهة الاستفراغ. والغالب من حال الأدوية المسهلة أنه مهما بقى في البدن من الخلط المستفرغ بقية، فإنه في الأكثر لا ينقطع فعله، فإذا لم يحصل عطش من جهة الاستفراغ ففي الأكثر لا ينقطع فعل الدواء، إلا أن يحصل العطش، فتكون تلك البقية قد استفرغت ونقى البدن، وحينئذ يجب أن ينقطع B فعله لأن الغالب من حال الأدوية أنه إذا نقى البدن من الخلط المقصود استفراغه بطل فعله، وهذا الحكم أكثري. وإذا ثبت هذا فيكون العطش الحادث من جهة الاستفراغ علامة على وجوب قطع فعل الدواء، فإذا لم ينقطع من ذاته وجب قطعه بالصناعة، فتكون هذه علامة أخرى على النقاء (183) وعلى مقدار ما ينبغي أن يستفرغ، وسواء كان ذلك بقيء أو إسهال. وأقول: إن النعاس والنوم في حكم ذلك أيضا، فمتى قوى ذلك بعد الإسهال أو القيء دل (184) على النقاء وعلى فراغ الطبيعة مما ينبغي إخراجه. وسبب النوم طلب الطبيعة الاجتماع والراحة لتتدارك بذلك ما حصل لها من الضعف بالتحلل والتعب. واعلم أنه كما أن من الأسباب ما يعجل العطش، وهي التي ذكرناها كذلك؛ منها ما يوجب تأخير العطش، وهي مقابلات تلك الأشياء المذكورة.

[aphorism]

Page 184