الشرح: هذا الفصل في معنى الفصول المتقدمة، وهو ترجيح الاختيار لنوع من الاستفراغ بسبب أمر مرضي، وكان ينبغي أن يتصل بفصل: "من احتاج أن يسقى الخربق". إلا أنه لما تعرض لذكر الخربق ذكر جملة من أحكامه. والامتناع من الطعام هو بطلان الشهوة، وقد يكون لأخلاط رديئة في المعدة تشوق الطبيعة إلى الدفع لا إلى الجذب. وقد يكون لانقطاع انصباب السوداء المنبه على الجوع، ومثل هذا إذا استعمل حامضا قويت شهوته. A وقد يكون من قلة الدم، كما يكون لبعض الناقهين. وقد يكون لعقد التحلل، كما يعرض لكثيري السكون. وقد يكون لغير ذلك، إلا أن هذه الأعراض الباقية لا تكون إلا لما يكون ذلك الخلط ردئ في المعدة. ويريد بالفؤاد هاهنا فم المعدة لأنه جرت العادة بأن يسمى فؤادا، بل قد يسمى قلبا ويسمى القلب فم المعدة إما على سبيل المجاز للمشاركة بينهما بينهما في أمور او على سبيل اشتراك الاسم. والنخس يدل على مادة لذاعة. والسدر يدل على مادة أبخرة كثيرة في الدماغ، إما متولدة فيه نفسه أو متصعدة إليه من المعدة، ومع هذه الأعراض الظاهر أنها تكون من المعدة. والسدر هو ظلمة تغشى البصر عند القيام. وأما مرارة الفم فتدل على خلط صفراوي في المعدة، ولا شك أنه حينئذ يكون الواجب الاستفراغ بالقئ ضرورة وجوب استفراغ المواد من الجهة التي هي إليها أميل، فإن قيل: فإذا كانت هذه الأعراض تدل على وجوب الاستفراغ بالقئ، فأي فائدة B في قوله: من لم تكن به حمى. قلنا: الفائدة في ذلك من وجهين: أحدهما: إن الحمى إذا كانت موجودة فقد لا تدل هذه الأعراض على وجوب القئ، لأن الحمى قد يلزمها ذلك من غير كون المواد متحركة إلى فوق؛ لأن الحمى بتبخيرها قد يلزمها ذلك. وثانيها: إن الحمى لا يجوز أن تستفرغ مادتها بالقئ، وإن كانت هذه الأعراض حاصلة والمواد متحركة إلى فوق؛ لأن تنقية القئ للعروق قليلة، ومادة الحمى تكون إما في العروق أو أبعد منها إذا كانت عفونتها خارج العروق.
[aphorism]
قال أبقراط: الأوجاع التي فوق الحجاب تدل على الاستفراغ بالدواء من فوق، والأوجاع التي تحت الحجاب تدل على الاستفراغ بالدواء من أسفل.
[commentary]
Page 182