Sharh Fusul Abuqrat
شرح فصول أبقراط
Genres
* بسم الله الرحمن الرحيم
* قال مولانا الإمام العالم الحكيم الفاضل علاء الدين أبو الحسن بن النفيس بن أبي الحرم القرشي أدام الله تعالى تأييده: إن (1) * ما قد سلف من شروحنا لهذا الكتاب فإن نسخه تختلف بحسب اختلاف أغراض الطالبين، وهذه النسخة إنما نتبع فيها ما نراه لائقا بالشروح ورائقا في التصنيف. وأما نصرة الحق وإعلاء مناره، وخذلان الباطل وطمس آثاره، فأمر قد (2) التزمناه في كل فن، والله يوفقنا لذلك بكرمه ومنه (3).
[المقالة الأولى]
[aphorism]
قال أبقراط: العمر (4) قصير، والصناعة طويلة، والوقت ضيق، والتجربة خطر (5)، والقضاء عسر؛ وقد ينبغي لك أن لا تقتصر على توخي (6) PageVW0P001A فعل ما ينبغي دون أن يكون ما يفعله المريض ومن يحضره كذلك، والأشياء التي من خارج.
[commentary]
الشرح: العمر هو مدة الحياة، وقد برهنا في كثير من كتبنا على تناهيه، وأما تحديده وقصره فلم نقف لهما على برهان لمي، لكن PageVW2P002A الاستقراء دل على أن غالبه ما بين ستين وسبعين سنة، وأنه لا يتجاوز مائة وعشرين (7) سنة إلا نادرا. والصناعة ملكة نفسية يقتدر بها على استعمال موضوعات نحو غرض من الأغراض على سبيل الإرادة صادرة عن بصير بحسب الممكن فيها. ومراده بالصناعة (8) الطب، لأن الألف واللام ههنا إنما يمكن أن تكون للعهد. وإنما كان الطب (9) طويلا لأن مسائله تتغير بتغيرات أبداننا وهي متجددة (10) على اللحظات ضرورة استمرار التحلل والتغذي، ويلزم ذلك (11) تغير الكم والكيف. والطول والقصر قد يقالان بالإضافة (12) وقد يقالان مطلقا، كقولنا: إن الزمان طويل، وهو المراد ههنا، * فإن العمر قصير في نفسه والطب طويل في نفسه، PageVW0P001B ويلزم (13) ذلك أن يكون كل واحد منهما كذلك (14) PageVW1P001A بالنسبة إلى الآخر. وقيل: المراد أن العمر قصير بالنسبة إلى الصناعة، والصناعة طويلة في نفسها، وهو ظاهر كلام جالينوس، وما ذكرنا أكثر PageVW2P002B فائدة. ومراده بالوقت الزمان الذي يتمكن الإنسان من صرفه إلى الاشتغال بالصناعة، وعبر عنه بالوقت لإفراط قصره. وقيل: مراده الزمان الذي يمكن بقاء البدن فيه على حاله، ويتجه ذلك إذا كان المراد الدلالة على طول الصناعة. وأما خطر التجربة فلشدة (15) قبول أبداننا (16) للفساد، مع شرفها. والتجربة امتحان فعل ما يورد على البدن، إما لتحقيق دلالة القياس، كما (17) إذا دل قياس على برودة دواء، فأردنا تحقيق (18) ذلك بامتحانه، أو بغير (19) ذلك، فيكون الخطر أشد. وأما عسر القضاء، والقضاء هو الحكم، فقيل: أراد الحكم على المريض بما يؤول إليه أمره (20) من صحة أو عطب. وقيل: أراد الحكم بموجب التجربة. وقيل: أراد بالقضاء القياس، وعبر عنه بالقضاء لأنه يلزمه القضاء بموجبه، ويكون الغرض بذلك الدلالة على صعوبة درك هذه [C5DK4 2a] الصناعة؛ لأن اكتسابها إنما يتم بالتجربة وهي خطرة، وبالقياس وهو عسر. PageVW2P003A وأما باقي الكلام فقد قيل: هو فصل مستقل. وقيل: الجميع فصل واحد. قال جالينوس: سواء كان الكل فصلا واحدا أو فصلين، فليس الباقي على نهج الأول، إذ الأول أخبار، والثاني مشورة. أقول: إن ظاهره وإن كان مشورة فليس المقصود به المشورة، بل أن يبين به صعوبة استعمال هذه الصناعة، كأنه قال: ومع كون هذه الصناعة طويلة، والعمر يقصر عنها، والوقت الذي تستحصل فيه ضيق واكتسابها بالتجربة خطر وبالقياس عسر؛ فاستعمالها عسر أيضا، إذ لا يكفي فيه الاقتصار على فعل ما يفرغ العمر في تعلمه، بل يحتاج مع ذلك [L4 1b] إلى مراعاة أمور غير مضبوطة، كشهوة المريض وأخلاقه، وحال من يحضره من الخدم والعواد، وغير ذلك حتى قد (21) يحتاج الطبيب في مراعاة هذه إلى خروج عن موجب الصناعة، كما إذا علم أن المريض، لقوة شهوته أو لسخافة عقله، لا يقتصر على قدر الواجب من الغذاء، وإذا لم (22) PageVW2P003B يصف له [C5DK4 2b] أزيد من ذلك أقدم على أغذية رديئة مضرة (23)، فيجب عليه حينئذ الزيادة على مقتضى الصناعة. فإن قيل: جرت العادة في أوائل الكتب أن تمدح الصناعة ويرغب فيها، وكلام أبقراط ينافي ذلك. أجاب بعضهم بأن مراد أبقراط الصد عن تعلم الطب وهو قبيح، وقيل بل إقامة عذره في تصنيف الكتب لأن عمر الإنسان لا يفي بابتداع الصناعة الطويلة. وقيل: بل إقامة عذره في تصنيف هذا الكتاب فصولا، ليكون أسهل ضبطا. وقيل: بل إقامة عذر الطبيب إذا أخطأ. وقيل : بل ليحث المتعلم. وقيل: بل ليمتحن همة (24) الطالب، والكل حسن.
[aphorism]
Unknown page
قال أبقراط (25): إن كان ما يستفرغ من البدن عند استطلاق البطن والقيء اللذين يكونان طوعا من النوع الذي ينبغي أن ينقى منه البدن نفع ذلك وسهل احتماله، وإن لم يكن كذلك كان الأمر على الضد. وكذلك خلاء العروق فإنها إن خلت من النوع الذي ينبغي أن يخلو (26) منه البدن (27) نفع PageVW2P004A ذلك وسهل PageVW0P004A احتماله، وإن لم يكن كذلك كان الأمر على الضد. وينبغي أيضا أن تنظر (28) في الوقت الحاضر من أوقات السنة، وفي البلد، وفي السن وفي العادة (29)، وفي جميع (30) الأمراض، هل يوجب استفراغ ما هممت باستفراغه أم لا؟
[commentary]
الشرح (31): مهما خرج من البدن شيء وكان من النوع الذي ينبغي أن يخرج منه PageVW1P002A نفع (32) البدن؛ لأنه إنما يكون كذلك إذا صار (33) ضارا بالبدن، إما بجوهره كالحصاة والثفل والرطوبة العفنة، أو بكيفيته كالرطوبة الحارة والباردة، أو بكميته كالدم الكثير، وغير ذلك، وكان خروجه سهلا محتملا فلا يعرض منه ضعف شديد ولا انخزال من الطبيعة؛ لأنها تكون مساعدة على خروجه غير متشبثة به تشبثها بالنافع. ويستثنى (34) من هذا صورتان، إحداهما (35): أن يكون الخارج كثيرا جدا، وقد خرج دفعة واحدة، فيشتد الضعف ويعرض الغشي، ولو كان في غاية الرداءة كما في مادة الاستسقاء؛ وسبب ذلك أن كل رطوبة في البدن فلا PageVW2P004B بد PageVW0P004B وأن تكون الطبيعة متصرفة فيها تصرفا ما لئلا يشتد فسادها فلابد وأن تخالطها أرواح تحمل القوى المتصرفة فيها؛ فإذا خرج منها شيء كثير دفعة # لزم ذلك خروج أرواح كثيرة دفعة (36) فيشتد الضعف، لا لخروج (37) الضار، بل لخروج (38) النافع، وهو الروح. وثانيها: أن يعرض عن المادة الخارجة ضرر بتحركها (39)، كثوران حرارة وحمى يومية، وإعياء في الأوعية، وسحج في الأمعاء؛ وذلك أيضا بالعرض. ومهما كان الخارج من غير ذلك النوع ضر خروجه؛ لأنه إنما يكون كذلك إذا كان مما ينتفع به البدن (40)، وخروج النافع ضرر لا محالة، والطبيعة تكون متشبثة به، وإنما يخرج إذا عجزت الطبيعة (41) عن إمساكه، وإنما يكون ذلك لإنقائها (42)؛ فلذلك يكون خروجه غير محتمل. ولا يختلف ذلك سواء كان خروج الخارج طوعا أي من تلقاء نفسه من غير إيراد على البدن ما يحوج إلى إخراجه، وسواء كان ذلك من مخرج طبيعي ومحسوس كما عند استطلاق البطن، أو غير PageVW2P005A محسوس كما عند العرق، أو غير طبيعي وهو (43) منفذ طبيعي PageVW1P002B كما عند PageVW0P005A القيء، أو ليس كذلك كما عند الفصد. وإذا كان كذلك، فأي استفراغ نفع وسهل احتماله فهو من النوع الذي ينبغي أن يخرج، إذ لو كان من غير ذلك النوع لضر وعسر احتماله. وأي استفراغ ضر وعسر احتماله فليس من النوع الذي ينبغي أن يخرج (44)، وإلا نفع وسهل احتماله فيكون الانتفاع بالاستفراغ والتضرر به دليلا على نوعه، وإنما يتحقق الاستدلال بذلك بعد الاستفراغ. وأما ما يستدل به قبل ذلك، فهو كالوقت الحاضر من أوقات السنة، والبلد، والسن، والمرض، وما أشبه ذلك؛ والمرض أقوى في الدلالة. ولذلك (45) لو مرض الشيخ في الشتاء وفي بلد بارد مرضا صفراويا، استفرغناه (46) الصفراء دون البلغم. وإنما ابتدأ (47) أبقراط بهذا الفصل لأمرين: أحدهما: إنه تضمن الدلالة على أن الطب حق، وبيان ذلك أن البدن إذا خرج منه الضار (48) طوعا انتفع به، وذلك لا لكونه طوعا، بل لكون الخارج PageVW2P005B ضارا، فيكون إخراج الضار بطريق الصناعة نافعا أيضا. وكذلك خروج النافع طوعا ضار، لا لكونه طوعا، بل لأنه PageVW0P005B نافع. فمهما خرج النافع ضر فإذا أخرج بالصناعة ضر، فيكون الفعل الصناعي نافعا للبدن تارة وضارا أخرى. ولا معنى لكون (49) الطب حقا إلا ذلك. وهذه (50) فائدة ذكر أبقراط للاستفراغ (51) الطوعي أولا، ثم ذكر الصناعي وعبر عنه بخلاء العروق، لأن غالب الاستفراغ الصناعي (52) يكون بالفصد وبالدواء المستفرغ،وكل ذلك يلزمه خلاء العروق. وأما تخصيصه (53) الطوعي باستطلاق البطن PageVW1P003A والقيء؛ فلأن هذين النوعين يلزمهما كون الخارج من النوع (54) الذي ينبغي، وكونه من غير ذلك النوع بخلاف العرق والإدرار والرعاف فإنها في الأكثر إنما تكون مما ينبغي . والأمر الثاني: إن هذا الفصل اشتمل على قاعدة ينبغي أن تقدم، لأنه يفهم منه أن الطبيب ينبغي له أن يفعل فعلا يوافق فعل (55) الطبيعة، بل الأنفع (56). وإنما بين ذلك بالاستفراغ ؛ لأنه PageVW2P006A يتكلم (57) أولا في الأغذية، والاستفراغ متقدم عليها؛ لأن الغذاء خلف لما يتحلل، والتحلل استفراغ.
[aphorism]
قال أبقراط (58): PageVW0P007A خصب البدن المفرط لأصحاب الرياضة خطر، إذا كانوا قد بلغوا منه الغاية القصوى، وذلك أنه لا يمكن أن يثبتوا (59) على حالهم تلك ولا يستقروا. ولما كانوا لا يستقرون ولم يمكن أن يزدادوا صلاحا، فبقى أن يميلوا إلى حال هي (60) أردأ؛ فلذلك ينبغي أن ينقص (61) خصب البدن بلا تأخير كيما يعود البدن فيبتدئ في قبول الغذاء، ولا يبلغ في (62) استفراغه الغاية القصوى فإن ذلك خطر، لكن بمقدار احتمال طبيعة البدن الذي يقصد إلى استفراغه. وكذلك أيضا كل استفراغ يبلغ فيه الغاية القصوى فهو خطر، وكل تغذية أيضا (63) هي عند الغاية القصوى فهي خطر.
[commentary]
الشرح (64): إن أبقراط يريد أن يتكلم في قوانين التغذية، وفي هذا الكتاب إنما ينتقل (65) من فن إلى آخر بفصل يشترك فيه الأمران، وكان هذا الفصل أولى لاشتماله على بيان قاعدة يجب تقديمها وهي أن PageVW2P006B الإفراط مذموم ولو كان تابعا لفعل الطبيعة كما في الخصب المفرط، ومعنى الفصل أن PageVW0P007B الخصب المفرط خطر لأصحاب الرياضة، أي الذين حرفهم الرياضة كالمصارعين؛ وذلك لأمرين، أحدهما: إن الرياضة وخصوصا رياضة هؤلاء شديدة التسخين، وذلك موجب لانبساط (66) PageVW1P003B الرطوبات، وإذا ازداد حجمها فلابد وأن تحتاج إلى زيادة في تجاويف المجاري وذلك غير ممكن إذ (67) كانوا قد بلغوا في الخصب الغاية القصوى، فيضطر (68) ذلك إما إلى انشقاق عرق، أو إلى انصباب الدم إلى بعض الأفضية، ولا شك أن الأمر يكون حينئذ خطرا. وثانيهما: ما يستعملونه من الغذاء في الأكثر لا ينفذ (69) في (70) عروقهم لفرط امتلائها ويفسد ويفسد الأخلاط، وإذا كان كذلك فينبغي أن يبادر إلى استفراغ هؤلاء لأمرين: أحدهما: ليؤمن ما ذكرناه. وثانيهما: ليتمكن البدن من استعمال الوارد فلا يعرض له فساد. وينبغي أن يكون استفراغ هؤلاء وغيرهم بغير إفراط، فإن المفرط PageVW2P007A مضعف لما يلزم ذلك (71) من إخراج كثير من الأرواح كما بيناه في الفصل المتقدم، بل ينبغي أن يقدر (72) PageVW0P008A الاستفراغ في كل بدن بالقدر الذي يحتمله ذلك البدن؛ وذلك أن الأبدان منها متخلخلة لا تحتمل من (73) الاستفراغ إلا القليل، ومنها ملززة فتحتمل ما هو أزيد من ذلك (74). وليس الخطر في الإفراط مختصا بالاستفراغ، بل والتغذية كذلك أيضا، فإن الغذاء المفرط في الكثرة يعسر انهضامه ويفسد، والمفرط في القلة يجف معه البدن ويهزل. قوله: "وذلك أنه لا يمكن أن يثبتوا (75) على حالهم تلك ولايستقروا" معناه أنهم عند الحركة أو عند تناول الغذاء كما قلنا لا يمكن أن يثبتوا على حالهم (76) تلك، أي حال أبدانهم في صلاحها، ولا تستقر رطوباتهم على حالها. ومراده أن ذلك في أكثر الأمر يكون كذلك، أي أن ما (77) قلناه من السبب هو (78) في أكثر الأمر مانع من الثبات والاستقرار (79)، ولا يمنع (80) ذلك إمكانها (81) بحسب الذات. * قوله: "وليس يمكن أن يزدادوا صلاحا" أي ومع كون ذلك الثبات والاستقرار لا ينفع، فليس أيضا يمكن أن تزداد أبدانهم صلاحا، أي خصبا، لأن زيادة الخصب عند هؤلاء صلاح، وإنما PageVW0P008B لا يمكن ذلك؛ لأن الفرض أن الخصب قد بلغ الغاية القصوى (82). قوله: PageVW2P007B "فبقى أن يميلوا إلى حال هي أردأ" لقائل أن يقول: PageVW1P004A إن هذا غير لازم لأن هؤلاء قد يعرض لهم حينئذ رعاف متوسط فينتفعون به، وحينئذ يكون حالهم أصلح. قلنا: مسلم، ولكن هذا الرعاف إنما يكون بعد حركة الرطوبات وانبساطها، ولا شك أن الحال حينئذ تكون رديئة وإن أعقبها الصلاح بالرعاف ونحوه. قوله: "كيما يعود البدن فيبتدئ في قبول الغذاء" يريد بقبول الغذاء كون البدن يتلقاه بالقبول والمحبة، لا أنه (83) حينئذ يبتدئ في كونه قابلا (84)، أي آهلا له (85)، فإن ذلك ثابت له دائما.
[aphorism]
Unknown page
قال أبقراط (86): التدبير البالغ في اللطافة عسر مذموم في جميع الأمراض المزمنة لا محالة. والتدبير الذي يبلغ فيه الغاية القصوى من اللطافة في الأمراض الحادة، إذا لم تحتمله قوة المريض (87)، عسر مذموم.
[commentary]
الشرح (88): [C5DK4 9a] إن أبقراط في هذا الكتاب يتكلم (89) في الأسباب والعلامات، وفي شيء يسير من المعالجات، والكلام في التغذية أهم؛ لأن بها بقاء القوة (90)، وأهم ذلك الكلام في أغذية المرضى PageVW2P008A لأن تقديرها فيهم غير منوط (91) بالشهوة كما في الأصحاء. وهذا الفصل أولى بالتقدم، لتضمنه معنى منع الإفراط. والتدبير في اللغة التصرف، والأطباء يطلقونه على معنيين، أحدهما: التصرف في الأسباب الضرورية؛ لأنها أولى بأن يتصرف فيها. وثانيهما: التصرف في الغذاء من جهة ما يقل (92) ويكثر ويلطف ويغلظ؛ لأنه أولى بأن يتصرف فيه من باقي الضروريات، وهذا مراد أبقراط ههنا. والتدبير البالغ في اللطافة هو كتغذية الصحيح بالفراريج ومرقة اللحم، والمريض بماء الشعير أو السويق؛ وهذا في جميع الأمراض المزمنة، وهي التي تمتد إلى الأربعين (93) يوما، فما زاد عسر مذموم؛ لأن هذه الأمراض تكون موادها غليظة عسرة الانفعال [L4 4b] محوجة إلى تعب الطبيعة، فلا تتمكن من دفعها إلا إذا كانت قوية جدا، PageVW0P009B وذلك (94) مما لا يمكن في المدة الطويلة بهذا التدبير.والتدبير الذي يبلغ فيه الغاية القصوى من اللطافة هو كالتغذية في PageVW2P008B الصحة بأمراق الدجاج وأطراف الفراريج وفي المرض بالجلاب وماء الشعير الرقيق جدا. وهذا وإن جاز في بعض الأمراض الحادة، وهي الخطرة القصيرة المدة، إلا أنه إذا لم تحتمله قوة المريض عسر مذموم، أي إذا لم يحتمل (95) أن يبقى به عند المنتهي وافية بدفع المرض، وإنما لم تحتج إلى هذا الشرط في الأمراض المزمنة، لأنه لا يوجد فيها ما تحتمل فيه القوة التدبير البالغ في اللطافة في جميع الأمراض (96). ورداءة هذين التدبيرين في حال الصحة أكثر؛ لأن قوى الصحيح متوفرة على تدبير الغذاء.
[aphorism]
قال أبقراط (97): في التدبير اللطيف قد يخطيء المرضى (98) على أنفسهم خطأ يعظم ضرره عليهم، وذلك أن جميع ما يكون منه من الخطأ أعظم ضررا مما يكون منه في الغذاء الذي له غلظ يسير. ومن قبل ذلك صار التدبير PageVW0P010A البالغ في اللطافة في الأصحاء أيضا خطرا، لأن احتمالهم لما يعرض من خطئهم أقل؛ ولذلك صار التدبير البالغ في اللطافة PageVW2P009A في أكثر الحالات أعظم خطرا من التدبير الذي هو أغلظ قليلا.
[commentary]
الشرح (99): كما أن تلطيف التدبير إذا لم تحتمله القوة عسر مذموم، كذلك إذا لم تحتمله الشهوة وإن احتملته القوة، فكثيرا ما يعرض للمرضى عند تلطيف الأطباء تدبيرهم أن تدعوهم الشهوة إلى الإقدام على (100) أغذية رديئة، فيشتد تضررهم (101) بها، وذلك لأجل تضررهم بأضرارها مع قوة شهوتهم، ولو كان (102) الأطباء غلظوا تدبيرهم بأكثر مما ينبغي (103) لأغناهم ذلك عن الإقدام على تلك الأغذية (104). قوله: "ومن قبل هذا PageVW1P005A صار التدبير البالغ في اللطافة في الأصحاء أيضا خطرا" الإشارة (105) بقوله هذا إلى ما قاله في الفصل المتقدم، كأنه قال: ومن قبل أن تلطيف التدبير في الأمراض المزمنة رديء وفي الأمراض الحادة PageVW0P010B أيضا إذا لم تحتمله القوى، مع أن (106) المرض ينبغي فيه التلطيف، فالتدبير (107) البالغ في اللطافة في الأصحاء لا شك أنه خطر؛ لأن احتمال الأصحاء لما يعرض من الخطأ بتلطيف التدبير PageVW2P009B أقل، ولهذا لا يتمكن (108) الصحيح من الصبر على ترك الغذاء كما يتمكن المريض. قوله: "ولذلك صار التدبير البالغ في اللطافة في أكثر الحالات أعظم خطرا من التدبير الذي هو أغلظ قليلا" إنما كان ذلك هو الأكثر لأن أكثر الأبدان صحيحة، وبعض الأمراض مزمنة، وبعضها حادة لا تحتمل القوة فيه المبالغة في التلطيف، وبعضها لا تحتمل الشهوة فيه ذلك. وقد فهم هذا الفصل على وجه آخر وهو أن الخطأ في (109) التدبير المائل إلى اللطافة أعظم خطرا من الخطأ المائل إلى الغلظ، وهو غلط؛ فإن الغذاء القليل يمكن تدارك الخطأ فيه بإيراد غذاء آخر، ولا كذلك الغذاء الزائد، ومع ذلك (110) فإنه يفسد ويفسد الأخلاط. ولهذا
قال أبقراط في كتاب تدبير الأمراض الحادة: PageVW0P011A وقد (111) ينبغي أن يكون انتقالك إلى الزيادة أقل كثيرا؛ وذلك لأن النقصان بالجملة أنفع في أكثر الأمر (112).
Unknown page
[aphorism]
قال أبقراط (113): أجود التدبير في الأمراض التي في الغاية PageVW2P010A القصوى، التدبير الذي في الغاية القصوى.
[commentary]
الشرح (114): لولا اشتغال أبقراط بتقدير رداءة الإفراط لكان الأولى تقديم (115) هذا الفصل، لأن تعرف النافع والمحمود قبل تعرف الضار والمذموم، لأن الأول يعرف ليستعمل والثاني ليجتنب. والتدبير يكون في الغاية PageVW1P005B القصوى إما في اللطافة، أو في الغلظ، أو القلة، أو الكثرة، وغير ذلك. وكذلك المرض يكون في الغاية القصوى إما في الشدة، أو في اللين، أو في القوة، أو في الحدة، وغير ذلك. لكن العادة جرت أن لا يقال ذلك في أغذية المرضى إلا من جهة اللطافة، ولا في الأمراض عندما يراد تدبيرها PageVW0P011B بالغذاء إلا في الحدة؛ فلذلك ينبغي أن يكون المراد (116): أجود التدبير في الأمراض * التي في الغاية القصوى من الحدة، التدبير الذي في الغاية القصوى من اللطافة (117). وذلك لأن المرض إنما يكون كذلك إذا كان ينقضي في الرابع فما دونه، والظاهر أن القوة في هذه المدة لا تخور بمثل هذا PageVW2P010B التدبير. أبقراط (118): وإذا كان المرض حادا جدا، فإن الأوجاع التي في الغاية القصوى تأتي فيه بدئا، فيجب ضرورة أن يستعمل فيه التدبير الذي (119) في الغاية القصوى من اللطافة. فأما إذا لم يكن كذلك، لكن كان يحتمل من التدبير ما هو أغلظ من ذلك، فينبغي أن يكون الانحطاط على حسب لين المرض ونقصانه عن الغاية القصوى. وإذا بلغ المرض منتهاه، فعند ذلك يجب ضرورة أن يستعمل فيه التدبير الذي (120) في الغاية القصوى من اللطافة. PageVW0P012A
[commentary]
الشرح (121): لنقدم قبل الشرح (122) مقدمات: الأولى: المرض الحاد بقول مطلق هو ما من شأنه الانقضاء في أربعة عشر يوما، والقليل الحدة ما يبقى فيما بعد ذلك إلى سبعة وعشرين يوما، وحاد المزمنات ما ينقضي فيما بعد ذلك إلى الأربعين، والحاد جدا ما ينقضي فيما بين التاسع (123) والحادي PageVW1P006A عشر، والحاد في الغاية ما ينقضي فيما بين الرابع والسابع، والحاد في الغاية القصوى ما ينقضي في الرابع فما دونه. الثانية (124): PageVW2P011A الغذاء اللطيف منه لطيف مطلقا كلحم الجداء وأطراف الضأن للأصحاء، وأطراف الفراريج للمرضى. ومنه لطيف جدا كالدجاج وأطراف الأجدية للأصحاء، وأمراق الفراريج وثخين ماء الشعير للمرضى. واللطيف في الغاية كالفراريج ومرقة اللحم للأصحاء، والسويق وماء الشعير المتوسط للمرضى. واللطيف في الغاية القصوى كأمراق الدجاج وأطراف الفراريج للأصحاء، والجلاب وماء الشعير الرقيق للمرضى. الثالثة (125): PageVW0P012B كل مرض يحدث شيئا فشيئا فله أربعة أوقات، لأنه إذا ظهر فإما أن (126) يكون في حال يظهر فيها اشتداده أو انتقاصه، أو لا يظهر فيها واحد منهما. والأول وقت التزيد، والثاني وقت الانحطاط، والثالث إن كان قبل التزيد فهو وقت الابتداء، وإن كان بعده فهو وقت (127) الانتهاء. الرابعة (128): الابتداء يقال على ما ذكرناه، # ويقال على أول زمان حدوث المرض (129)، ويقال على الأيام الثلاثة الأول (130). والأوجاع التي في الغاية القصوى هي أعراض المنتهي، وهي تأتي في الأمراض الحادة جدا PageVW2P011B بدئا أي في الأيام الثلاثة الأول، أي (131) أنها تبتدئ من حينئذ، ويجب أن يكون التدبير بالغذاء حينئذ التدبير الذي هو في الغاية القصوى من اللطافة لئلا يزيد في شدة الأعراض، ولئلا تشتغل الطبيعة عن تدبير دفع المرض. فأما إذا لم يكن المرض كذلك وكان يحتمل من التدبير في الأيام الثلاثة الأول ما هو أغلظ من ذلك، وذلك إذا لم تأت (132) هذه الأوجاع فيه في هذه المدة، وإنما يكون كذلك إذا كان ألين (133) من الحاد جدا، PageVW0P013A كالحاد بقول مطلق وما بعده فيجب أن يكون تدبيره PageVW1P006B في تلك الأيام منحطا عن ذلك التدبير بقدر لين المرض وانحطاطه حينئذ عن الغاية القصوى من الشدة التي تكون عند حصول تلك الأوجاع. وإذا بلغ هذا المرض منتهاه وجب تدبيره حينئذ بما هو في الغاية القصوى من اللطافة، فيكون التدبير في منتهي هذا المرض كالتدبير في أول ظهور تلك الأوجاع، وهو أول زمان المنتهي، لأن زيادة الحدة PageVW2P012A توجب زيادة التلطيف.
[aphorism]
قال أبقراط (134): وينبغي أيضا أن تزن قوة المريض، فتعلم إن كانت (135) تثبت إلى وقت منتهي المرض، وتنظر # أي الأمرين كائن (136) أقوة المريض تخور قبل منتهي (137) المرض ولا تبقى على ذلك الغذاء أم المرض يخور (138) قبل وتسكن عاديته.
[commentary]
Unknown page
الشرح (139): وزن القوة هو اعتبار حالها في القوة والضعف، والغرض به أمران: أحدهما: إنها هل تثبت إلى وقت المنتهي؟ أي أنها تكون حينئذ وافية بدفع المرض، PageVW0P013B فيسلم المريض، وإلا فيعطب. وثانيهما: ليعلم أن الغذاء المستعمل هل (140) تخور القوة معه، بحيث لا تبقى عند المنتهي وافية بدفع المرض، وذلك لزيادة لطافته، فينبغي أن يغلظ؛ أو المرض يخور معه قبل خور (141) القوة وتسكن عاديته فيقتصر عليه ولا يزاد.
[aphorism]
قال أبقراط (142): والذين يأتي منتهي مرضهم بدئا فينبغي أن يدبروا بالتدبير اللطيف بدئا، والذين يتأخر منتهي مرضهم فينبغي أن يجعل تدبيرهم في ابتداء أمراضهم أغلظ ثم ينقص من غلظه PageVW2P012B قليلا قليلا كلما قرب منتهي المرض، وفي وقت منتهاه بمقدار ما تبقى قوة المريض عليه، وينبغي أن يمنع من الغذاء في وقت منتهي المرض فإن الزيادة فيه مضرة.
[commentary]
الشرح (143): ينبغي أن يكون المراد ههنا بقوله "بدئا" أي (144) متقدما، لا ما ذكرناه فيما مضى، ولذلك (145) PageVW1P007A قال في مقابلته "والذين يتأخر منتهي مرضهم" فإن الذين يأتي منتهي مرضهم في PageVW0P014A الأيام الثلاثة الأول ينبغي أن يكون تدبيرهم في أول المرض (146) الأول بما هو لطيف جدا * لا بما هو لطيف (147) بقول مطلق. ونقول: إن المرض كلما كان أطول، كانت الحاجة فيه إلى الغذاء أكثر، لأن الطبيعة تحتاج فيه إلى مقاساة المرض مدة أطول وإلى تعب أزيد بسبب غلظ مادته وكثرتها، فيحتاج أن تكون في نفسها أشد قوة. وإذا كان كذلك وجب أن يكون التدبير في (148) أول (149) المرض بما (150) هو أغلظ مما في المرض القصير. وينبغي أن يكون الغذاء في أوائل الأمراض كلها أغلظ، لأن الأمراض (151) تكون حينئذ أسكن فيتمكن من زيادة التقوية، [TH2 13a] ولأن في ذلك مراعاة العادة التي كانت في الصحة. ثم ينقص من غلظه قليلا قليلا كلما قرب منتهي المرض، وننقصه في وقت المنتهي أيضا بالنسبة إلى ما كان قبله. قوله: "وينبغي أن يمنع من الغذاء في وقت منتهي المرض فإن الزيادة فيه مضرة" الإشكال عليه من وجهين: أحدهما: إن الغذاء في وقت المنتهي ينبغي أن لا يمنع (152) بالكلية، بل أن يقلل، ولذلك (153) فإنه قال قبل هذا: وإذا PageVW0P014B بلغ المرض منتهاه فعند ذلك يجب ضرورة أن يستعمل فيه التدبير الذي هو في الغاية القصوى من اللطافة. وثانيهما: إن قوله: "فإن الزيادة فيه مضرة" إنما يقتضي منع الزيادة، لا منع الغذاء جملة. الجواب: يجوز حمل هذا على معنيين يندفع (154) بكل واحد منهما الإشكال، أحدهما: أن يكون المراد: "قد ينبغي أن يمنع من الغذاء في وقت منتهي المرض" وذلك لأن المنتهي وإن جاز فيه الغذاء، ولكن في بعض أوقاته لا يجوز فيه (155) التغذية البتة وذلك عندما تكون الطبيعة PageVW2P013B في مجاهدة البحران، وحينئذ يكون الضمير PageVW1P007B في قوله: "فيه مضرة" عائدا إلى المرض، كأنه يقول: فإن الزيادة في المرض حينئذ مضرة والغذاء حينئذ يزيد في بعض (156) المرض. وهذا وإن كان في سائر الأوقات كذلك، إلا أن المضرة بزيادة المرض حينئذ أشد، لأن تلك الزيادة تكون حينئذ (157) كالنجدة للمرض الذي هو كالعدو الباغي على الطبيعة. وثانيهما: أن يكون المراد: وينبغي أن يمنع من الغذاء الزائد PageVW0P015A في وقت منتهي المرض (158) فإن الزيادة في الغذاء حينئذ مضرة. وهذا وإن كان في سائر الأوقات مضرا إلا أن الضرر حينئذ يكون أشد. ويمكن - والله تعالى أعلم- أن يكون أراد بذلك أن (159) في (160) وقت المنتهي لا يجوز الزيادة في الغذاء على ما يوجبه اعتبار القوة، بخلاف باقي الأوقات فإنه يجوز فيها ذلك كما ذكرنا فيما سلف، إذا كانت الشهوة مفرطة لا تحتمل التلطيف.
[aphorism]
قال أبقراط (161): وإذا كان للحمى أدوار فامنع من الغذاء أيضا في أوقات نوائبها.
[commentary]
Unknown page
الشرح (162): الأمراض PageVW2P014A ذوات النوائب منها ما يتعذر استعمال الغذاء في وقت نوائبها كالصرع ومنها ما يجب استعماله فيها كما إذا كانت الحمى مركبة من حميات، بحيث كانت نوائبها تأتي (163) متعاقبة فلا تكون لها راحة البتة فهناك يجب استعمال الغذاء في النوبة الأخف، فإن تساوى الكل ففي أبرد أوقات النهار. ومنها ما PageVW0P015B ليس كذلك وهي التي لها أدوار، أعني زمان أخذ وترك، فتارة يكون زمان الترك راحة، وتارة يكون فترة، وفيها لا يجوز استعمال الغذاء في وقت النوبة؛ وذلك لأمور: أحدها: ازدياد الحمى بحرارة الطبخ الذي يحوج إليه الغذاء. وثانيها: إن الطبيعة حينئذ إن اشتغلت بتدبير الغذاء استولى المرض وطالت النوبة جدا، وإن [L4 8a] اشتغلت بتدبير المرض فسد الغذاء وزاد في مادة المرض، وإن اشتغلت بهما جميعا كان فعلها في كل واحد منهما ضعيفا. وثالثها: إن ما يعرض من [TH2 14b] الغذاء حينئذ من الأبخرة يشوش المريض . وأول النوبة أولى بمنع الغذاء، وعند انحطاطها أسهل. وهذا كله إذا لم يعرض أمر يوجب الغذاء، إذ قد يعرض ضعف فيحوج إلى الغذاء ولو عند البحران.
[aphorism]
قال أبقراط (164): إنه يدل على نوائب المرض ونظامه ومرتبته الأمراض أنفسها، وأوقات السنة، وتزيد الأدوار بعضها على بعض، نائبة كانت في كل يوم، أو يوما ويوما لا، أو في أكثر من PageVW0P016A ذلك من الزمان. والأشياء (165) التي تظهر من بعد، مثال ذلك ما يظهر في أصحاب ذات الجنب، فإنه إن ظهر النفث فيهم بدئا منذ أول المرض كان المرض قصيرا، وإن تأخر ظهوره كان المرض طويلا (166)؛ والبول (167) والبراز والعرق إذا (168) ظهرت بعد فقد تدلنا على جودة بحران المرض ورداءته وطول المرض وقصره.
[commentary]
الشرح (169): قد تبين أن تقدير الغذاء يختلف بحسب نوائب المرض ومرتبته، أي مرتبته في حدته. وأما اختلاف ذلك بحسب PageVW2P015A نظام المرض، أي كون كل واحد من أحواله في الوقت الذي تقتضيه طبيعة المرض، فلأن مثل هذا يعرف منه (170) زمان الراحة ومقداره، فيكثر الغذاء إذا كان وقت النوبة يتأخر، ويقلل أو يمنع إذا قرب مجيء النوبة، فيجب تعرف العلامات الدالة على كل واحد من هذه الثلاثة. وتلك العلامات أربعة أقسام، لأن تلك العلامات (171) PageVW0P016B إما أن تكون هي الأمراض أنفسها، أو لا تكون، وحينئذ إما (172) أن لا تكون مختصة بالأمراض كأوقات السنة، أو مختصة بها، فإما متعلقة بأحوالها (173) الجزئية كتزيد الأدوار، PageVW1P008B أو لا تكون كذلك وهي الأشياء التي تظهر من بعد. الصنف الأول: الأمراض أنفسها، وتدل على تلك (174) الثلاثة كدلالة الغب الخالصة على أنها تنوب يوما ويوما لا، وأنها تكون (175) منتظمة، وأنها تنقضي في أربعة عشر يوما. الثاني: الأشياء التي تعم الأمراض والصحة، كأوقات السنة وفي حكمها [TH2 15b] السن والبلد والتدبير السالف، وهذه تدل على تلك الثلاثة كدلالة الصيف على نوائب أمراضه غبا (176)، لأنها تكون في الأكثر صفراوية، وأنها تكون قصيرة المدة، وأن الأمراض تكون في الفصول المنتظمة منتظمة. الثالث: تزيد أدوار المرض بعضها على بعض، وتدل على تلك (177) الثلاثة؛ أما على النوبة والنظام فظاهر، وأما على المرتبة فلأن زيادة تفاوت الزائد يدل على سرعة انقضاء المرض وحدته، وقلة (178) ذلك على بلادة حركة المرض فيطول. وتدل على ذلك PageVW0P017A سواء كانت النوائب في كل يوم كما في الحمى النائبة، أو يوما ويوما لا كما في الغب، أو في أكثر من ذلك من الزمان كما في الربع والخمس والسدس. الرابع (179): الأشياء التي تظهر من بعد، كعلامات النضج. وسميت بذلك لأنها لا تظهر في (180) أول المرض، فمنها ما يدل على نضج مادة مختصة بعضو مخصوص كالنفث، ومنها ما يدل على نضج المواد مطلقا. وخروجه إما من منافذ غير PageVW2P016A محسوسة كالعرق، أو من منفذ محسوس وهو دائما (181) سيال كالبول، أو ليس كذلك كالبراز. وهذه تدل على تلك الثلاثة، إلا أن دلالتها على مرتبة المرض بذواتها، ولا كذلك على النوبة والنظام، فإنها إنما تدل عليهما (182) بتوسط نوع المادة؛ فلذلك لم يستدل أبقراط بها عليهما. قوله: "فإنه إن ظهر النفث فيهم (183) بدئا PageVW1P009A منذ أول المرض" يريد بأول المرض الوقت الأول من أوقاته الأربعة وهو وقت الابتداء، وذلك يدل على قصر المرض، لأنه إنما يكون لسرعة نضج المادة وقبولها PageVW0P017B للاندفاع، وإنما يكون ذلك لقوة القوة وسهولة انتقال المادة فيكون اندفاعها لا محالة سريعا. وإن تأخر ظهوره، كان المرض طويلا لضد (184) ذلك. وإذا ظهر النفث في (185) اليوم الأول من المرض توقع النضج في الرابع والبحران في السابع، # وإن ابتدأ في الثالث أو الرابع ولم ينضج في الرابع نضج في السابع (186) وبحرن في الحادي عشر أو في (187) الرابع عشر PageVW2P016B بحسب قرب النفث والنضج. وإن تأخر النفث عن ذلك فربما تأخر البحران إلى السابع عشر، بل إلى العشرين والرابع والعشرين، بل قد يتأخر إلى الرابع والثلاثين إذا (188) تأخر النفث عن السابع. قوله: "والبول والبراز والعرق إذا ظهرت بعد" الذي يظهر من بعد ليس ذوات هذه بل نضجها. قوله: "فقد تدلنا على جودة بحران المرض ورداءته وطول المرض وقصره" أما دلالة هذه على ذلك (189) فظاهر، وأما أن ذلك ليس دائما فلأن الخارج من هذه قد لا يكون من مادة المرض، فلا يدل نضجه على نضجها، وذلك (190)كما إذا كانت مادة المرض في الرأس مثلا.
[aphorism]
قال أبقراط (191): المشايخ أحمل الناس للصوم،ومن بعدهم الكهول، والفتيان أقل احتمالا له. وأقل الناس احتمالا للصوم الصبيان، ومن كان من الصبيان أقوى شهوة فهو أقل احتمالا له.
[commentary]
Unknown page
الشرح (192): ومن الأشياء التي يختلف بها (193) تقدير الغذاء في المرض والصحة (194) PageVW2P017A السن (195) والشهوة. والأسنان أربعة؛ لأن البدن إن كان آخذا في التزيد في أقطاره الثلاثة فهو في سن النمو، PageVW1P009B وإلا فإن كان ما فيه من الرطوبات (196) وافيا بحفظ حرارته فهو في سن الشباب، وإلا فإن كان مع نقصان ظاهر من القوة فهو في سن الشيوخ، وإلا فسن الكهول. والفتيان هم الذين في آخر سن النمو، وذلك من حين يبقل الوجه، وما دون ذلك الصبيان. وقد ينقسم (197) سن النمو إلى أقسام أخر، نذكرها بعد إن شاء الله تعالى. والصوم يراد به لغة الإمساك عن الأكل مدة مديدة، وبهذا المعنى لا يصدق على PageVW0P018B الشيخ أنه أحمل الناس للصوم فإن المشايخ لا يحتملون تأخر الغذاء لضعف قواهم، والكهول أحمل لذلك منهم. ويراد به الاكتفاء بالغذاء (198) اليسير، والشيخ أحمل لذلك؛ لقلة ما يتحلل من بدنه، لضعف حرارته، ولضعف قوته عن هضم الغذاء الكثير. PageVW2P017B وقوة (199) الشهوة إنما يقل معها احتمال الصوم إذا كانت صحيحة، لأنها إنما تكون كذلك إذا كان البدن كثير الاستعمال للغذاء. وأما الشهوة المرضية فقد يكون ترك الغذاء مدة نافعا فيها، محتملا.
[aphorism]
قال أبقراط (200): ما كان من الأبدان في النشوء، فالحار الغريزي فيه على غاية مايكون من الكثرة، ويحتاج من الوقود إلى أكثر مما (201) يحتاج إليه سائر الأبدان، فإن لم يتناول ما يحتاج إليه من الغذاء ذبل بدنه ونقص. وأما المشايخ فالحار الغريزي فيهم قليل (202)، ومن قبل ذلك ليسوا يحتاجون من الوقود إلا إلى اليسير، لأن حرارتهم تطفأ من الكثير، ومن قبل ذلك (203) أيضا ليست (204) تكون الحمى في المشايخ PageVW0P019A حادة كما تكون في الذين في النشوء؛ وذلك لأن أبدانهم باردة.
[commentary]
الشرح (205): هذا الفصل كالمتمم للمتقدم، ولو زيد في أوله "لأن" فقيل: "لأن ما كان من الأبدان في النشوء فكذا وكذا" لحسن (206) ذلك وصار الكل فصلا واحدا. والحار هو ذو الحرارة PageVW2P018A PageVW1P010A وهو الجسم الحامل لها. وأما الحرارة فهي الكيفية المعروفة، وربما تجوز فقيل كل واحد منهما على الآخر. واختلف الأولون في حرارتي الصبي والشاب أيهما أشد، والحق ما قاله جالينوس وهو أن الحرارة فيهما واحدة، لكنها في الصبي فاشية في جسم رطب فتكون كحرارة ماء الحمام، وفي الشباب فاشية في جسم يابس فتكون كحرارة أرض الحمام؛ وقد استقصينا الكلام في (207) مذاهبهم وحججهم في المباحث القانونية فليرجع إليه. واختلفوا أيضا في الحرارة الغريزية، فقيل: هي مزاج الروح. وقيل: هي مزاج البدن كله. وقيل: هي الحرارة PageVW0P019B النارية العنصرية. وقيل: إنها من نوع الغريبة، لكنها إن كانت معتدلة كانت غريزية، وإذا أفرطت صارت غريبة. وقيل: الحرارة واحدة، لكنها (208) بالنسبة إلى فعلها في مادة الغذاء بالإنضاج والهضم وغير ذلك، أو إلى فعلها في الفضول بالإنضاج والدفع تسمى غريزية، وبالنسبة PageVW2P018B إلى فعلها في المادة عفنا وفسادا تسمى غريبة. وهذه الأقوال كلها فاسدة؛ أما الأول والثاني فلأن الحرارة الغريزية كلما ازدادت قوة وشدة ازدادت الأفعال الطبيعية قوة وجودة، يعرف ذلك بحال الأسنان وأوقات السنة. ومزاجا (209) البدن والروح ليسا كذلك، فإن كل واحد منهما إذا زادت (210) سخونته أثر ضررا. وأما الثالث: فلأن آثار الحرارة النارية مباينة لآثار الحرارة الغريزية، ويلزم ذلك تنافيهما بالحقيقة. وأما الرابع: فإن الحرارة الغريزية عند الإفراط إن تغيرت حقيقتها لم تكن الغريبة (211) من نوعها، وإلا لم يكن فعلها مخالفا لما PageVW0P006A كان أولا في نوعه، بل قد (212) يشتد. وأما الخامس: PageVW1P010B فإن الحرارة الواحدة (213) يستحيل أن يصدر عنها في المادة الواحدة أفعالا (214) متنافية، فمحال أن يصدر عنها عفن الفضول وإنضاجها وإصلاحها. والحق أن هذه الحرارة PageVW2P019A مخالفة لغيرها من الحرارات الخمسة (215) وأن اسم الحرارة يقال عليها وعلى غيرها باشتراك الاسم. قوله: "ما كان من الأبدان في النشوء فالحار الغريزي فيهم على غاية ما يكون من الكثرة" الحار الغريزي هو الرطوبة الغريزية التي تقوم بها الحرارة الغريزية، وهذه الرطوبة في سن النشوء إلى النمو في غاية ما يكون من الكثرة، لأن هذه الرطوبة لابد وأن تتحلل على الاستمرار ضرورة مقارنة الأسباب المحللة لها، الداخلة والخارجة. ودوام ملاقاة الفاعل للمنفعل زيادة في التأثر (216)، فلابد وأن يكون التحلل (217) يزداد على الدوام. وما يرد من الغذاء لا يمكن أن يزداد دائما؛ لأن الوارد في كل وقت غير المتقدم، فلا يكون PageVW0P006B فعل القوة في منفعل واحد ، وذلك يوجب كلال القوة لازدياد قوتها، ويلزم ذلك أن يكون الغذاء الوارد في آخر الأمر أقل من المتحلل، وإن كان في أول الأمر أكثر منه، ويلزم ذلك نقصان الرطوبة. وما دام (218) الوارد أزيد PageVW2P019B من المتحلل كان البدن في النمو، فتكون الرطوبات الغريزية حينئذ في غاية الكثرة. فإن قيل: لو صح ما قلتم لوجب أن تكون هذه الرطوبة في آخر سن النمو أزيد مما كانت عند ابتداء الكون (219)، لأجل ازديادها في كل وقت، وذلك باطل، وإلا كانت تكون أبدانهم ألين. قلنا: لا يلزم ذلك أن تكون أبدانهم ألين، لأنها تكون قد تصلبت بفعل الحرارة الغريزية. ثم كون الرطوبات PageVW1P011A فيهم أكثر لا يلزم ذلك (220) أن تكون في المقدار المساوي من أبدانهم لأبدان الأطفال أكثر، بل قد تكون في ذلك المقدار أقل، مع أنها في جملة البدن أكثر، فلا يلزم ذلك أن يكون استيلاء الطبيعة على كل جزء من أبدان المستكملين كاستيلائها على مقدار ذلك الجزء من أبدان الأطفال. قوله: PageVW0P020A ويحتاج من (221) الوقود إلى أكثر مما يحتاج إليه سائر الأبدان؛ سبب ذلك من وجهين: أحدهما: أنهم يحتاجون إلى النمو، وإنما يكون ذلك بغذاء أزيد من المتحلل (222)، ولا كذلك غيرهم. [TH2 20a]. وثانيهما: إن المتحلل (223) من أبدانهم كثير؛ لأجل رطوبتها فتكون الحاجة إلى الخلف أكثر. قوله: " فإذا لم يتناول ما يحتاج إليه من الغذاء ذبل بدنه ونقص" سبب ذلك زيادة التحلل. وسمي الوارد أولا وقودا لأن مراده أولا بيان زيادة الحرارة في أبدانهم، وذلك لا يوجب لذاته زيادة الغذاء من جهة أنه غذاء، بل من جهة أنه وقود. وأما ههنا فمراده بيان (224) حاجتهم إلى خلف المتحلل، وذلك لا يوجب زيادة الوقود، بل زيادة الغذاء. قوله: "وأما (225) المشايخ فالحار الغريزي فيهم قليل" سبب ذلك أن الوارد من الغذاء إذا صار بقدر المتحلل فإن ذلك هو سن الشباب، وحينئذ تكون الرطوبات الغريزية بقدر تحفظ الحرارة الغريزية فقط ولا تفضل للنمو. فإذا صار الوارد أقل، انتقل البدن من سن الشباب إلى سن الكهولة، PageVW0P020B وحينئذ تنقص الرطوبات الغريزية لامحالة على الاستمرار، إلا أن هذا الانتقاص (226) [TH2 20b] لا يكون متشابها بل كل وقت يتزايد؛ وسبب ذلك أن الرطوبة إذا نقصت ضعفت الحرارة الغريزية، ويلزم ذلك ضعف الهضم، PageVW1P011B ويلزم ذلك نقصان الوارد، فيكون نقصانه حينئذ لكلال القوة ولضعف الحرارة. ثم يلزم ذلك استيلاء البلغم والرطوبات الغريبة لأجل ضعف الهضم فيلزم ذلك زيادة انطفاء الحرارة وزيادة ضعف الهضم، فيكون الوارد بعد ذلك أكثر نقصانا. وإذا كان كذلك فإنما ينتقل البدن إلى الشيخوخة إذا صار الحار الغريزي قليلا جدا. قوله: "ومن قبل ذلك أيضا ليس تكون الحمى في المشايخ حادة كما تكون في الذين (227) في النشوء وذلك لأن أبدانهم باردة". أما برد أبدان المشايخ فظاهر؛ وذلك لأجل انحلال (228) الجوهر الهوائي منهم وغلبة الأجزاء الأرضية وكثرة ما يتولد فيهم من البلغم والرطوبات المائية، ويلزم ذلك PageVW0P027A أن تكون حماهم ضعيفة الحرارة؛ لأن الجسم البارد لا يستعد للتسخن كاستعداد (229) الجسم PageVW2P021A الحار. ولكن ههنا إشكال وهو أن أبقراط جعل ذلك لأجل قلة (230) حارهم الغريزي، وذلك لا يلزمه قلة التسخن بالحرارة الغريبة، فإنا بينا اختلاف الحرارتين بالحقيقة، خصوصا واستيلاء الحرارة الغريبة إنما يكون عند قصور الغريزية عن الدفع.
[aphorism]
قال أبقراط (231): الأجواف في الشتاء والربيع أسخن ما تكون بالطبع، والنوم فيهما (232) أطول ما يكون، فينبغي أن يكون ما يتناول من الغذاء في هذين الوقتين (233) كثيرا (234)؛ لأن (235) الحار الغريزي في الأبدان في هذين الوقتين كثير، ولذلك يحتاج إلى الغذاء (236) أكثر (237)، والدليل على ذلك أمر الأسنان والصريعين (238).
[commentary]
Unknown page
الشرح (239): كما يختلف تقدير الغذاء في الأسنان لاختلافها في كثرة الحار الغريزي وقلته، كذلك (240) يختلف في PageVW0P027B الفصول لذلك (241). والجوف يقال في اللغة (242) على التقعير، ويقال في الطب على شيئين، أحدهما: يسمى الجوف الأعلى وهو الحاوي لآلات النفس (243)، [L4 12a] وهو الصدر. وثانيهما: يسمى الجوف الأسفل وهو الحاوي PageVW2P021B لآلات الغذاء. و"الأجواف في الشتاء والربيع أسخن" أما في الشتاء فلأمرين: أحدهما: إن قوة البرد الخارجي يمنع تحلل البخارات الحارة، فتحتبس (244) وتسخن. وثانيهما: إن كل جسم برد ظاهره أو سخن فلابد وأن يكون باطنه بضد تلك الكيفية، وسبب ذلك أن القوة المسخنة أو المبردة التي تكون في الجسم يتوفر فعلها على الأجزاء الباطنة بمنع الكيفية الخارجية إياها عن التأثير في الأجزاء الخارجة، ولا شك أن (245) المنفعل (246) إذا قل (247)، قوى تأثير المؤثر (248) فيه. وأما ما يقال من هرب الحرارة أو البرودة من ضدها فمن الخرافات، فإن الأعراض يستحيل انتقالها من محل إلى آخر. وسخونة الأجواف في الشتاء بهذا الوجه تكون طبيعية، لأنها من فعل الحرارة الغريزية؛ ولهذا قال أبقراط: "أسخن ما تكون بالطبع" وإنما لم (249) يتعرض للسخونة PageVW0P028A الأخرى لأن تلك لا توجب في الهضم قوة يعتد بها بخلاف هذه. وأما في الربيع؛ فلأن الهواء فيه لا يكون من السخونة PageVW2P022A بقدر يبطل فعل الشتاء، فتبقى سخون الأجواف كما كانت في الشتاء أو أقل سخونة بقليل. قوله: "والنوم فيهما أطول (250)" سبب ذلك كثرة الرطوبة الهوائية والبدنية، وزيادة الدم. قوله: "فينبغي في هذين الوقتين أن يكون ما يتناول من الغذاء أكثر" سبب ذلك زيادة الهضم بقوة الحرارة الغريزية وزيادة النوم، فيكون آمن (251) من فساد الغذاء الكثير، ولا كذلك الفصول الأخر. قوله: "وذلك أن الحار الغريزي في الأبدان في هذين الوقتين كثير، ولذلك يحتاج إلى غذاء كثير" هذا دليل آخر (252) على وجوب تكثير الغذاء، وسبب كثرة الحار الغريزي في الأبدان في هذين الوقتين هو PageVW1P012B قلة ما يتحلل منهما (253) من الرطوبات الغريزية، وذلك يحوج إلى الغذاء (254) أكثر لما بيناه في الأسنان. فإن قيل: لو كان الحار الغريزي في الشتاء أكثر PageVW0P028B لما كثر فيه البلغم وأمراضه. قلنا: ليس كذلك، وذلك (255) لأن البلغم وإن كان تولده في باقي الفصول PageVW2P022B كثيرا إلا أنه يعرض من سبب آخر (256) وهو غليان يحيله إلى طبيعة (257) المرار، وفي الشتاء يبقى على حاله فيكثر وإن كان تولده أقل. وربما ظن أن في هذا تكرار (258)، وليس كذلك، فإن الأول بين (259) فيه زيادة سخونة الأجواف وكثرة الغذاء للأمن من فساده، وههنا بين زيادة سخونة الأبدان جملة وكثرة الغذاء للحاجة إليه. فإن قيل: ينبغي أن يكون الغذاء في الشتاء والربيع أقل، لأن التحلل فيهما أقل. قلنا (260): التحلل وإن سلمنا أنه أقل، إلا أن قلة الدم بسبب تكاثفه بالبرد الخارجي يزيد على قلته بسبب تحليل الصيف. قوله: "والدليل على ذلك أمر الأسنان والصريعين (261)". الغرض بذلك الاستدلال على أن كثرة الحار الغريزي في البدن توجب الحاجة إلى زيادة الغذاء.
[aphorism]
قال أبقراط (262): الأغذية الرطبة توافق جميع المحمومين، لا سيما PageVW0P021A الصبيان وغيرهم ممن قد (263) اعتاد أن يغتذي بالأغذية الرطبة.
[commentary]
الشرح (264): الأغذية الرطبة هي السريعة PageVW2P023A الاستحالة إلى الخلط الذي يرطب البدن بالتغذية، وهو الدم، ويفيد البدن والدم رطوبة أكثر. وهذه هي الأغذية التفهة المائية، كمرقة اللحم وأمراق الفراريج، ودون ذلك ماء الشعير. وهذه توافق جميع المحمومين، لترطيبها المتدارك لتجفيف الحمى ولخلوها عن الكيفيات الضارة كما قد يكون من الحميات كالسعال واعتقال البطن وما أشبه ذلك. والمرطوبون أولى بالانتفاع PageVW1P013A بهذه الأغذية، لأن التحلل بالحمى يكون فيهم أزيد؛ لزيادة قبول الرطوبة للتحليل، سواء كانوا (265) كذلك بالسن كالصبيان، أو بالصنف كالنساء، أو بالعادة كالذين اعتادوا لتناول (266) الأغذية الرطبة.
[aphorism]
قال أبقراط (267): وينبغي أن يعطى بعض المرضى غذاءهم في مرة واحدة، وبعضهم في مرتين، ويجعل ما يعطون منه وأكثر وأقل (268)، وبعضهم قليلا قليلا؛ وينبغي أن يعطى الوقت الحاضر من أوقات السنة (269) حظه من هذا والعادة والسن.
[commentary]
Unknown page
الشرح (270): PageVW2P023B ومما يجب مراعاته في الصحة والمرض مرات الغذاء، والمرضى أولى بوجوب (271) الكلام فيه؛ لأن شهوة الأصحاء في أكثر الأمر تفي بمعرفة الواجب من ذلك. ومواد البدن إما أن تكون زائدة، أو ناقصة، أو لا تكون؛ والأعضاء الهاضمة إما أن تكون قوية، أو ضعيفة، أو متوسطة؛ فيحدث من ذلك تسعة تراكيب، وتقليل (272) الغذاء أو تكثيره (273) إما أن يكون في مقداره، أو في مقدار تغذيته، أو فيهما معا: التركيب الأول: بدن ممتلئ، قوي الهضم: يدبر بالغذاء الكثير المقدار، القليل التغذية PageVW0P022A والعدد. أما كثرة مقداره فلشغل (274) المعدة (275) وتسكين الشهوة، وأما تقليل تغذيته فلئلا يفرط الامتلاء، وأما قلة عدده فلقوة القوة على استيفاء الواجب بالدفعة الواحدة. الثاني: بدن ممتلئ، ضعيف الهضم: يقلل المقدار لضعف الهضم، والتغذية للامتلاء، والمرات لامتلاء البدن وضعف القوة (276). الثالث: بدن ممتلئ، متوسط القوة PageVW2P024A في الهضم (277): يقلل التغذية، مع التوسط في المقدار والعدد. الرابع: بدن خال، قوي الهضم: يكثر المقدار والتغذية والعدد، لأجل الحاجة مع التمكن من الهضم. الخامس: بدن خال (278)، ضعيف الهضم: يقلل المقدار لضعف PageVW1P013B القوة، وتكثر التغذية لأجل الخلاء، والعدد لتتمكن القوة من استعمال الواجب في دفعات. السادس: بدن خال (279)، متوسط قوة الهضم: تكثر التغذية، ويعدل المقدار والمرات. السابع: بدن متوسط في الامتلاء والخلاء، قوي الهضم: يكثر المقدار، وتعدل التغذية PageVW0P022B والمرات. الثامن: بدن متوسط الامتلاء، ضعيف الهضم: يقلل المقدار، وتعدل التغذية والمرات. التاسع: بدن متوسط الامتلاء، متوسط الهضم: يعدل المقدار والتغذية والمرات. وقد يختلف ذلك باختلاف الفصل، والعادة، والسن ،وما أشبه ذلك كالبلد الحار. ففي الصيف يضعف الهضم ويكثر التحلل، فينبغي أن يقلل مقدار أغذية المرضى [TH2 24b] ويزاد في تغذيتها وعددها. والشتاء بالعكس من ذلك، فينبغي أن يكثر مقدار الغذاء، وتقلل التغذية والمرات. والأصحاء يخالفون في ذلك، فيحتاجون إلى تكثير التغذية (280) أيضا، والفرق أن الغذاء في الصحيح ليخلف بدل ما نقص من المادة وهي في الشتاء تقل بسبب التكاثف، والغذاء في المريض، لأجل القوة، والتكاثف لا يضعفها. وأما الربيع فيكثر فيه الامتلاء (281)، لانبساط المواد، والهضم فيه قوي لاعتدال المزاج والهواء، فيكثر المقدار PageVW0P023A ويقلل العدد والتغذية. والخريف يضعف فيه الهضم لاختلاف هوائه (282)، ولتقدم تحليل الصيف. وأما المواد فتكون فيه (283) متوسطة (284) التحلل، فيقلل مقدار الغذاء، ويتوسط (285) في تغذيته (286) وإعداده. وأما العادة فمن اعتاد الوجبة والتثنية لا يجوز له تغيير (287) ذلك في الصحة، لما بيناه في كتبنا في حفظ الصحة (288) وأما في المرض فإن لم يكن اعتيد (289) ذلك لا يفرط في المخالفة. وأما السن فالصبيان مع قوة هضمهم PageVW2P025A يحتاجون إلى النمو فلا تكون رطوباتهم PageVW1P014A زائدة، فينبغي تكثير (290) المقدار والعدد والتغذية. والشباب (291) مع قوة هضمهم متوسطون في الرطوبات، فيكثر المقدار وتعدل التغذية والعدد. والكهول في هضمهم وامتلائهم متوسطون، فيعدل فيهم المقدار والعدد والتغذية. والمشايخ رطوباتهم المحمودة قليلة وهضمهم (292) PageVW0P023B ضعيف، فيكثر فيهم التغذية والعدد ويقلل المقدار.
[aphorism]
قال أبقراط (293): أصعب ما يكون احتمال الطعام على الأبدان في الصيف والخريف، وأسهل ما يكون احتماله عليها في الشتاء، ثم من بعده في الربيع.
[commentary]
الشرح (294): ربما قيل: إن معنى هذا الفصل أكثره قد تقدم في قوله: "الأجواف في الشتاء والربيع أسخن ما تكون بالطبع" فيكون ذكرها ههنا تكرارا، وليس كذلك؛ فإن الأول كان لبيان (295) تقدير الغذاء في الفصول، وهذا لبيان كيفية استعماله فيها مرة أو مرتين أو أكثر، وألفاظ الفصل ظاهرة.
[aphorism]
قال أبقراط (296): PageVW2P025B إذا كانت نوائب الحمى لازمة لأدوارها (297)، فلا ينبغي في أوقاتها أن يعطى المريض شيئا أو يضطر (298) PageVW0P024A إلى شيء، لكن ينبغي أن ينقص من الزيادات من قبل أوقات الانفصال (299).
[commentary]
Unknown page
الشرح (300): ههنا لما أراد أبقراط نقل الكلام من قوانين التغذية إلى قوانين الاستفراغ ذكر فصلا مشتملا على شيء منهما، كما فعل أولا عند انتقاله من الكلام في الاستفراغ إلى الكلام في التغذية. والغذاء يمنع في أوقات نوائب الحميات ذوات الأدوار لما تقدم، وكذلك الدواء المسهل وما أشبهه (301)، لئلا يجتمع تحريك المرض وتحريك الدواء وإضعافهما معا وتسخينهما معا؛ فلذلك قال: "لا ينبغي في أوقاتها أن يعطى المريض شيئا" أي شيئا من الغذاء والمحركات القوية، وأما المبردات ومسكنات الصداع وما أشبههما فلابد منها وهي حينئذ أولى. وكان PageVW1P014B ينبغي أن يقول: "وينبغي أن لا يعطى المريض" لكن عبارته في العرف تفيد هذا PageVW0P024B المعنى. قوله: "أو يضطر (302)" معناه إلا أن يضطر (303) إلى شيء من ذلك، PageVW2P026A فحينئذ تجب التغذية (304)، ولو وقت البحران. قوله: "لكن ينبغي أن ينقص من الزيادات من قبل أوقات الانفصال" الزيادة (305) هي المواد الزائدة، وأوقات الانفصال فهم (306) منها أوقات الانفصال من النوبة، وهذا ليس بصحيح وإلا كان ذلك أمرا باستعمال المستفرغ في أوقات النوائب. وفهم (307) منها أوقات الانفصال من المرض، وذلك هو وقت البحران، وهذا هو الصحيح، فإن المواد ينبغي أن تقلل قبل البحران لتقل الكلفة على الطبيعة بدفعها.
[aphorism]
قال أبقراط (308): الأبدان التي يأتيها أو قد أتاها بحران (309) على الكمال لا ينبغي أن تحرك (310) ولا أن يحدث فيها حادث، لا بدواء مسهل ولا بغيره من التهيج، لكن تترك.
[commentary]
الشرح (311): البحران في لغة اليونان هو الفصل في الخطاب، PageVW0P025A ونقله (312) الأطباء إلى الانفصال الواقع بين الطبيعة والمرض، ورسموه بأنه تغير عظيم يحدث في المرض إما إلى صحة أو إلى عطب (313). وهذا الانفصال تارة يكون بأن تقهر الطبيعة المرض وتدفعه PageVW2P026B بالتمام وهو البحران الكامل، وتارة بأن تقهره قهرا يتمكن به من قهره بالتمام ببحران آخر وهو البحران الناقص، وتارة بأن (314) تدفعه عن القلب والأعضاء الشريفة إلى بعض الأطراف وهو بحران الانتقال، وتارة بأن يستولي المرض فيفسد البدن بذلك البحران أو ببحران آخر يكون هذا مهيئا له وهو البحران الرديء. والبحران التام (315) ما ينقضي به المرض سواء كان باستفراغ أو بانتقال. قوله: "ولا ينبغي أن يحرك" يريد: ينبغي أن لا يحرك. والتحريك نقل مادة المرض من موضع إلى آخر، كالجذب [L4 15a] بالمحاجم. ويعني بالتهيج: مثل القيء (316) والترعيف والإدرار والتعريق. وإنما ينبغي أن لا يفعل شيء من هذا مع البحران PageVW0P025B الكامل، لأن البدن ينقى من مادة المرض بدفع الطبيعة في ذلك البحران، فلا حاجة إلى تحريكنا (317). ولأن استفراغنا إن وقع موافقا لاستفراغ الطبيعة أفرط وأضعف المريض، وإن وقع مخالفا له شوش فعل الطبيعة، وربما أخر (318) البحران، ولا PageVW2P027A حاجة إلى شيء من ذلك قبل هذا البحران أيضا؛ لأن دفعه كاف (319).
[aphorism]
قال أبقراط (320): الأشياء التي ينبغي أن تستفرغ، يجب أن تستفرغ من المواضع التي هي إليها أميل، وبالأعضاء التي تصلح لاستفراغها.
[commentary]
Unknown page
الشرح (321): قد ابتدأ أبقراط بذكر قوانين يجب مراعاتها في كل استفراغ، واشتمل هذا الفصل على ذكر قانونين (322) منها (323): أحدهما (324): إنه يجب استفراغ المواد من الجهة التي هي إليها أميل، فمادة الغثيان تستفرغ بالقيء، والرمل بالإدرار، والمغص بالإسهال. وإنما كان كذلك لأن استفراغ المواد من الجهة PageVW0P026A التي هي إليها أميل (325) أسهل وأقل كلفة على الطبيعة؛ لأن المواد تكون بالطبع متحركة إلى حيث تؤخذ (326) بالدواء. ويجب أن يراعى في ذلك شروط: أحدها: أن لا يلزم ذلك تضرر (327) عضو رئيس بعبور المادة عليه، فلو مالت الصفراء في الحمى إلى الدماغ منعناها بالحقن والإسهال ولا يطلب استفراغها بالتعطيس والترعيف لئلا يتضرر الدماغ. وثانيها: أن لا يلزم ذلك PageVW2P027B تضرر عضو شريف، فلو مالت نزلات الرأس إلى جهة الصدر جذبناها إلى الأنف، ولا نطلب استفراغها بالتنفيث خوفا من تضرر الرئة. وثالثها: أن لا يلزم ذلك تضرر عضو قوي الحس، فلو مالت مواد الرأس إلى العينين جذبناها إلى النقرة بالمحاجم وغيرها، ولا نطلب استفراغها PageVW1P015B بالدموع خوفا على العينين. ورابعها: أن لا يلزم ذلك ضرر عام بالبدن وإن كان العضو الذي مالت إليه خسيسا، كما لو مالت مواد الرأس إلى الحلق، فإنا نردعها ونحركها إلى جهة أخرى خوفا من انسداد مجرى النفس أو الغذاء. وأما القانون الثاني: فهو أن استفراغ المواد ينبغي أن يكون من الأعضاء PageVW0P026B التي تصلح لاستفراغها، لأن ما لا يصلح لذلك لا يكون خروج المادة منه سهلا. وتتم هذه الصلاحية بأمور: أحدها: أن يكون العضو مشاركا للمستفرغ منه فلا تستفرغ مواد الأمعاء من المثانة وإن تقاربا في المكان. وثانيها: أن تكون هذه المشاركة قريبة PageVW2P028A فلا تستفرغ مواد الكبد من القيفال، بل من الباسليق. وثالثها: أن يكون العضو المخرج منه محاذيا للمأووف، فلا يرعف المنخر الأيسر لأمراض الكبد، بل لأمراض الطحان، وللكبد الأيمن (328). ورابعها: أن يكون العضو المخرج منه أخس (329) وأصبر على مرور المادة وخاليا عن مرض يخشى ازدياده، فلا تسهل مع سحج الأمعاء. وخامسها: أن لا يكون خروج المادة من هناك منافيا للأمر الطبيعي، فلا تجذب مادة الحصى إلى فوق.
[aphorism]
قال أبقراط (330): إنما ينبغي أن يستعمل الدواء والتحريك بعد أن ينضج المرض، فأما ما دام المرض (331) في (332) أول الأمر فلا ينبغي (333) PageVW0P029A أن يستعمل (334) ذلك إلا أن يكون المرض مهياجا (335)، وليس يكاد في أكثر الأمر أن يكون المرض مهياجا (336).
[commentary]
الشرح (337): هذا هو القانون الثالث، وهو أن استفراغ المواد ينبغي أن يكون بعد النضج، والنضج إحالة الحرارة للجسم ذي الرطوبة إلى موافقة الغاية المطلوبة، فنضج الثمرة أن تصير بحيث تصلح لتوليد المثل، ونضج الغذاء أن يصير بحيث PageVW2P028B يصلح PageVW1P016A لأن يسد بدل المتحلل، ونضج الطعام أن يصير بحيث يصلح لأن يؤكل، وذلك بأن (338) يطيب أكله، ونضج الفضول أن تصير بحيث تصلح لأن تندفع، وذلك بأن تعتدل قوامها فيلطف غليظها ويغلظ رقيقها ويقطع لزجها. وإذا أطلق الأطباء لفظة الدواء أرادوا المستفرغ. والاستفراغ قد يقصد به تنقيص المادة، فلا يجب فيه انتظار النضج إلا أن تكون المواد شديدة الغلظ واللزوجة. وقد يقصد به استئصالها، فإن كان المرض مزمنا وجب انتظار النضج، وإن كان PageVW0P029B حادا فالأكثرون على أن انتظاره أولى، خصوصا إذا كانت المادة في تجويف المفاصل أو مداخلة (339) للأعضاء أو بعيدة، كما إذا كانت بقرب الجلد أو كانت عقيب تخم، اللهم إلا أن يكون المرض مهياجا فتكون المبادرة إلى الاستفراغ أولى لأن التضرر (340) الواقع من حركة المادة المهياجة أعظم كثيرا من استفراغها غير نضيجة. والمرض المهياج (341) هو الذي مواده PageVW2P029A شديدة التحرك (342) من عضو إلى آخر، وإذا كانت هذه المواد رقيقة، كان وجوب المبادرة أولى لأن الرقيق أسرع انفعالا وأسهل حركة، وخصوصا إذا كانت مع ذلك في تجاويف العروق، فيكون انجذابها بالأدوية أسهل. وقال بعضهم: إن المبادرة إلى الاستفراغ في جميع الأمراض الحادة أولى، واحتج (343) بالتجربة والقياس، وهو أن مواد هذه الأمراض رقيقة فلا مانع من خروجها، فلا وجه لإطالة المرض بانتظار النضج، وإذ لا حاجة إلى (344) النضج فلا حاجة إلى تقليل الغذاء الذي إنما PageVW0P030A أوجبتموه (345) ليسهل تمكن PageVW1P016B الطبيعة من الإنضاج. الجواب: أما التجربة فمعارضة بتجربتنا وتجربة الفضلاء قبلنا، فإنهم شاهدوا أن النقاء (346) وكمال الصحة يكونان عند الاستفراغ الواقع بعد النضج أتم. وأما القياس فلأن رقة المواد مانعة أيضا من سهولة خروجها، ولولا ذلك لوجب حصول النفث في ذات PageVW2P029B الجنب من أول يوم، وكذلك (347) كان الرسوب يعرض في البول في الأمراض الحادة في (348) أول يوم؛ ولما لم يكن كذلك علمنا أن الطبيعة إنما تتمكن (349) من الدفع التام بعد نضج المادة، وإن كانت رقيقة فالأولى أن يكون الفعل الصناعي كذلك.
[aphorism]
قال أبقراط (350): ليس ينبغي أن يستدل على المقدار الذي يجب أن يستفرغ من البدن من كثرته، لكنه ينبغي أن يستغنم الاستفراغ ما دام الشيء الذي ينبغي أن يستفرغ هو الشيء (351) الذي يستفرغ والمريض محتمل له بسهولة وخفة. وحيث ينبغي [C5DK4 30b] فليكن الاستفراغ حتى يعرض الغشي، وإنما ينبغي أن يفعل ذلك متى كان المريض محتملا له.
[commentary]
Unknown page
الشرح (352): هذا هو القانون الرابع، وهو إخراج المقدار الواجب إخراجه، ولا يدل على ذلك مقدار الخارج دلالة بينة، فإن الامتلاء قد يكون مفرطا فلا يدل الخارج مع كثرته على النقاء، لكن يدل على ذلك أمور قد ذكر أبقراط منها ههنا أمرين: أحدهما: أن ينتهي الاستفراغ إلى إخراج غير النوع المقصود استفراغه PageVW2P030A فدل (353) ذلك على فراغ البدن من ذلك الخلط، لأن الدواء إنما يجذب غير المادة المختصة به إذا لم يبق في البدن من تلك المادة ما يتمكن من إخراجه، وخصوصا إذا انتهي الأمر إلى إخراج ما لا يناسب تلك المادة (354)، وخصوصا (355) PageVW1P017A إذا انتهي إلى إخراج ما هو غليظ جدا (356) كالسوداء، فإن الدواء بعد فراغه من جذب ما يختص به يجذب ما يشاركه في الرقة والكثرة، ولا يزال كذلك حتى يجذب الغليظ والمنافي. وثانيهما: PageVW0P036A ما دام البدن يحتمل الاستفراغ بسهولة وخفة فلا إفراط، إذ الإفراط إنما (357) يكون بخروج النافع، وذلك لا محالة مما يشق على الطبيعة ويلزمه ضرر. قوله: "وحيث ينبغي فليكن الاستفراغ حتى يعرض الغشي" يريد الغشي العارض عن كثرة الاستفراغ، أما العارض عن جزع المريض من الفصد مثلا، وعن (358) خلط ينصب إلى فم المعدة، فلا يكون غاية للمقدار الواجب. قوله: "وإنما ينبغي أن يفعل ذلك متى كان المريض محتملا له" معناه [TH2 30b] وإنما ينبغي أن يبالغ في (359) الاستفراغ إلى حد الغشي متى كان المريض (360) محتملا للغشي؛ وأما إذا لم يكن كذلك كالذين يعسر عود قوتهم بعد الغشي، فلا ينبغي أن يفعل بهم ذلك، وهؤلاء كأصحاب القلوب الضعيفة.
[aphorism]
قال أبقراط (361): قد يحتاج في الأمراض الحادة في الندرة إلى أن يستعمل الدواء المسهل في أولها، وإنما ينبغي أن يفعل ذلك بعد أن يتقدم فيتدبر الأمر على ما ينبغي. PageVW0P036B
[commentary]
الشرح (362): في هذه الصورة لا تجوز المبالغة في الاستفراغ إلى الغشي، لأنا إنما نستفرغ في أول المرض حيث القوة مقهورة بالمادة وذلك مانع من زيادتنا (363) في ضعفها بالغشي؛ فلهذا (364) ذكر هذا الفصل ههنا وأشار فيه إلى قانون، وهو أن الاستفراغ إنما ينبغي أن يكون بعد التقدم بتدبير الأمر على ما ينبغي، أي تهيئة المادة لسهولة (365) الخروج بالترطيب والإزلاق وتهيئة المجاري بالتفتيح وتليين الطبيعة وغير ذلك. [L4 17b] ووجوب هذا في مثل هذا الاستفراغ أولى لأنه في غير وقته. PageVW2P031A ويحتاج إلى الاستفراغ في أول المرض في أحوال: أحدها: أن يكون المرض مهياجا (366) كما بيناه. وثانيها (367): أن تكون المادة مفرطة الكثرة فلا يؤمن استيلائها على القوة. وثالثها: أن تكون القوة شديدة الضعف، فلا يبقى مع تلك المادة مدة النضج. ورابعها: أن تكون المادة شديدة الرداءة، فيخشى من إفسادها (368) في مدة النضج. وخامسها: PageVW0P037A أن تكون المادة دائمة الانصباب إلى العضو المأووف. وسادسها: أن يكون العضو مما يشتد تضرره بطول بقاء المادة فيه وإن كانت قليلة، كما يفجر خراج (369) المخرج قبل النضج خشية من الناصور (370). وسابعها: أن يكون المراد بالاستفراغ تقليل (371) المادة. وهذه الأحوال كلها نادرة، والأكثر تأخير الاستفراغ.
[aphorism]
قال أبقراط (372): إن استفرغ (373) البدن من النوع الذي ينبغي أن ينقى منه البدن، نفع ذلك واحتمل بسهولة؛ وإن كان الأمر على ضد ذلك، كان عسيرا.
[commentary]
Unknown page
الشرح (374): هذا تقدم بحثه فيما سلف، وإنما ذكره أبقراط ههنا PageVW2P031B لتكملة القوانين التي يجب مراعاتها في الاستفراغات، وهذا القانون هو أن الاستفراغ ينبغي أن يكون من النوع الذي ينبغي أن ينقى منه البدن.
* تمت المقالة الأولى من كتاب شرح فصول أبقراط (375)
المقالة الثانية من كتاب شرح فصول أبقراط (1)
[aphorism]
قال أبقراط (2): إذا كان النوم في مرض من الأمراض يحدث وجعا، فذلك من علامات الموت؛ * وإذا كان النوم ينفع، فليس ذلك من علامات الموت (3).
[commentary]
الشرح (4): إن تفصيل هذا الكتاب إلى مقالات سبع ليس من فعل أبقراط فيما أظن، فإن أول المقالات مرتبط بآخر ما قبلها (5)، بل ذلك من فعل الشراح، ونحن لا نلتزم ذلك. وهذه الصورة من الصور PageVW1P018A التي يجب المبادرة فيها إلى الاستفراغ قبل النضج، لأن النوم إنما يضر في الأمراض إذا كانت المواد كثيرة شديدة الرداءة، حتى يكون القدر (6) اليسير (7) الذي يتوجه منها إلى داخل البدن عند النوم بحيث يقهر الطبيعة ويؤذيها. وإنما يكون كذلك (8) إذا كانت الطبيعة في غاية الضعف والانقهار، PageVW0P031A إذ القوى تكون في غلبة (9) النوم قوية مجتمعة، والمتحرك من المواد الرديئة إلى الباطن قليل لأن تحركها PageVW2P032A إلى هناك إنما هو تبع للمواد الصالحة. وإذا كان القدر اليسير من المادة يغلب الطبيعة، فالظاهر أنها تغلب عند مقاومة جميع المادة عند البحران، وخصوصا والطبيعة حينئذ تكون قد زادت ضعفا بطول مقاساة (10) المرض؛ فلذلك يدل على الموت. وأما إذا كان النوم ينفع (11)، أعني إذا كان ينفع في حالة كانت المواد كثيرة ورديئة، بحيث لو كانت القوة ضعيفة لكان النوم ضارا، فإنه حينئذ لا يدل على الموت، أي أن (12) رداءة الأخلاط وكثرتها لا تدل حينئذ على الموت؛لأن نفع النوم حينئذ إنما يكون إذا كانت الطبيعة بحيث تقوى على مقاومة ما يتحرك في النوم إلى داخل من تلك المواد الرديئة ويقهر شره؛ وذلك -مع كونه لا يدل على الموت- فليس أيضا يبلغ إلى أن يكون علامة صالحة، لأن غلبة الطبيعة عند PageVW0P031B قوتها لليسير من المادة لا يلزمه أن تكون الطبيعة مستولية على جميع PageVW2P032B المادة. والمراد ههنا بكون النوم ينفع أو يضر أنه يكون في ذلك أزيد من القدر (13) المعتاد في الأمراض، فإن من النوم ما ينفع في الأمراض دائما، وهو ما [L4 18b] يكون عند انحطاط # النوبة أو عند البحران أو عند انحطاط (14) المرض لأن الطبيعة تتدارك به ما حصل بالمرض من الضعف وتطلب (15) القوة بالاجتماع اليسير (16) عند النوم. ومنه ما يضر دائما، كالنوم في منتهي النوائب، فإنه يطول النوبة ويغلظ المادة. وأضر منه النوم في تزيد النوائب، وأضر منه النوم في ابتدائها. وكذلك أيضا نوم الليل محمود نافع، ونوم النهار بالضد.
Unknown page
[aphorism]
قال أبقراط (17): إذا سكن النوم اختلاط الذهن، فتلك علامة صالحة.
[commentary]
الشرح (18): لا شك أن مطلق النفع لا يدل في النوم على صلاح، PageVW0P032A وأما مثل هذا النفع فدلالته على الصلاح ظاهرة، لأن هذا إنما يكون إذا كان استيلاء الطبيعة شديدا حتى تصلح المادة في المدة اليسيرة إصلاحا يوجب سكون الأخلاط، فإن الظاهر حينئذ أنها تقوى على إصلاح المادة جميعها ودفعها في المدة التي PageVW2P033A من شأن الطبيعة أن تشتغل فيها بذلك في الأمراض.
[aphorism]
قال أبقراط (19): النوم والأرق كلاهما (20) إذا جاوز كل واحد منهما المقدار (21) القصد، فتلك علامة رديئة.
[commentary]
الشرح (22): يمكن أن يكون أبقراط أراد أن ذلك علامة رديئة مطلقا لدلالة ذلك على قوة السبب الموجب لكل واحد منهما. أما النوم فلإفراط (23) برد الدماغ أو لرطوبته (24)، المحدثان لغلظ الروح، المانع من انتشاره، الذي لابد منه في اليقظة؛ أو فرط تحلل الروح حتى تقل عن الوفاء بحفظ القلب مع الانتشار في اليقظة. PageVW0P032B وأما الأرق فلإفراط اشتعال الروح وحدة الأبخرة الصاعدة إليه. ويمكن أن يكون أراد أن ذلك علامة رديئة في الحالة المذكورة أولا، وهي الحالة التي تكون المواد فيها كثيرة رديئة PageVW1P019A بحيث تحوج إلى المبادرة إلى الاستفراغ؛ فإن كثرة النوم حينئذ تكون لغلبة (25) البلغم والأبخرة المائية على تلك الأخلاط، وضعف الدماغ، حتى يقبل الأبخرة. وكثرة السهر لحدة تلك المواد وحرارة PageVW2P033B ما يتصعد منها.
Unknown page
[aphorism]
قال أبقراط (26): لا الشبع ولا الجوع ولا غيرهما من جميع الأشياء بمحمود (27) إذا كان مجاوزا للمقدار (28) الطبيعي.
[commentary]
الشرح (29): يريد بالشبع (30): الامتناع (31) من الطعام. وبالجوع: زيادة الشهوة. وإفراط كل واحد من ذينك (32) إنما يكون لإفراط (33) سببه، فإفراط (34) الشبع لإفراط الامتلاء، أو حرارة المعدة، أو ضعف حس فمها، PageVW0P033A أو ضعف جذب الكبد. وإفراط الشهوة لبرد المعدة، أو فرط إحراقها (35)، أو انصباب خلط حامض إليها. وكون (36) ذلك ليس بمحمود (37)، ظاهر؛ وإنما لم يقل (38) أنه رديء لأنه قد لا يكون دليلا رديئا في المرض، كالشبع الكائن في أوائل الحميات، والجوع الكائن في أواخرها. قال أبقراط (39): الإعياء الذي لا يعرف له سبب، ينذر بمرض.
[commentary]
الشرح (40): الإعياء كلال يعرض للأعضاء، أكثره عن الحركة المفرطة، ويسمى الإعياء الرياضي. وقد يعرض ابتداء، ويسمى الإعياء الذي لا يعرف له سبب، وحدوثه عن كثرة المواد الممددة (41) للعضل والمثقلة لها، وهذا هو الذي ينذر بالمرض. ويحدث PageVW2P034A كثيرا عقيب النوم القاصر؛ فلذلك صلح إيراد هذا الفصل عقيب الكلام في النوم. ويمكن أيضا أن يكون ذكره ههنا لدلالة PageVW0P033B الإعياء على الامتلاء، المحوج إلى الاستفراغ.
[aphorism]
قال أبقراط (42): من يوجعه شيء من بدنه ولا يحس بوجعه في أكثر حالاته، فعقله مختلط.
[commentary]
Unknown page
الشرح (43): كما أن الإنسان قد يحس بألم التعب، ولا تعب كذلك قد يكون له سبب مؤلم ولا يحس به لآفة في ذهنه، والوجع إحساس بالمنافي من حيث PageVW1P019B هو مناف، وإنما يتم هذا الإحساس إذا لم يدم المنافي دواما يبطل القوة الحافظة للحالة الملائمة. وإنما قلنا من حيث هو مناف، لأن الشيء المنافي قد يكون له أحوال تلائم من جهة ما، فإذا أحس به من تلك الجهة التذ به كما يلتذ بأكل الفاكهة الضارة. فإن قيل: إذا كان الوجع هذا، لم يصح قول أبقراط: "من يوجعه شيء من بدنه ولا يحس بوجعه" فإنه إذا لم يحس بوجعه (44)، كيف يوجع؟ قلنا: مراده بذلك: من يوجعه شيء في ظننا، [C5DK4 34a] أي من يوجد له سبب يوجع مثله عادة، كجراحة أو PageVW2P034B ورم. وكون ذلك لا يحس به قد يكون لبطلان حس العضو، وقد يكون لوجود وجع أشد منه، وقد يكون لاختلاط الذهن. والفرق أن الأول لا يوجع البتة ولا يحس بغيره، والثاني يكون معه الوجع القوي، ولو انعكس الحال فصار الأول أشد أحس به (45) ولم يحس بالآخر، والثالث يحس به وقتا ما وهو عند سكون الاختلاط (46).
[aphorism]
قال أبقراط (47): الأبدان التي تهزل في زمان طويل، فينبغي أن تكون إعادتها بالتغذية إلى الخصب بتمهل؛ والأبدان التي ضمرت في زمان (48) يسير، ففي زمان (49) يسير تخصب (50).
[commentary]
الشرح (51): كما أن دوام المنافي قد يبطل الشعور به فلا تدافع القوى الحساسة (52) سببه مدافعة تامة، كذلك يعرض هذا في القوى الطبيعية، فلذلك لا يسهل إعادة الخصب بسرعة إذا كان عروض الهزال [C5DK4 34b] بالتدريج، ولأن الهزال إنما يكون إذا كان الغاذي أقل من المتحلل، ودوام ذلك مما يضعف القوى ويجفف المزاج فلا يعود الخصب سريعا.
[aphorism]
قال أبقراط (53): الناقه من PageVW2P035A المرض إذا كان ينال من الغذاء وليس يقوى به، فذلك يدل على أنه يحمل على بدنه من الغذاء أكثر مما يحتمل؛ وإذا كان كذلك وهو لا ينال منه، PageVW1P020A فاعلم أن بدنه (54) يحتاج إلى الاستفراغ (55).
[commentary]
Unknown page
الشرح (56): من جملة من ينبغي أن يكون عوده إلى الخصب بتمهل، الناقه؛ لكن هذا الناقه ينبغي أن ينقص مما في بدنه بالاستفراغ لما سيقوله أبقراط. قوله: فإن كان ذلك وهو لا ينال # من الغذاء. أي لا ينال (57) منه أكثر مما (58) يحتمله. ومن شأن الغذاء التقوية، فإذا لم يقو الناقه فهناك مانع، وفي الغالب هو زيادة في الغذاء أو في الخلط (59).
[aphorism]
قال أبقراط (60): PageVW0P035A كل بدن تريد تنقيته فينبغي أن تجعل ما تريد إخراجه يجري منه (61) بسهولة.
[commentary]
الشرح (62): استفراغ بقايا المواد يسمى تنقية ، وإخراج اليسير وخصوصا مع ضعف القوى والبدن حتى لا يمكن إيراد أدوية قوية كما في الناقه عسر، وإنما يسهل إذا جعل ما يريد إخراجه يجري بسهولة، وذلك بتفتيح المجاري، وإكمال النضج، وتليين الطبيعة.
[aphorism]
قال أبقراط (63): البدن PageVW2P035B الذي ليس بالنقي كلما غذوته زدته شرا.
[commentary]
Unknown page
الشرح (64): سبب ذلك أن المادة الرديئة تحيل الوارد من الغذاء إلى طبيعتها فيزداد، وذلك موجب لزيادة الشر ومانع من تقوية البدن كما في الناقه المذكور، فيجب الاستفراغ ليمكن التقوية.
[aphorism]
قال أبقراط (65): PageVW0P035B لأن يملأ البدن من الشراب أسهل من أن يملأ من الطعام.
[commentary]
الشرح (66): كلما كان الغذاء ألطف كان انفعاله وتحلله أسهل، فيكون تضرر البدن الذي ليس بالنقي به (67) أقل، فلذلك إنما ينبغي أن يغذى (68) الناقه المحتاج إلى الاستفراغ (69) بما هو ألطف. ومفهوم (70) الشراب في اصطلاح الأطباء هو الخمر، وهو مع لطافته تتلقاه الطبيعة بالقبول، فيكون الامتلاء منه أسهل.
[aphorism]
قال أبقراط (71): البقايا التي تبقى من الأمراض بعد البحران من شأنها أن تجلب عودة من المرض.
[commentary]
Unknown page
الشرح (72): المراد بالبقايا التي PageVW1P020B تبقي من مواد الأمراض، وهذه تجلب (73) عودة من المرض، لأنها إنما تبقى بعد البحران لعجز الطبيعة عن دفعها (74). ومن شأن هذه المواد [TH2 36a] إحالة الوارد إلى طبيعتها فتكثر وتفعل ما كانت تفعله وهي كثيرة، وهو المرض المتقدم. وإنما PageVW0P038A لم يقل أبقراط ههنا (75): "التي تبقى في (76) الناقهين" وإن كان الغرض بهذا الفصل بيان وجوب استفراغ الناقه المتقدم ذكره لأن غرضه أن ينتقل إلى الكلام في البحران.
[aphorism]
قال أبقراط (77): إن (78) من يأتيه البحران، قد يصعب عليه مرضه في الليلة التي قبل نوبة الحمى التي يأتي فيها البحران، ثم في الليلة التي بعدها يكون أخف على الأمر الأكثر.
[commentary]
الشرح (79): كل بحران سواء كان مذموما أو محمودا، تاما أو ناقصا، فمن شأنه صعوبة المرض قبله، وحصول خفة بعده. فأما الصعوبة فلأجل المقاتلة (80) التي تجري بين الطبيعة والمرض، التي يعقبها البحران. وأما الخفة فلأجل إعراض الطبيعة عن المقاتلة (81) بعد البحران، أما في المحمودة فلانتصارها، وأما في المذموم فليأسها عن المقاومة؛ ولذلك ربما صح ذهن بعض المرضى عند قرب الموت، وربما عرض PageVW0P038B لبعض المرضى (82) قوة على [TH2 36b] الحركة. وأما أن تلك الصعوبة في الليلة المتقدمة على نوبة البحران وإن نال (83) الخفة في الليلة التي بعدها فهو في أكثر الأمر، فإن الليل من شأنه أن تشتد فيه الأمراض لاشتغال الطبيعة فيه (84) بالمرض عن كل شيء، وعند قرب البحران يكون اشتغالها فيه أكثر، فتظهر الصعوبة، وبعده تظهر الخفة للأعراض (85).
[aphorism]
قال أبقراط (86): عند استطلاق البطن قد ينتفع باختلاف ألوان البراز، إذا لم يكن تغيره (87) إلى أنواع منه رديئة.
[commentary]
Unknown page
الشرح (88): إذا أسهل البطن PageVW1P021A فخرجت ألوان من (89) البراز، فتلك الألوان إما أن تكون بخروج (90) أخلاط محمودة أو مذمومة أو بغير (91) أخلاط. الثاني هو الذي ينتفع به، لأن خروج الرديء نافع، والأول يضر لأجل خروج المحمود. والثالث لا ينتفع به أيضا، لأنه يعقب العطب (92). ومثاله أن يكون الإسهال صديديا وذوبانيا (93) وخراطة، PageVW0P039A فإن خروج ذلك، وإن نفع لرداءته، ولكن إذا لم يعقب PageVW2P037A الشيء نفعا، لا يقال في العرف أنه منتفع به.
[aphorism]
قال أبقراط (94): متى اشتكى الحلق، أو خرجت في البدن بثور أو خراجات، فينبغي أن تنظر وتتفقد ما يبرز من البدن، فإن (95) كان الغالب عليه المرار، فإن البدن -مع ذلك- عليل، وإن كان ما يبرز من البدن مثل (96) ما يبرز من البدن الصحيح، فكن على ثقة من التقدم على أن تغذو (97) البدن.
[commentary]
الشرح (98): إذا تحرك إلى الحلق أو الجلد (99) مادة، فتارة يكون ما حصل هناك هو جملة تلك المادة، فيكون البدن نقيا، وتكون على ثقة من تغذيته فلا تغير التدبير عن حال الصحة تغييرا كثيرا. وتارة يكون ذلك بعضها، ويكون البدن غير نقي منها، فيكون عليلا، أي مأووفا فلابد من تقليل غذائه، فإن غير النقي يزيده الغذاء شرا. ويفرق بين الأمرين حال ما يبرز من البدن من البراز والبول والعرق وغير ذلك، فإنه PageVW0P039B إن كان كما كان في حال الصحة، فالبدن نقي. إذ مهما كان في البدن (100) PageVW2P037B مادة فضلية، ففي الغالب لابد وأن تدفع الطبيعة شيئا منها في المندفعات بالطبع؛ ولذلك (101) أمكن الاستدلال بالخارج على (102) حال البدن.
[aphorism]
قال أبقراط (103): متى كان بإنسان (104) جوع، فلا ينبغي أن يتعب.
[commentary]
Unknown page