Sharh Fusul Abuqrat
شرح فصول أبقراط
Genres
البحث الثالث:
قال جالينوس تدبير الغذاء لا بد فيه من أمور ثلاثة النظر في الكمية والكيفية وطريق الاستعمال أي طريق وقت الاستعمال * والأوليان (1673) قد مضى الكلام فيهما. فأما الثالث فاعلم أن * نوائب (1674) الحمى قد تكون لازمة لطريقة واحدة أي يكون لها دور معروف لأنه قد يكون أمراض لها * نوائب (1675) * وقد لا (1676) تكون لازمة لطريقة واحدة وفي مثل هذه الأمراض لا يوقف وقوفا صحيحا على الوقت * الذي (1677) ينبغي أن يطعم فيه العليل غير أن هذا الحكم من الفاضل جالينوس يختلف بحسب الأوقات الأربعة فإن التزيد مثلا يتقدم فيه * النوائب (1678) ويتأخر الفترات بخلاف الانحطاط فلزوم * النوائب (1679) لزمان مخصوص مشروط بحصولها في وقت مخصوص.
البحث الرابع
هل هذا الحكم يخص الحميات الدائرة دون الدائمة أو يعمها؟ فنقول إن فهم من الدور * وقت (1680) الشدة والخفة * كان (1681) عاما للدائرة والدائمة. وإن فهم منه وقت الأخذ والترك كان خاصا بالدائرة فإن الحميات الدائمة لها اشتداد وتنقصان ففي زمان الاشتداد لا يجوز استعمال التغذية البتة بل في زمان * التنقيص (1682) . وقوله فلا ينبغي في أوقاتها المراد به أوقات النوبة والاشتداد لا أوقات الأدوار مطلقا فإن هذا محال PageVW5P043B على ما قلناه.
البحث الخامس
قوله أو يضطر إلى شيء فهم جماعة من الأطباء * من (1683) الواو * واو التأكيد (1684) أي وإن احتجت إلى شيء به. قال عبد اللطيف المعروف بالمطحن. فإنه عندما شرح هذا الفصل قال قوله أو يضطر إلى شيء * قضية (1685) عامة * ونبه (1686) على العلة بكونها عامة * من (1687) جهة أنه يتدرج تحيها النهي وعن الغذاء وعن الدواء وعن الاستفراغ والحركة وغير ذلك من الأشياء التي تحرك الطبيعة وتتعبها PageVW1P018A . وهذا كلام * ممن (1688) لم يعرف فروع هذه الصناعة فإن لنا من الحميات حمى تكون في مجيء نوبتها غشي مفرط بحيث أنه في بعض الأوقات يخشى على العليل * منه التلف (1689) إن لم يتقدم ويعطى * العليل (1690) غذاء زاد بما يشتغل به معدته لئلا تنصب إليها مادة عفنة مؤذية لها. وقد ذكر هذا القدر في جميع كتب الطب المبسوطة عند معالجة هذه الحمى. وأما الرازي فإنه قال في حواشيه على هذا الكتاب: احذر التغذية في وقت النوبة. وإن عرض للعليل مغص أو غشي فأعنه بما يسهل القيء وبطلق الطبع. ولا شك أن هذا الكلام يقتضي المنع من الغذاء، وإن وجدت الضرورة. قال ابن أبي صادق: وجدت في بعض الشروح المنطقية أن كلمة «أو» في اللغة اليونانية تستناب مناب «إلا» فيكون لهذا الفصل من الزيادة على ما للفصل المتقدم أن العليل لا يغذى في ابتداء * النوائب (1691) إلا أن يضطر إليه * كالحال في الحميات الغشيية التي مع رقة الأخلاط. وإن فهم على (1692) هذا لزم التناقض. واعلم أن * «أو» (1693) في اللغة الغريبة تكون ناصبة وتقدر بتقديرين أحدهما بمعنى «إلا» والثاني «إلى أن» وذلك مثل قول القائل لألزمنك أو تنصفني أي ألا أن تنصفني أو إلى أن تنصفني، وقول الشاعر:
وكنت إذا غمرت قناة قوم كسرت كعوبها أو تستقيما
أي إلا أن يستقيم أو إلى أن يستقيم. فإن أحذت بمعنى «إلا» كان معناها الواجب البقاء على المنع إلى حين وجود الضرورة، ويكون حينئذ معنى قوله في هذا الفصل: امنع العليل من تناول شيء في وقت اشتداد النوبة إلأ أن * تدعو (1694) الضرورة، أو إلى أن * تدعو (1695) الضرورة. وإن تضاعفت الحمى بذلك لأن الميل إلى حفظ القوة بالغذاء وأن تزايدت الحمى أولى من الميل إلى التدبير بالعكس على ما عرفت فيما تقدم. ثم هذه الحاجة تارة تكون إلى الغذاء وتارة تكون إلى الأشربة الدوائية. فلذلك لم يعين الأمر الموجب * للاضطرار (1696) بل قال وإن اضطرت إلى شيء.
البحث السادس
قوله : لكن ينبغي أن ينقص من الزيادات من قبل أوقات الانفصال، معناه أنه ليس يكفينا في تدبير العليل في وقت النوبة المنع من الغذاء فقط بل وأن ينقص من الزيادات الموجبة للمرض قبل انفصاله، فإنه متى فعل ذلك نقص مقدار المؤذي وحينئذ تستولي الطبيعة عليه * ودفعه (1697) دفعا تاما عند الانفصال PageVW5P044A غير أنه يجب علينا أن نبين ما * معنى (1698) الزيادات المطلوبة تنقيصها . أما الفاضل جالينوس فإنه لم يتعرض لبيانها البتة. وقال ابن أبي صادق: يمكن أن يفهم منه الزيادات الجزئية أي الموجبة للنوبة ويمكن أن يفهم منه الزيادات الكلية أي الموجبة للمرض. وأما الانفصال قيمكن أن يفهم منه انفصال النوبة الجزئية ويمكن أن يفهم منه منتهى المرض ويمكن أن يفهم منه البحران والكل محتمل إلا أنه إن فهم من الزيادات الزيادة الجزئية. فليفهم من النقصان النقصان الجزئي، وإن فهم منها الكلية فليفهم من الانفصال الانفصال الكلي. قال: والأول أوقع عندي لأنه أليق بأوائل الفصل. وهذا الكلام فيه نظر وهو أنه إن فهم من وقت الانفصال انفصال النوبة فلا يصح لأن التنقيص استفراغ وقد بينا أنه لا يجب استعماله في وقت النوبة اللهم إلأ أن يقال إنه يكون قبل النوبة. وحينئذ نقول: إنه لا يحسن أن يقال من قبل أوقات الانفصال بل من قبل أوقات * النوائب (1699) ، * ولذلك (1700) لا يصح أن يفهم من الانصفال وقت المنتهى لأن هذه اللفظة أي الفصل لا يستعمل في اللغة اليونانية إلا للبحران على ما ستعرفه. * وذكر (1701) أيضا الفاضل جالينوس في شرح هذا الفصل: * فيكون (1702) تقدير قول أبقراط لكن ينبغي أن ينقص من المواد التي عبر عنها بالزيادات الموجبة للمرض من قبل مجيء البحران الذي به يكون الانفصال. قال جالينوس: هذه المعاني الثلاثة كلها حق إلا أن أشبهها بقصده وأقربها إليه أن يكون مراده بالانفصال انفصال * النوائب (1703) ، وبه قال ابن أبي صادق قال جالينوس لأنه قد فرغ من الكلام في المنتهى وبفراغه يكون الفراغ من الكلام في البحران لأنه على الأمر الأكثر إنما يكون في المنتهى. والحق عندي أنه أراد بالانفصال البحران على ما عرفت.
Unknown page