البحث السادس:
قال جالينوس وقد (973) اتفق لنا أنا رأينا هذا الجسم مرارا كثيرة، على أن غيرنا من الأطباء ممن تكررت تجربته قد ذكروا أنهم رأوا هذا البول مرارا قليلة. وقد رأيت منذ قريب من بال من هذا الشعر ما له طول ما لا يكاد أن يصدق به من يسمعه أن بعضه كان قريبا من نصف ذراع وكان من قصة هذا الرجل أنه مكث نحو من سنه قبل أن يبول هذا البول يأكل باقلي مطبوخا وخسا رطبا ويابسا، ورأيت رجلا آخر بال هذا البول وكان قد استعمل أطعمة غليظة تولد خلطا غليظا، وهذا الخلط الغليظ إذا عملت فيه الحرارة الغريبة تولد منه هذا الجسم وعلاج هذا الداء يشهد على صحة القياس في وجود سببه. فإن الذين أصابتهم هذا العلة إنما يبرؤون بالأدوية الملطفة المقطعة ولو كان هذا الجوهر من الكلى لما كان أصحابها ينتفعون بهذه الأدوية، بل كانت تضرهم. أقول طول هذا الجسم بحسب استعداد المادة فربما كان طول المادة المستعدة لذلك طول ما قاله جالينوس. وربما كان أكبر، وربما كان أقل. ولأجل هذا قال كان الأنسب بتوليد هذا الجسم المادة البلغمية.
البحث السابع:
قال ابن أبي صادق الأجزاء الشعرية لا يمكن أن تكون من جوهر الكلى أو (974) المثانة لأن جوهر الكلى لا ينحل إلى أجزاء شعرية، بل إلى أجزاء كرسنية. وجوهر المثانة ينحل إلى أجزاء صغار صفائحية أو نخالية. ولا يمكن أن ينعقد في تجويفهما من خلط لأن ما ينعقد في تجويف الكلى يوجد في PageVW5P111A شكله شبيها بنوى الغبير أو الزيتون أو التمر والمنعقد في تجويف المثانة جوهر حصوي بل الأجزاء الشعرية تنعقد في تجويف البربخين الجائيين من الكلى إلى المثانة لرطوبة فيهما غليظة تعمل فيها حرارة غريبة فتجففها فإن لها من الطول المقدار يمكن أن ينعقد منه أمثال هذه الأجزاء وأبقراط عبر عن البربخين بلفظة الكلى تجوزا في العبارة. والدليل على هذا الجوهر ينعقد من البلغم الغليظ أن البول يكون مع الأثفال الشعرية غليظا لأن الخلط البلغمي الذي هو مادتها ينتقض من الكلى ولذلك ينفع هو لا التدبير الملطف. وأما مع قطع اللحم، فلا يكون البول غليظا ولعل أبقراط عنى بالغليظ المعتدل القوام حتى يكون قوله وهو (975) غليظ معناه أنه ليس بالرقيق. أقول هذا الكلام من هذا الرجل ليس بشيء. وذلك لوجوه ثلاثة. أحدها أن البربخ مجرى ضيق يستحيل أن تقف فيه مادة لزجة يتكون منها هذا الجوهر. وثانيها أن حرارة البربخ ضعيفة لأن جوهره عصبي وهي عاجزة عن عقد هذا الجوهر وحرارة الكلى قادرة على ذلك لأنها جوهر لحمي. وثالثها أن البربخ ليس فيه قوة (976) مغيرة تحيله PageVW1P127B يمكن أن تولد مثل هذا الجوهر. وهذه الأمور الثلاثة موجودة في الكلى. أما المجرى، فالكلى وإن كانت كذلك لكن فيها تجاويف وهي تجاويف العروق المنبتة من مجراها في جرمها. فإنه يحتمل أن يتولد في هذه العروق المذكورة ويندفع إلى تجويف المثانة ويخرج بالبول لا سيما والمادة الحاصلة في الكلى غليظة لاختلاط الدم بالمائية النافذة إليها. وأما الحرارة فإنها في الكلى أقوى مما هي في البربخين لأنها عضو لحمي والبربخان PageVW5P111B عصبيان. وأما التغير، فإن الكلى فيها قوة مغيرة أي فاعلة لأنها عضو لحمي والبربخان (977) عضو عصبي، فتكون أحر منها. وقد علمت أن الآلة في التغير والإحالة الحرارة الغريزية. وأما قوله وأما مع قطع اللحم، فلا يكون البول معه غليظا إلا أن يعني به (978) الاعتدال. أقول: قد بيننا أن البول يكون غليظا على جميع التقادير، * والله أعلم (979).
76
[aphorism]
PageVW5P185A قال أبقراط: من خرج في بوله وهو غليظ بمنزلة النخالة فمثانته جربة.
[commentary]
الشرح: هاهنا بحثان.
البحث الأول:
Unknown page