لقائل أن يقول فما الفرق بين هذه الحمى وبين الدائمة التي يحصل فيها ذلك كل يوم على سبيل الرشح؟ قلنا إن الكائن للرشح يخف به الحمى لأنه لا بد وأن تنقص به مادة المرض بخلاف تلك.
64
[aphorism]
قال أبقراط: متى عرض اليرقان فى الحمى في اليوم السابع أو في التاسع أو في الرابع عشر فذلك محمود إلا أن يكون الجانب الأيمن مما دون الشراسيف صلبا فإن كان كذلك فليس أمره بمحمود.
[commentary]
الشرح هاهنا مباحث ثلاثة.
البحث الأول
في الصلة أما جالينوس فقال الواجب أن يكون هذا الفصل متصلا بالفصل الذي أوله إذا عرض اليرقان في الحمى قبل اليوم (631) السابع فهو علامة رديئة. ثم يقول وأما متى عرض (632) في اليوم السابع أو التاسع أو في الرابع عشر إلى آخره قال وإذا كان كذلك وكان وقوع الفصل المذكور بينهما دخيلا. والحق عندي أن الفصل الذي قبل هذا ليس هو دخيلا بل ذكره فيما بين الأول وهذا الفصل لفائدة وهو أنه كأنه يقول اندفاع من الباطن إلى الظاهر تارة يكون اندفاعا رديئة وتارة PageVW5P064B يكون اندفاعا جيدا، وتارة يكون اندفاعا متوسطا. ففي الفصل الأول ذكر الاندفاع الأول وهو قوله إذا عرض اليرقان في الحمى قبل اليوم السابع فهو علامة رديئة، وفي الفصل الثاني ذكر الاندفاع الثالث، وهو قوله من كان يصيبه في حماه نافض في كل يوم فحماه تنقضي في كل يوم وفي الفصل الثالث وهو الذي نحن الآن في شرحه ذكر الاندفاع الثاني وجعل الاندفاع الثالث تاليا في الذكر لأنه كذلك في الترتيب فإن الأول لما كان يتضمن الرديء والثاني ما دونه في الرداءة أعقبه بذكره (633) وجعل هذا تاليا لأنه دون الثاني (634) في الرداءة فإنه كيف كان لا بد فيه شيء من ذلك لأن فيه حصول مرض عن مرض غير أن المرض الثاني الذي هو اليرقان لما كان حصوله في الأعضاء الظاهرة التي هي أقل شرفا من الأعضاء الباطنة كان أقل ضررا. ومن هذا يعلم أن الفصل الثاني لم يقع دخيلا بين الأول وهذا الفصل (635).
البحث الثاني
اندفاع المادة من الباطن إلى الظاهر تارة يكون لدفع الطبيعة لها وتارة يكون للكثرة ويعرف هذا القدر بما يعقبه من الأعراض ومن اليوم الذي وقع الاندفاع فيه. أما الأول فمثل سكون الحمى والصداع والعطش والقلق وانصلاح رائحة البول والبراز وكذلك قوامها * ولونها. وأما الثاني، فهو أن يكون ذلك في يوم من أيام البحارين (636) الجيدة لا سيما القوية في ذلك. وقد عرفتها غير أن الأول دل على السلامة من الثاني، فإنه من المحتمل أن يحصل الدفع من جهة كثرة المادة في يوم من الأيام البحرانية. وأما الأول فإنه من المستحيل أن يكون الدفع من جهة الطبيعة وتعقبه الأعراض المذكورة ولأجل هذا لم يقل إنه محمود مطلقا، بل بشرط وهو أن لا يكون معه صلابة في الجانب الأيمن مما دون الشراسيف فإنه متى كان كذلك دل على ورم في الكبد أو في عضلتها. والفرق بينهما بشكل الورم ويكون البول واللهيب والعطش. أما الشكل فإنه متى كان في الكبد كان هلالي الشكل. ومتى كان في العضل كان مستطيلا ومستعرضا. وأما لون البول فإنه متى كان في الكبد كان له صبغ، ومتى كان في العضل لم يكن (637) كذلك. * وأما اللهيب والعطش فإنه متى كان في الكبد كان ذلك قويين جدا ومتى كان في العضل لم يكونا كذلك والله تعالى أعلم (638).
Unknown page