Sharh Fusul Abuqrat
شرح فصول أبقراط
Genres
الشرح: PageVW1P072B هاهنا * مباحث (4) خمسة.
البحث الأول
في معنى الانقلاب: قال جالينوس: ظن قوم أنه عنى بالانقلاب * انتقال (5) فصول السنة بعضها إلى بعض كانتقال الشتاء إلى الربيع والربيع إلى الصيف * والصيف (6) إلى الخريف * والخريف (7) إلى الشتاء، وكل * فصل (8) منها إذا انتقل إلى طبيعة فصل ولد الأمراض الخاصة به. قال: وفي هذا الفصل حرف واحد لا يحتمل هذا التأويل وهو قوله «خاصة» أي أنه إذا انتقل ولد الأمراض خاصة، وعلى هذا التفسير لم يكن حال الفصول عند انتقالها هذا الحال، وذلك لأنها عند الانتقال المذكور تولد أمراضا وتبرى من أمراض أخرى، فإن الصيف عند انتقاله إلى الخريف يضاد * الأمراض (9) الصيفية وتناسب الأمراض الخريفية فيولد هذه ويبرى من تلك، فلا يكون ذلك الانتقال مولد * للأمراض (10) خاصة. قال: وإذا كان كذلك فالأولى بسبب هذه الزيادة أن يفهم من قوله انقلاب أوقات السنة التغير الذي يعرض في مزاجها لأن ذلك التغير هو الذي يولد الأمراض خاصة. وهذا الكلام من جالينوس يفهم على معنين: أحدهما أن يقال إن مراده بالتغير في المزاج أي فيما يناسب كيفياتها * مثل (11) أن تفرط حرارة الصيف ويبوسته؛ وثانيهما أن يقال إن مراده بالتغير في المزاج أي فيما يضاد مزاجها * في (12) كيفياتها * مثل (13) أن ينتقل مزاج الصيف إلى البرودة والرطوبة. وعلى كلي التقديرين يلزم جالينزس ما * ألزم (14) به الأوائل، فإن التغير الأول كما أنه يولد الأمراض الحارة اليابسة فقد يبرى مما يقابلها، وكذلك التغير الثاني . وإذا كان كذلك فلا يكون الانتقال * المذكور (15) بحسب هذا التأويل مولدا لأمراض خاصة.
البحث الثاني:
قال ابن أبي صادق: قد عارض الرازي * جالينوس (16) بما عارض هو به الأوائل، وهو أن الربيع إذا تغير مزاجه إلى مزاج الصيف أو * الصيف (17) * إلى (18) الخريف وكذلك القول في الخريف * والشتاء (19) فقد يولد ذلك التغير أمراضا ويبرى من أمراض أخرى وهي المضادة له. قال ابن أبي صادق: وهذا القول من الرازي وإن كان حقا غير أنه إذا صار الربيع صيفا والصيف خريفا * والخريف (20) شتاء والشتاء ربيعا كان في السنة الواحدة صيفان وخريفان وشتاءان وربيعان فكانت خارجة عن الاعتدال مطلقا وعن النظام المعتاد فيكون مولده للأمراض مطلقا. وهذا الكلام من ابن أبي صادق فيه نظر وهو أن يقال له إذا انتقل كل PageVW5P129B فصل إلى مزاج الفصل الذي يليه كيف يتصور أن يقال أن يكون في السنة الواحدة صيفان وخريفان وشتاءان وربيعان بل لا يكون كل فصل إلا واحد فقط ويكون حال السنة عند الانتقال المذكور كحالها عند كون كل فصل * يرد (21) على واجبه. ومما يؤكد قول الرازي قول أبقراط فيما بعد أن من الطبائع ما يكون حاله في الصيف أجود وفي الشتاء أردأ، * وبالعكس (22) . وذلك لأن طبيعة كل فصل قد * تناسب (23) بعض الأشخاص وبعض الأمراض وتخالف بعضها فيختلف لذلك أثرها في الأبدان بحسب المناسبة والمخالفة. وذلك بأن يكون لبعضها صحة وهي المخالفة، ولبعضها * مرض (24) وهي المناسبة. وإذا علم هذا لم يصح * الإطلاق (25) بوجوب الأمراض خاصة عند انقلاب أوقات السنة بهذا المعنى.
البحث الثالث
فيما نقوله نحن في هذا الموضع وهو أن مراده بالانقلاب تغير الفصول عن * طبائعها (26) سواء كان ذلك إلى * ما (27) يناسب مزاجها أو إلى * ما (28) يضاده غير أن قوله مما يعمل في توليد الأمراض خاصة: هذا يحمل على وجهين: أحدهما في الأبدان * الصحيحة (29) ، فإن هذا الانقلاب مباين * للحالة (30) الصحية إذ المناسبة لها أن ترد الفصول على * واجبها (31) ، وعلى هذا التأويل يكون التغير المذكور مولدا للأمراض فقط * لأنه (32) لم * يكن (33) هناك حالة مرضية يزيلها ذلك التغير المذكور ثم يحدث * أيضا (34) حالة أخرى مضادة لتلك الحالة؛ * والثاني (35) في الأبدان المستعدة لها فقوله «خاصة» أي أن الانقلاب المذكور يولد الأمراض في الأبدان المذكورة التي هي الصحيحة والمستعدة * لها (36) لا أن * ذلك (37) يولد الأمراض مطلقا. فإن قيل * إن (38) الألف واللام في اللغة العربية المراد بهما الاستغراق في * الجنس (39) وإذا كان كذلك فيكون تقدير قول أبقراط مما يعمل في توليد الأمراض أي * أنها (40) تولد الأمراض مطلقا، وعلى هذا يلزمكم ما * ألزم (41) به جالينوس * الأوائل (42) وما ألزمه به الرازي. فنقول: قد عرفت أن الألف واللام في اللغة العربية يراد * بهما (43) ثلاثة معان: الاستغراق في الجنس كما يقال الحيوان أي جميع * الحيوانات (44) ؛ والمعهود السابق أي الذي كان كلامنا فيه مثالة إذا كان قد جرى حديث في بلد ما ثم تمم بحديث آخر وذكر البلد، فيكون المراد به البلد الذي كان حديثنا فيه؛ والطبيعة الأصلية كما إذا قيل الحيوان، ويكون المراد به الجسم الحساس المتحرك بالإرادة. وإذا كان كذلك فيكون مراد * الإمام (45) أبقراط بالألف واللام المذكورين هاهنا في الأمراض الطبيعية الأصلية أي أن التغير المذكور يوجب الحالة الموجبة لضرر الفعل فيما ذكرنا وهي المعبر عنها بالمرض.
البحث الرابع:
قوله «وفي الوقت الواحد منها التغير الشديد في الحر أو في البرد» معناه أن الانقلاب المذكور تارة يكون في الفصول الأربعة وتارة يكون في فصل واحد فقط، PageVW5P130A غير أنه متى كان كذلك فإنه لا يوجب مرضا في بدن صحيح * وفيمن (46) هو مستعد * للمرض (47) إلا بعد شرطين: أحدهما أن يكون ذلك التغير شديدا جدا، وثانيهما أن يكون إلى جانب الحرارة أو إلى جانب البرودة. أما الأول فإن ظهور الأثر قد يكون * لقوة (48) المؤثر وقد يكون لدوام التأثير فالمدة هاهنا لما كانت قصيرة لم يظهر الأثر فيها ما لم يكن المؤثر في غاية القوة فلذلك اشترط في التغير أن يكون شديدا. وأما الثاني فإن الكيفيات على نوعين: فاعلة PageVW1P073A كالحرارة والبرودة، ومنفعلة كالرطوبة واليبوسة. وتأثير الفاعلة أقوى من تأثير المنفعلة لأن شأن * تلك (49) الفعل في الغير وهذه الانفعال عن الغير. ولما كان الحال كذلك وكانت مدة الوقت * الحاضر (50) قصيرة، اشترط أن تكون الكيفية * التي (51) انتقل إليها * الفصل (52) فعلية لا انفعالية.
البحث الخامس:
Unknown page