لأن المراد به أن يشرب الأقل ويبقى الأكثر، وإنما ندب للتأدب بذلك لأن الإكثار من المطعم والمشرب منبأة عن النهم وملأمة عند العرب، ومنه ما جاء في حديث "أم زرع" عن التي ذمت زوجها فقالت: "إن أكل لف وإن شرب اشتف" أي تناهى في الشرب إلى أن يستأصل الشفافة وهي ما يبقى من الشراب في الإناء،
ــ
الأصول: ترك الاستفصال في حكايات [وقائع]- الأحوال مع الاحتمال ينزل منزلة العموم في المقال كما في "الروض الأنف" وله تفصيل ليس هذا محله. (والصحيح أنه يستعمل في كل باق أو كثر لإجماع أهل اللغة على أن معنى الحديث إذا شربتم فأسئروا أي أبقوا في الإناء بقية ماء [لأن المراد به أن يشرب الأقل ويبقي الأكثر]. اعترض عليه "ابن هشام" وغيره بأنه كلام مختل لأنه يقتضي كون سائر من السؤر، وكون معنى أسئروا أبقوا الأقل يقتضي أن يكون سائر للأقل ولم يقل به أحد، وإنما قيل إنه للجميع أو للأكثر، فهذا لا يدل له ولا لغيره. والذي خيل له أنه قد ثبت بقوله [ﷺ]: "وفارق سائرهن" أنه يستعمل للأكثر وباشتقاقه من أسئروا أنه يستعمل للأقل وهذا خلف؛ لأن ما اشتق من شيء لا يخرج عن معناه، والجواب أن المدعي أن سائرا بمعنى البقية وأنها من السؤر بمعنى البقية أيضًا وإطلاقها على الكثير لا نزاع فيه. ومحل النزاع الإطلاق على القليل. فاستشهد عليه بإطلاق السؤر على القليل ولم يتعرض لإقامة دليل على أن السؤر يستعمل بمعنى الكثير، وقد ثبت عن "أبي
1 / 50