Sharh Diwan Mutanabbi
شرح ديوان المتنبي
Genres
فلما أنشدها وفرغوا من السماط، حمل إليه عضد الدولة من أنواع الطيب في الأردية الأمنان من بين الكافور والعنبر والمسك والعود، وقاد فرسه الملقب بالمجروح - وكان اشتري له بخمسين ألف شاة - وبدرة دراهمها عدلية، ورداء حشوه ديباج رومي مفصل، وعمامة قومت بخمسمائة دينار، ونصلا هنديا مرصع النجاد والجفن بالذهب، وبعد ذلك كان ينشده في كل حدث يحدث قصيدة، إلى أن حدث يوم نثر الورد. فدخل عليه والملك على السرير في قبة يحسر البصر في ملاحظتها، والأتراك ينثرون الورد، فمثل المتنبي بين يديه، وقال: ما خدمت عيني قلبي كاليوم؟ وأنشأ يقول:
قد صدق الورد في الذي زعما
أنك صيرت نثره ديما
كأنما مائح الهواء به
بحر حوى مثل مائه عنما
فحمل على فرس بمركب، وألبس خلعة ملكية، وبدرة بين يديه محمولة، وكان أبو جعفر وزير بهاء الدولة مأمورا بالاختلاف إليه، وحفظ المنازل والمناهل من مصر إلى الكوفة وتعرفها منه، فقال: كنت حاضره، وقام ابنه يلتمس أجرة الغسال، فأحد المتنبي إليه النظر بتحديق فقال: ما للصعلوك والغسال! يحتاج الصعلوك إلى أن يعمل بيده ثلاثة أشياء: يطبخ قدره، وينعل فرسه، ويغسل ثيابه؟ ثم ملأ يده قطيعات بلغت درهمين أو ثلاثة.
وورد كتاب أبي الفتح ذي الكفايتين بن أبي الفضل - وكان من أجاود زمان الديلم، فرق في يوم واحد بشبديز قرميسين، ألفين وخمسمائة قطعة إبريسم - ومضمونه كتاب الشوق إلى لقاء المتنبي وتشوفه إلى نظرته فأجابه المتنبي:
يكتب الأنام كتاب ورد
فدت يد كاتبه كل يد
فلما عاد الجواب إلى أبي الفتح، جعل الأبيات سورة يدرسها، ويحكم للمتنبي بالفضل على أهل زمانه ... فقال أبو محمد بن أبي الثبات البغدادي:
Unknown page