- الْمَعْنى يُرِيد أَن هَذِه النوق توصل إِلَى الْحَيَاة وتكيد الْأَعْدَاء وتدفع الْأَذَى أى تزيله لِأَنَّهَا تخرجك من المهالك إِلَى النجَاة فبهن تكَاد الْأَعْدَاء وَيدْفَع شرهم
٤ - الْغَرِيب التيه الأَرْض الْبَعِيدَة الَّتِى يتاه فِيهَا لبعدها وَهُوَ هُنَا تيه بنى إِسْرَائِيل وَهُوَ الذى بَين القلزم وأيلة وَيُسمى أَيْضا بطن نخل وَعَلِيهِ أَخذ لما هرب من مصر إِلَى الْعرَاق الْمَعْنى سلكت بِهَذِهِ النَّاقة هَذِه المسالك المخوفة إِمَّا للنجاة وَإِمَّا للمخاف إِمَّا أَن أفوز وأنجو وَإِمَّا أَن أهلك فَأَسْتَرِيح وَالْإِشَارَة إِلَى الْفَوْز والهلاك
٥ - الْمَعْنى إِذا فزعت هَذِه النَّاقة تقدمتها الْخَيل الْجِيَاد لأَنهم كَانُوا يجنبون الْخَيل ويركبون الْإِبِل وَإِذا لَا قوا الْأَعْدَاء ركبُوا الْخَيل وَنسب الْفَزع إِلَيْهَا على حذف الْمُضَاف أى فزع راكبها وَقَوله
(بِيض السيوف وَسمر القنا ...)
من الْمُقَابلَة الجيدة يُرِيد الدّفع عَنْهَا بِهَذِهِ السيوف والرماح
٦ - الْمَعْنى يُرِيد مرت هَذِه الْإِبِل بنحل وَهُوَ مَاء مَعْرُوف وفى ركبهَا يعْنى ركبانها يُرِيد نَفسه وَأَصْحَابه عَن هَذَا المَاء وَعَن كل من فى الدُّنْيَا غنى لأَنهم اكتفوا بِمَا عِنْدهم من الْجلد والحزامة عَن المَاء وَعَن غَيره
٧ - الْإِعْرَاب وادى مفعول تخيرنا وَإِنَّمَا أسكن الْيَاء من الوادى ضَرُورَة وَيجوز أَن يكون بَدَلا من النقاب وَيجوز أَن يكون أسكن على الْموضع فَلَا ضَرُورَة يُرِيد تخيرنا بوادى الْقرى ووادى الْمِيَاه كَمَا أنْشد سِيبَوَيْهٍ
(مُعَاوِىَ إنَّنا بَشَرٌ فَأسْجِحْ ... فَلَسْنا بالجِبالِ وَلا الحَدِيداّ)
فنصب الْحَدِيد على مَوضِع الْجبَال قبل دُخُول الْبَاء وَمثله قِرَاءَة الْقُرَّاء السِّتَّة سوى الْكسَائي مَا لكم من إِلَه غَيره على مَوضِع إِلَه قبل دُخُول حرف الْجَرّ الْمَعْنى إِنَّا لما وصلنا هَذَا الْموضع رَأينَا عِنْده طَرِيقين طَرِيقا إِلَى وادى الْقرى وطريقا إِلَى وادى الْمِيَاه قَدرنَا السّير إِلَى أَحدهمَا فَجعل هَذَا التَّقْدِير كالتخيير من الْإِبِل كَأَن الْإِبِل خيرتهم إِن شِئْتُم سلكتم هَذَا وَإِن شِئْتُم هَذَا وَهَذَا على الْمجَاز والاتساع وَقيل فى التَّخْيِير تَأْوِيلَانِ أَحدهمَا أَن الهوادي من الْخَيل وَالْإِبِل إِذا وصلت مفرق طَرِيقين تلْتَفت إِلَيْهِمَا لتؤذن بالحث على سلوك إِحْدَاهمَا وَهَذَا كَأَنَّهُ تَخْيِير والثانى أَنه على سَبِيل الْمجَاز كَمَا قَالَ
(يشْكُو إلىَّ جَمَلِى طُولَ السُّرَى ...)
لم يرد حَقِيقَة الشكوى وَإِنَّمَا أَرَادَ صَار إِلَى حَال يشتكى من مثلهَا
1 / 38