Sharh Diwan Mutanabbi
شرح ديوان المتنبي
Investigator
مصطفى السقا/إبراهيم الأبياري/عبد الحفيظ شلبي
Publisher
دار المعرفة
Publisher Location
بيروت
يُرِيد بكفى رجل فَحَذفهُ وَهُوَ بنويه وَقَوله من طربى مفعول لَهُ وَهُوَ بِمَعْنى اللَّام كَمَا تَقول جِئْت من أَجلك ولأجلك وأكرمته لمخافة شَره وَمن مَخَافَة شَره وشوقا يحْتَمل أَن يكون مَفْعُولا لأَجله عمل فِيهِ طربى فَيكون الشوق عِلّة للطرب والطرب عِلّة للسهر وَلَا يعْمل سهرت فى قَوْله شوقا لانه قد تعدى إِلَى عِلّة فَلَا يتَعَدَّى إِلَى أُخْرَى إِلَّا بعاطف كَقَوْلِك أَقمت سهرا وخوفا وسرت طَربا وشوقا وَيحْتَمل أَن ينصب بِمَحْذُوف كَأَنَّهُ قَالَ شقَّتْ شوقا وشاقنى التَّذَكُّر شوقا وَشقت فعل مَا لم بِسم فَاعله كَمَا يَقُول الْمَمْلُوك قد بِعْت أى باعنى مالكى وكقول الْجَارِيَة وَقد سُئِلت عَن الْمَطَر غثنا مَا شِئْنَا أى أغاثنا الله وَقَوله إِلَى الله وَقَوله إِلَى من يتَعَلَّق بالشوق لِأَنَّهُ أقرب الْمَذْكُور إِلَيْهَا وَإِن شِئْت علقته بالطرب إِذا نصبت شوقا بالطرب وَإِن نصبته بالمحذوف لم تعلقه بالطرب لِأَنَّك تفصل بشوق وَهُوَ أجنبى من الطَّرب وصلته وَكَانَ الْوَجْه أَن يَقُول يرقد فِيهَا كَمَا تَقول يَوْم الْجُمُعَة خرجت فِيهِ وَلَا تَقول خرجته إِلَّا على سَبِيل التَّوَسُّع فى الظّرْف فَجعله مَفْعُولا بِهِ على السعَة كَقَوْلِه
(ويْوما شَهِدناه سُلَيما وعامرا ...)
ففى الْبَيْت أَرْبَعَة حذوف حذف الْمَقْصُود بالذم وَهُوَ لَيَال وَحذف من سهرت فِيهَا وَحذف الضَّمِير من سهرت وَكَانَ يَقُول سهرتها وَالرَّابِع حذف من يرقد فِيهَا وروى سهرت وسهدت بالراء وَالدَّال وَقد فرق أهل اللُّغَة بَينهمَا فَقَالُوا السهر بالراء فى كل شئ وبالدال للديغ والعاشق وَاسْتَدَلُّوا بقول النَّابِغَة
(ويَسْهَد فى ليَل التِّمام سليمها ...)
وَبقول الْأَعْشَى
(وَبِتَّ كَمَا باتَ السَّليمُ مُسَهَّدا ...)
وَقَوله بئس اخْتلف أَصْحَابنَا والبصريون فى نعم وَبئسَ فَقَالَ أَصْحَابنَا هما اسمان وَقَالَ البصريون بل هما فعلان ماضيان لَا يتصرفان وَوَافَقَهُمْ من أَصْحَابنَا على بن حَمْزَة الْمُقْرِئ حجتنا على أَنَّهُمَا اسمان أَن حرف الْجَرّ يدْخل عَلَيْهِمَا لما قد جَاءَ عَن الْعَرَب أَنَّهَا تَقول مَا زيد بنعم الرجل قَالَ حسان بن ثَابت الأنصارى
(ألَسْتَ بِنعْمَ الجارُ يُؤْلَفُ بيْتُه ... أَخا قِلَة أَو مُعدِمَ المَال مُصْرِما)
وَحكى عَن بعض فصحاء الْعَرَب أَنه قَالَ نعم السّير على بئس العير وَقَالَ الْفراء إِن أَعْرَابِيًا بشر بمولودة فَقيل لَهُ نعم المولودة مولودتك فَقَالَ وَالله مَا هى بنعم الْوَلَد نصرتها بكاء وبرها سَرقَة فدخول حرف الْجَرّ عَلَيْهِمَا دلّ على أَنَّهُمَا اسمان وَحجَّة أُخْرَى أَن حرف النداء يدْخل عَلَيْهِمَا وَهُوَ لَا يدْخل إِلَّا على الْأَسْمَاء فى قَوْلهم يَا نعم الْمولى وَيَا نعم نصير وَلَا يجوز أَن يُقَال الْمَقْصُود بالنداء مَحْذُوف للْعلم بِهِ وَالتَّقْدِير فِيهِ يَا ألله نعم الْمولى فَحذف المنادى لدلَالَة حرف النداء عَلَيْهِ كَمَا يحذف حرف النداء لدلَالَة المنادى عَلَيْهِ فَإِن قيل ذَلِك فجوابنا أَن المنادى إِنَّمَا يقدر محذوفا إِذا ولى حرف النداء فعل أَمر وَمَا جرى مجْرَاه كَقِرَاءَة على بن حَمْزَة وَالْحسن وَيَعْقُوب والأعرج ﴿أَلا يَا اسجدوا﴾ تَقْدِيره يَا هَؤُلَاءِ اسجدوا وكقول ذى الرمة
1 / 299