- الْإِعْرَاب نَادَى الحاديين وَحذف مَا ناداهما لَهُ وَذكره فِيمَا بعد الْبَيْت وَهَذَا مِمَّا يُسمى الاعترض اعْتِرَاض لَهُ كَلَام آخر هُوَ من شَأْنه وقصته وَلَو كَانَ كلَاما لَيْسَ من قصَّته وشأنه فسد وَإِذا كَانَ من كَانَ // جَائِزا // كَقَوْل الآخر
(وَقد أدركَتنى والحوادث جمَّة ... أسِنَّة قوم لَا ضِعافٌ وَلَا عُزْل)
ففصل بَين الْفِعْل وَالْفَاعِل بِمَا هُوَ من قصَّته لِأَن إِدْرَاك الأسنة من جملَة الْحَوَادِث وَكَذَلِكَ قَول أَبى الطّيب لَيْسَ بأجنبى عَمَّا هُوَ فِيهِ من الْقِصَّة وَأَرَادَ قبيل أَن أفقدها فَلَمَّا حذف أَن رفع الْفِعْل كبيت الْكتاب فى رِوَايَة الْبَصرِيين
(أَلا أيهذا الزّاجرى أحضرُ الوَغَى)
الْغَرِيب العير الْإِبِل الَّتِى تحمل الْميرَة وَيجوز جمعه على عيرات ذكره الجوهرى هَكَذَا الْمَعْنى يُرِيد يَا حاديى أبلها أَظن أَنى أَمُوت قبيل أَن أفقدها وَبَين مَا دعاهما لَهُ بقوله
(قفا قَلِيلا ... الخ ...)
٤ - الْإِعْرَاب من روى أقل بِالرَّفْع جعل لَا بِمَنْزِلَة لَيْسَ كبيت الْكتاب
(من صَدّ عَن نيرَانها ... فَأَنا ابْن قيسٍ لَا براحُ)
يُرِيد أَنه لَيْسَ عندى براح وَالضَّمِير فى بهَا يعود على المحبوبة وَإِن شِئْت فعلى العير الْمَعْنى يُرِيد يَا حاديى عيرها قفا بهَا على قَلِيلا أتعلل بنظرة كَثِيرَة والنظرة للمحب وَلَا سِيمَا عِنْد الْوَدَاع وفى هَذَا نظر إِلَى قَول ذى الرمة
(وَإنْ لم يَكُنْ إلاَّ تَعَلُّلُ ساعَةٍ ... قَليلٌ فإنى نافعٌ لى قليلُها)
٥ - الْغَرِيب الْجَحِيم النَّار الشَّدِيدَة التوقد الْعَظِيمَة وكل نَار عَظِيمَة فهى جحيم قَالَ تَعَالَى ﴿قَالُوا ابْنُوا لَهُ بنيانا فألقوه فِي الْجَحِيم﴾ والجاحم الْمَكَان الشَّديد الْحر قَالَ الْأَعْشَى
(يُعِدُون للهَيْجاء قبلَ لِقائها ... غَدَاة احتضار الْبَأْس والموتُ جاحِم)
وجحمت النَّار كثر جمرها ولهبها وتوقدها فهى جحيم وجاحمة الْمَعْنى يَقُول فى فؤاد الْمُحب يعْنى نَفسه نَار شَدِيدَة التوقد أحر نَار شَدِيدَة أبرد من نَار الْهوى يُرِيد أَن الْهوى أَشد من نَار الْجَحِيم حرارة أعاذنا الله مِنْهُمَا