Sharh Caqida Tahawiyya
شرح العقيدة الطحاوية
Investigator
أحمد شاكر
Publisher
وزارة الشؤون الإسلامية
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤١٨ هـ
Publisher Location
والأوقاف والدعوة والإرشاد
Genres
Theology
مُجَرَّدًا، وَإِنَّمَا وَرَدَ عَلَى السِّيَاقِ الْمَذْكُورِ، ولَا يُظَنُّ أَنَّ مَعْنَاهُ الْإِخْبَارُ بِتَعْطِيلِ الرَّبِّ - تَعَالَى - دَائِمًا عَنِ الْفِعْلِ حَتَّى خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ.
وَأَيْضًا: فَقَوْلُهُ ﷺ: «"كَانَ اللَّهُ وَلم يَكُنْ شَيْءٌ قَبْلَهُ"، أَوْ"مَعَهُ"، أَوْ"غَيْرَهُ"، "وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ»، لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى أَنَّهُ تَعَالَى مَوْجُودٌ وَحْدَهُ لَا مَخْلُوقَ مَعَهُ أَصْلًا؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: «وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ» يَرُدُّ ذَلِكَ، فَإِنَّ الْجُمْلَةَ وَهِيَ: «كَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ» إِمَّا حَالِيَّةٌ، أَوْ مَعْطُوفَةٌ، وَعَلَى كِلَا التَّقْدِيرَيْنِ فَهُوَ مَخْلُوقٌ مَوْجُودٌ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، فَعُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنَ الْعَالَمِ الْمَشْهُودِ.
قَوْلُهُ: (لَهُ مَعْنَى الرُّبُوبِيَّةِ وَلَا مَرْبُوبَ، وَمَعْنَى الْخَالِقِ وَلَا مَخْلُوقَ)
ش: يَعْنِي أَنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - مَوْصُوفٌ بِأَنَّهُ"الرَّبُّ"قَبْلَ أَنْ يُوجَدَ مَرْبُوبٌ، وَمَوْصُوفٌ بِأَنَّهُ"خَالِقٌ"قَبْلَ أَنْ يُوجَدَ مَخْلُوقٌ.
قَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ الشَّارِحِينَ: وَإِنَّمَا قَالَ: "لَهُ مَعْنَى الرُّبُوبِيَّةِ وَمَعْنَى الْخَالِقِ"دُونَ"الْخَالِقِيَّةِ"، لِأَنَّ"الْخَالِقَ"هُوَ الْمُخْرِجُ لِلشَّيْءِ مِنَ الْعَدَمِ إِلَى الْوُجُودِ لَا غَيْرُ، وَ"الرَّبُّ"يَقْتَضِي مَعَانِيَ كَثِيرَةً، وَهِيَ: الْمُلْكُ وَالْحِفْظُ وَالتَّدْبِيرُ وَالتَّرْبِيَةُ وَهِيَ تَبْلِيغُ الشَّيْءِ كَمَالَهُ بِالتَّدْرِيجِ، فَلَا جَرَمَ أَتَى بِلَفْظٍ يَشْمَلُ هَذِهِ الْمَعَانِيَ، وَهِيَ"الرُّبُوبِيَّةُ". انْتَهَى. وَفِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّ الْخَلْقَ يَكُونُ بِمَعْنَى التَّقْدِيرِ أَيْضًا.
قَوْلُهُ: (وَكَمَا أَنَّهُ مُحْيِي الْمَوْتَى بَعْدَمَا أَحْيَا، اسْتَحَقَّ هَذَا الِاسْمَ قَبْلَ إِحْيَائِهِمْ، كَذَلِكَ اسْتَحَقَّ اسْمَ الْخَالِقِ قَبْلَ إِنْشَائِهِمْ)
ش: يَعْنِي: أَنَّهُ ﷾ مَوْصُوفٌ بِأَنَّهُ"مُحْيِي الْمَوْتَى"قَبْلَ إِحْيَائِهِمْ، فَكَذَلِكَ يُوصَفُ بِأَنَّهُ"خَالِقٌ"قَبْلَ خَلْقِهِمْ، إِلْزَامًا لِلْمُعْتَزِلَةِ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِمْ، كَمَا حَكَيْنَا عَنْهُمْ فِيمَا تَقَدَّمَ. وَتَقَدَّمَ تَقْرِيرُ أَنَّهُ تَعَالَى لَمْ يَزَلْ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ.
1 / 92