Sharḥ al-Zurqānī ʿalā Muwaṭṭaʾ al-Imām Mālik
شرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك
Editor
طه عبد الرءوف سعد
Publisher
مكتبة الثقافة الدينية
Edition Number
الأولى
Publication Year
1424 AH
Publisher Location
القاهرة
Genres
Ḥadīth Studies
يَسْتَدْرِكُونَ مَا فَاتَهُمْ مِنَ النَّوْمِ وَقْتَ قَائِلَةِ الضَّحَاءِ عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ عَادَتُهُمُ، انْتَهَى.
وَعَلَى هَذَا حَمَلُوا حَدِيثَ أَنَسٍ فِي الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ: " كُنَّا نُبَكِّرُ بِالْجُمُعَةِ وَنَقِيلُ بَعْدَ الْجُمُعَةِ " مَعْنَاهُ أَنَّهُمْ كَانُوا يَبْدَءُونَ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ الْقَيْلُولَةِ بِخِلَافِ مَا جَرَتْ بِهِ عَادَتُهُمْ فِي الظُّهْرِ فِي الْحَرِّ فَكَانُوا يَقِيلُونَ ثُمَّ يُصَلُّونَ لِمَشْرُوعِيَّةِ الْإِبْرَادِ، فَلَا يُعَارِضُ حَدِيثَ أَنَسٍ فِي الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ أَيْضًا «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يُصَلِّي الْجُمُعَةَ حِينَ تَزُولُ الشَّمْسُ»، وَالتَّبْكِيرُ يُطْلَقُ عَلَى فِعْلِ الشَّيْءِ أَوَّلَ وَقْتِهِ وَتَقْدِيمِهِ عَلَى غَيْرِهِ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا؛ لِأَنَّ الْجَمْعَ أَوْلَى مِنْ دَعْوَى التَّعَارُضِ.
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ عَنْ ابْنِ أَبِي سَلِيطٍ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ صَلَّى الْجُمُعَةَ بِالْمَدِينَةِ وَصَلَّى الْعَصْرَ بِمَلَلٍ قَالَ مَالِكٌ وَذَلِكَ لِلتَّهْجِيرِ وَسُرْعَةِ السَّيْرِ
ــ
١٤ - ١٤ - (مَالِكٌ، عَنْ عَمْرِو) بِفَتْحِ الْعَيْنِ (بْنِ يَحْيَى) بْنِ عُمَارَةَ بْنِ أَبِي حَسَنٍ (الْمَازِنِيِّ) بِالزَّايِ الْمَدَنِيِّ ثِقَةٍ، مَاتَ بَعْدَ الثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ.
(عَنِ ابْنِ أَبِي سَلِيطٍ) بِفَتْحِ السِّينِ وَكَسْرِ اللَّامِ؛ اسْمٌ لِابْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَالْأَبُ أُسَيْدٌ؛ بِالتَّصْغِيرِ وَدَالٍ آخِرَهُ. وَقِيلَ: رَاءٌ. وَقِيلَ: بِزِيَادَةِ هَاءٍ آخِرَهُ، فَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُسَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ الْبُخَارِيُّ، رَوَى عَنْ أَبِيهِ الصَّحَابِيِّ الْبَدْرِيِّ، وَعَنْ عُثْمَانَ وَمُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، وَعَنْهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ ضُمَيْرَةَ وَعَمْرُو بْنُ يَحْيَى وَغَيْرُهُمَا، وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي ثِقَاتِ التَّابِعِينَ.
(أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ) بْنِ أَبِي الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ الْأُمَوِيَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ذَا النُّورَيْنِ أَحَدَ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ، وَالْخُلَفَاءِ الْأَرْبَعَةِ، وَالْعَشَرَةِ الْمُبَشَّرَةِ، وَالسِّتَّةِ أَصْحَابِ الشُّورَى، اسْتُشْهِدَ فِي ذِي الْحِجَّةِ بَعْدَ عِيدِ الْأَضْحَى سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ، وَكَانَتْ خِلَافَتُهُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً وَعُمْرُهُ ثَمَانُونَ. وَقِيلَ: أَكْثَرُ. وَقِيلَ: أَقَلُّ.
(صَلَّى الْجُمُعَةَ بِالْمَدِينَةِ وَصَلَّى الْعَصْرَ) مِنْ يَوْمِهَا (بِمَلَلٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَلَامَيْنِ بِوَزْنِ جَمَلٍ؛ مَوْضِعٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ عَلَى سَبْعَةَ عَشَرَ مِيلًا مِنَ الْمَدِينَةِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: عَلَى ثَمَانِيَةَ عَشَرَ مِيلًا. وَقَالَ ابْنُ وَضَّاحٍ: عَلَى اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ مِيلًا حَكَاهُمَا ابْنُ رَشِيقٍ.
(قَالَ مَالِكٌ: وَذَلِكَ لِلتَّهْجِيرِ) أَيْ: صَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَقْتَ الْهَاجِرَةِ وَهِيَ انْتِصَافُ النَّهَارِ بَعْدَ الزَّوَالِ.
(وَسُرْعَةِ السَّيْرِ) فَيُدْرَكُ مَلَلٌ بَعْدَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ، فَدَلَّ كُلٌّ مِنْ فِعْلِ عُمَرَ وَعُثْمَانَ عَلَى أَنَّ ابْتِدَاءَ وَقْتِ الْجُمُعَةِ مِنَ الزَّوَالِ كَالظُّهْرِ، وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ أَنَّهُ صَلَّى خَلْفَ عَلِيٍّ الْجُمُعَةَ بَعْدَمَا زَالَتِ الشَّمْسُ، إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ.
وَمَا رَوَاهُ أَيْضًا عَنْ أَبِي رَزِينٍ: " كُنَّا نُصَلِّي مَعَ عَلِيٍّ الْجُمُعَةَ فَأَحْيَانًا نَجِدُ فَيْئًا وَأَحْيَانًا لَا نَجِدُ " فَمَحْمُولٌ عَلَى الْمُبَادَرَةِ عِنْدَ الزَّوَالِ أَوِ التَّأْخِيرِ قَلِيلًا.
وَعَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ: " كَانَ النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ يُصَلِّي بِنَا الْجُمُعَةَ بَعْدَمَا تَزُولُ الشَّمْسُ " رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ، وَكَانَ النُّعْمَانُ أَمِيرًا عَلَى الْكُوفَةِ فِي أَوَّلِ إِمَارَةِ يَزِيدَ،
1 / 92