230

Sharḥ al-Zurqānī ʿalā Muwaṭṭaʾ al-Imām Mālik

شرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك

Editor

طه عبد الرءوف سعد

Publisher

مكتبة الثقافة الدينية

Edition

الأولى

Publication Year

1424 AH

Publisher Location

القاهرة

(وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ تَسْلِيمِ الْمُؤَذِّنِ عَلَى الْإِمَامِ وَدُعَائِهِ إِيَّاهُ لِلصَّلَاةِ وَعَنْ أَوَّلِ مَنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ فَقَالَ: لَمْ يَبْلُغْنِي أَنَّ التَّسْلِيمَ كَانَ فِي الزَّمَنِ الْأَوَّلِ) قَالَ الْبَاجِيُّ: أَيْ لَمْ يَكُنْ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ ﷺ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ ﵃، وَإِنَّمَا كَانَ الْمُؤَذِّنُ يُؤَذِّنُ فَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ فِي شُغْلٍ جَاءَ الْمُؤَذِّنُ فَأَعْلَمَهُ بِاجْتِمَاعِ النَّاسِ دُونَ تَكَلُّفٍ وَلَا اسْتِعْمَالٍ، فَأَمَّا مَا يُتَكَلَّفُ الْيَوْمَ مِنْ وُقُوفِ الْمُؤَذِّنِ بِبَابِ الْأَمِيرِ وَالسَّلَامِ عَلَيْهِ وَالدُّعَاءِ لِلصَّلَاةِ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ مِنَ الْمُبَاهَاةِ وَالتَّكَبُّرِ وَالصَّلَاةُ تُنَزِّهُ عَنْ ذَلِكَ.
وَقَدْ قَالَ الْقَاضِي أَبُو إِسْحَاقَ فِي الْمَبْسُوطِ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْمَاجِشُونِ كَيْفِيَّةَ السَّلَامِ: السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْأَمِيرُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ الصَّلَاةُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ.
قَالَ إِسْمَاعِيلُ: رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ أَنْكَرَ عَلَى أَبِي مَحْذُورَةَ دُعَاءَهُ إِيَّاهُ إِلَى الصَّلَاةِ، وَأَوَّلُ مَنْ فَعَلَهُ مُعَاوِيَةُ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ أَوَّلُ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ مُعَاوِيَةُ أَمَرَ الْمُؤَذِّنَ أَنْ يُشْعِرَهُ وَيُنَادِيَهُ فَيَقُولُ: السَّلَامُ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ الصَّلَاةُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ.
وَقِيلَ: أَوَّلُ مَنْ فَعَلَهُ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ انْتَهَى.
وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ عُمَرُ مَكَّةَ أَتَاهُ أَبُو مَحْذُورَةَ وَقَدْ أَذَّنَ فَقَالَ: الصَّلَاةُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَّاحِ، قَالَ: وَيْحَكَ أَمْجَنُونٌ أَنْتَ؟ أَمَّا كَانَ فِي دُعَائِكَ الَّذِي دَعَوْتَنَا مَا نَأْتِيكَ حَتَّى تَأْتِيَنَا.
وَفِي الْأَوَائِلِ لِلْعَسْكَرِيِّ مِنْ طَرِيقِ الْوَاقِدِيِّ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ قَالَ: قُلْتُ لِلزَّهْرِيِّ: مَنْ أَوَّلُ مَنْ سُلِّمَ عَلَيْهِ فَقِيلَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ الصَّلَاةُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ، فَقَالَ: مُعَاوِيَةُ بِالشَّامِ وَمَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ بِالْمَدِينَةِ.
وَرَوَى ابْنُ سَعْدٍ فِي طَبَقَاتِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ الْقَرَظِ قَالَ: كُنَّا نُؤَذِّنُ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي دَارِهِ لِلصَّلَاةِ فَنَقُولُ: السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْأَمِيرُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَّاحِ، وَفِي النَّاسِ الْفُقَهَاءُ فَلَا يُنْكِرُونَ ذَلِكَ.
وَبِهَذَا كُلِّهِ تَعْلَمُ ضَعْفَ مَا فِي خِطَطِ الْمَقْرِيزِيِّ.
قَالَ الْوَاقِدِيُّ وَغَيْرُهُ: «كَانَ بِلَالٌ يَقِفُ عَلَى بَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بَعْدَ الْأَذَانِ فَيَقُولُ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَلَمَّا وَلِيَ أَبُو بَكْرٍ كَانَ سَعْدُ الْقَرَظِ يَقِفُ فَيَقُولُ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ الصَّلَاةُ يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ، فَلَمَّا وَلِيَ عُمَرُ وَلُقِّبَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ كَانَ الْمُؤَذِّنُ يَقِفُ عَلَى بَابِهِ وَيَقُولُ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ الصَّلَاةُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ أَمَرَ الْمُؤَذِّنَ فَزَادَ فِيهَا رَحِمَكَ اللَّهُ» .
وَيُقَالُ إِنَّ عُثْمَانَ هُوَ الَّذِي زَادَهَا.
وَمَا زَالَ الْمُؤَذِّنُونَ إِذَا أَذَّنُوا سَلَّمُوا عَلَى الْخُلَفَاءِ وَأُمَرَاءِ الْأَعْمَالِ ثُمَّ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ بَعْدَ السَّلَامِ فَيَخْرُجُ الْخَلِيفَةُ أَوِ الْأَمِيرُ فَيُصَلِّي بِالنَّاسِ، هَكَذَا كَانَ الْعَمَلُ مُدَّةَ أَيَّامِ بَنِي أُمَيَّةَ ثُمَّ مُدَّةَ بَنِي الْعَبَّاسِ حَتَّى تَرَكَ الْخُلَفَاءُ الصَّلَاةَ

1 / 280