Sharḥ al-Zurqānī ʿalā Muwaṭṭaʾ al-Imām Mālik
شرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك
Editor
طه عبد الرءوف سعد
Publisher
مكتبة الثقافة الدينية
Edition Number
الأولى
Publication Year
1424 AH
Publisher Location
القاهرة
Genres
Ḥadīth Studies
وَهُوَ لَا يَعْطَشُ حَتَّى يَأْتِيَ الْمَاءَ قَالَ: يَغْسِلُ بِذَلِكَ) الْمَاءِ (فَرْجَهُ وَمَا أَصَابَهُ مِنْ ذَلِكَ الْأَذَى ثُمَّ يَتَيَمَّمُ صَعِيدًا طَيِّبًا) طَاهِرًا (كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ) إِذْ لَيْسَ مَعَهُ مَا يَكْفِيهِ لِغُسْلِهِ
(وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلٍ جُنُبٍ أَرَادَ أَنْ يَتَيَمَّمَ فَلَمْ يَجِدْ تُرَابًا إِلَّا تُرَابَ سَبَخَةٍ) بِمُهْمَلَةٍ وَمُوَحَّدَةٍ ثُمَّ مُعْجَمَةٍ مَفْتُوحَاتٍ أَرْضٌ مَالِحَةٌ لَا تَكَادُ تُنْبِتُ، وَإِذَا وَصَفْتَ الْأَرْضَ قُلْتَ أَرْضٌ سَبِخَةٌ بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ ذَاتُ سِبَاخٍ (هَلْ يَتَيَمَّمُ بِالسِّبَاخِ؟ وَهَلْ تُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِي السِّبَاخِ؟ قَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ فِي السِّبَاخِ) أَيْ يَجُوزُ (وَالتَّيَمُّمُ مِنْهَا) وَبِهِ قَالَ جَمَاعَةُ الْفُقَهَاءِ إِلَّا إِسْحَاقَ بْنَ رَاهَوَيْهِ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، زَادَ الْبَاجِيُّ: وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ مُجَاهِدٍ انْتَهَى
وَاحْتَجَّ ابْنُ خُزَيْمَةَ لِجَوَازِهِ بِالسَّبَخَةِ بِقَوْلِهِ ﷺ: " «أُرِيتُ دَارَ هِجْرَتِكُمْ سَبْخَةً ذَاتَ نَخْلٍ» " يَعْنِي الْمَدِينَةَ قَالَ: وَقَدْ سَمَّاهَا طَيْبَةَ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ السَّبْخَةَ دَاخِلَةٌ فِي الطِّيبِ وَلِذَا قَالَ الْإِمِامُ: (لِأَنَّ اللَّهَ ﵎ قَالَ ﴿فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا﴾ [النساء: ٤٣] وَالصَّعِيدُ وَجْهُ الْأَرْضِ كَانَ عَلَيْهِ تُرَابٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ، قَالَهُ الْخَلِيلُ، وَابْنُ الْأَعْرَابِيِّ، وَالزَّجَّاجُ قَائِلًا: لَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا بَيْنَ أَهْلِ اللُّغَةِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا﴾ [الكهف: ٨] (سُورَةُ الْكَهْفِ: الْآيَةُ ٨) أَيْ أَرْضًا غَلِيظَةً لَا تُنْبِتُ شَيْئًا
وَقَالَ ﴿فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا﴾ [الكهف: ٤٠] (سُورَةُ الْكَهْفِ: الْآيَةُ ٤٠) وَمِنْهُ قَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ:
كَأَنَّهُ بِالضُّحَى يَرْمِي الصَّعِيدَ بِهِ ... دَبَّابَةٌ فِي خِطَامِ الرَّأْسِ خُرْطُومُ
وَإِنَّمَا سُمِّيَ صَعِيدًا لِأَنَّهُ نِهَايَةُ مَا يُصْعَدُ إِلَيْهِ مِنَ الْأَرْضِ (طَيِّبًا) أَيْ طَاهِرًا بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ
(فَكُلُّ مَا كَانَ صَعِيدًا فَهُوَ يُتَيَمَّمُ بِهِ سَبَاخًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ) مِنْ وَجْهِ الْأَرْضِ كُلِّهَا لِأَنَّهُ مَدْلُولُ الصَّعِيدِ لُغَةً
وَقَالَ ﷺ: " «وَجُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا» " رَوَاهُ الشَّيْخَانِ فِي حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ﵄ فَكُلُّ مَوْضِعٍ جَازَتِ الصَّلَاةُ فِيهِ مِنَ الْأَرْضِ جَازَ التَّيَمُّمُ بِهِ
وَقَالَ ﷺ: " «يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى صَعِيدٍ وَاحِدٍ» " أَيْ أَرْضٍ وَاحِدَةٍ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَطْيَبُ الصَّعِيدِ أَرْضُ الْحَرْثِ.
فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الصَّعِيدَ يَكُونُ غَيْرَ أَرْضِ الْحَرْثِ، وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ وَعَنْهُ أَيْضًا كَالشَّافِعِيِّ هُوَ التُّرَابُ خَاصَّةً لِحَدِيثِ حُذَيْفَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ: " «وَجُعِلَتْ لَنَا الْأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدًا وَجُعِلَتْ تُرْبَتُهَا طَهُورًا إِذَا لَمْ نَجِدِ الْمَاءَ» " وَهَذَا خَاصٌّ فَيَنْبَغِي
1 / 227