121

Sharh Cala Muwatta

شرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك

Investigator

طه عبد الرءوف سعد

Publisher

مكتبة الثقافة الدينية

Edition Number

الأولى

Publication Year

1424 AH

Publisher Location

القاهرة

وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ يَؤُمُّهُمْ») وَفِي مُسْلِمٍ قَالَ - أَيِ الْمُغِيرَةُ - «فَأَقْبَلْتُ مَعَهُ حَتَّى نَجِدَ النَّاسَ قَدْ قَدَّمُوا عَبْدَ الرَّحْمَنِ» وَلِابْنِ سَعْدٍ «فَأَسْفَرَ النَّاسُ بِصَلَاتِهِمْ حَتَّى خَافُوا الشَّمْسَ فَقَدَّمُوا عَبْدَ الرَّحْمَنِ» .
(وَقَدْ صَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً) مِنْ صَلَاةِ الْفَجْرِ كَمَا فِي مُسْلِمٍ وَأَبِي دَاوُدَ، وَزَادَ أَحْمَدُ قَالَ الْمُغِيرَةُ «فَأَرَدْتُ تَأْخِيرَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَقَالَ دَعْهُ» .
وَعِنْدَ ابْنِ سَعْدٍ: «فَانْتَهَيْنَا إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَقَدْ رَكَعَ رَكْعَةً فَسَبَّحَ النَّاسُ لَهُ حِينَ رَأَوْا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ حَتَّى كَادُوا يُفْتَتَنُونَ فَجَعَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يُرِيدُ أَنْ يَنْكُصَ فَأَشَارَ إِلَيْهِ ﷺ أَنِ اثْبُتْ» .
(فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الرَّكْعَةَ الَّتِي بَقِيَتْ عَلَيْهِمْ) لَفْظُ مُسْلِمٍ وَأَبِي دَاوُدَ: «فَصَلَّى وَرَاءَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ ثُمَّ سَلَّمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَقَامَ ﷺ فِي صَلَاتِهِ فَفَزِعَ الْمُسْلِمُونَ فَأَكْثَرُوا التَّسْبِيحَ» لِأَنَّهُمْ سَبَقُوا النَّبِيَّ ﷺ بِالصَّلَاةِ فَلَمَّا سَلَّمَ قَالَ: " أَصَبْتُمْ " أَوْ " أَحْسَنْتُمْ ".
وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ سَعْدٍ: فَصَلَّيْنَا الرَّكْعَةَ الَّتِي أَدْرَكْنَا وَقَضَيْنَا الَّتِي سَبَقَتْنَا «فَقَالَ ﷺ حِينَ صَلَّى خَلْفَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: " مَا قُبِضَ نَبِيٌّ قَطُّ حَتَّى يُصَلِّيَ خَلْفَ رَجُلٍ صَالِحٍ مِنْ أُمَّتِهِ» ".
(فَفَزِعَ النَّاسُ) لِسَبْقِهِمْ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بِالصَّلَاةِ وَأَكْثَرُوا التَّسْبِيحَ رَجَاءَ أَنْ يُشِيرَ لَهُمْ هَلْ يُعِيدُونَهَا مَعَهُ أَمْ لَا لِظَنِّهِمْ أَنَّهُ أَدْرَكَهَا مِنْ أَوَّلِهَا وَأَنَّ قِيَامَهُ لِأَمْرٍ حَدَثَ كَأَنَّهُمْ ظَنُّوا الزِّيَادَةَ فِي الصَّلَاةِ كَمَا زَعَمَ بَعْضُهُمْ لِتَصْرِيحِهِ فِي رِوَايَةِ ابْنِ سَعْدٍ: «بِأَنَّهُمْ عَلِمُوا بِالنَّبِيِّ ﷺ حِينَ دَخَلَ مَعَهُمْ فَسَبَّحُوا حَتَّى كَادُوا يُفْتَتَنُوا» .
(فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ صَلَاتَهُ قَالَ: أَحْسَنْتُمْ) إِذْ جَمَعْتُمُ الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يُسَكِّنَ مَا بِهِمْ مِنَ الْفَزَعِ، قَالَهُ الْأَصِيلِيُّ، وَقَدْ زَادَ مُسْلِمٌ يَغْبِطُهُمْ: أَنْ صَلَّوْا لِوَقْتِهَا بِالتَّشْدِيدِ أَيْ يَحْمِلُهُمْ عَلَى الْغِبْطَةِ لِأَجْلِ ذَلِكَ وَيَجْعَلُ هَذَا الْفِعْلَ عِنْدَهُمْ مِمَّا يُغْبَطُ عَلَيْهِ، وَإِنْ رُوِيَ بِالتَّخْفِيفِ فَيَكُونُ قَدْ غَبِطَهُمْ لِتَقَدُّمِهِمْ وَسَبْقِهِمْ إِلَى الصَّلَاةِ، قَالَهُ ابْنُ الْأَثِيرِ.
قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَفِي قَوْلِهِ أَحْسَنْتُمْ أَنَّهُ يَنْبَغِي شُكْرُ مَنْ بَادَرَ إِلَى أَدَاءِ فَرْضِهِ وَعَمِلَ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ وَفُضِّلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ إِذْ قَدَّمَهُ الصَّحَابَةُ بَدَلًا عَنْ نَبِيِّهِمْ ﷺ، وَفِيهِ اقْتِدَاءُ الْفَاضِلِ بِالْمَفْضُولِ، وَصَلَاةُ النَّبِيِّ ﷺ خَلْفَ بَعْضِ أُمَّتِهِ.
وَرَوَى الْبَزَّارُ عَنِ الصِّدِّيقِ مَرْفُوعًا: " «مَا قُبِضَ نَبِيٌّ حَتَّى يَؤُمَّهُ رَجُلٌ مِنْ أُمَّتِهِ» " وَتَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ، وَأَمَّا بَقَاءُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَتَأَخُّرُ أَبِي بَكْرٍ لِيَتَقَدَّمَ النَّبِيُّ فَالْفَرْقُ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ كَانَ قَدْ رَكَعَ رَكْعَةً فَتَرَكَ ﷺ التَّقَدُّمَ لِئَلَّا يَخْتَلَّ تَرْتِيبُ صَلَاةِ الْقَوْمِ، بِخِلَافِ صَلَاةِ أَبِي بَكْرٍ فَلَا اخْتِلَالَ فِيهَا لِأَنَّ الْإِمَامَ إِنَّمَا هُوَ الْمُصْطَفَى وَأَبُو بَكْرٍ إِنَّمَا كَانَ يُسْمِعُ النَّاسَ، وَفَرَّقَ أَيْضًا بِأَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يُعَيِّنَ لَهُمْ حُكْمَ قَضَاءِ الْمَسْبُوقِ بِفِعْلِهِ كَمَا بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ نَعَمْ.
رَوَى التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ عَنْ جَابِرٍ وَالنَّسَائِيِّ عَنْ أَنَسٍ قَالَا: " «آخِرُ صَلَاةٍ صَلَّاهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ مُتَوَشِّحًا بِهِ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ» " وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ.
وَالنَّسَائِيُّ عَنْ عَائِشَةَ: " «صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ

1 / 171