[شرح ديكنقوز]
المتماثلين لما عرفت أن تحرك الثلاثي لا بد منه في الادغام؛ لأنه مظهر "وقيل" في وجه امتناع الإدغام في الضرب الثالث "لا بد من تسكين" الحرف "الأول فيجتمع فيه ساكنان"؛ إذ الثاني كان ساكنا قبل هذا "فتفر من ورطة" هى الأصل طين يقع فيه النعم ويقوم، والمراد ها هنا المحذور وهو نقل المكرر "فتقع في" ورطة "أخرى" وهو اجتماع الساكنين "وقيل" إنما امتنع الإدغام في الضرب الثالث "لوجود الخفة" التي هى الغرض من الإدغام "بالساكن"؛ أي بسكون الساكن الذي هو الحرف الثاني "مع عدم شرط الإدغام" وهو تحرك الثاني وقوله: "ولكن جوزوا الحذف"؛ أي حذف أحد المثلين في الضرب الثاني "في بعض المواضع" سماعا "نظرا إلى اجتماع المتجانسين" استدراك من قوله فممتنع؛ يعني اجتماع المتماثلين ثقيل والتخفيف مطلوب والتخفيف بالإدغام متعذر فخذفوا إحداهما؛ لأن الحذف أيضا سبب للتخفيف أما الأولى كما صرح به في الصحاح، حيث قال في أحسست: حذفوا منه السين الأولى واختاره المصنف، حيث قال في اقررن: فحذفت الراء الأولى؛ لأنها التي كانوا يدغمونهما فينبغي أن تكون هى المحذوفة، وأما الثانية فلأن الثقل إنما نشأ منها، ثم إذا حذفت الأولى مع حركاتها بقي الفاء مفتوحا على أصله، وإذا نقلت حركة العين إلى الفاء بعد سلب حركة الفاء وحذفت إحداهما صار الفاء مكسورا، وعلم من هذا أن حذف الأولى أرجح لما في حذف الثانية من لزوم العمل الكثير إلا أن كون الثانية لام الفعل الذي هو محل التغيير يعارضه ويرجحه قلب الثانية في مثل تقضي البازي "نحو ظللت" ففعل به ما علمته من العمل "كما جوزوا القلب"؛ أي قلب ثاني المتماثلين "في نحو تقضي البازي" أصله تقضض قلبت الضاد الأخيرة ياء "وعليه"؛ أي على الحذف "قراءة من قرأ" وهو غير نافع وعاصم "وقرن في بيوتكن" بكسر القاف مأخوذا "من القرار" وهو مضاعف "أصله قرون" بكسر الهمزة والراء الأولى مثل اضربن من فعل يفعل يفتح العين في الماضي وكسرها في الغابر "فحذفت الراء الأولى" نظرا إلى اجتماع المتجانسين "فنقلت حركتها إلى القاف" بعد حذف الراء الذي هو الغرض الأصل إبقاء لأثرها ودفعا لاجتماع الساكنين ولا حجر في الثقل، وهذا نظير قوله في الباب الثالث في تخفيف الهمزة
_________
[الفلاح شرح المراح] لابن كمال باشا
الإدغام وهو تحرك الثاني "وقيل" إنما يمتنع الإدغام فيما يكون الثاني ساكنا؛ لأنه "لا بد" في الإدغام "من تسكين" الحرف "الأول" ليمكن الإدغام "فيجتمع" حينئذ حرفان "ساكنان فتفر" أنت "من ورطة" الورطة الهلاك وقال أبو عبيد: أصل الورطة أرض مطمئنة لا طريق فيها "وتقع" أنت "في" ورطة "أخرى" المراد من الورطة الأولى ها هنا عدم إدغام المثلين، ومن الثانية اجتماع الساكنين "وقيل" إنما يمتنع الإدغام فيما يكون الثاني ساكنا؛ لأن الإدغام إنما هو للخفة وهي حاصلة بدون الإدغام "لوجود الخفة" المطلوبة "بالساكن" الثاني وتحصيل الحاصل محال ولما توجه أن يقال لا نسلم أنه يلزم من الإدغام فيما ذكر تحصيل الحاصل، وإنما يكون ذلك إن لو لم يكن خفة الإدغام أقوى من خفة السكون وهو ممنوع، فأجاب عنه بقوله: "مع عدم شرط" صحة "الإدغام" وهو تحرك الثاني؛ يعني أن علة امتناع الإدغام في مثل ما ذكر مجموع الأمرين المذكورين لا الأمر الأول فقط وفيه ما فيه "ولكن جوزوا الحذف"؛ أي حذف أحد المتجانسين تخفيفا "في بعض المواضع" مع امتناع الإدغام ووجود الخفة بالساكن "نظر إلى اجتماع" الحرفين "المتجانسين" مع أن القياس أن لا يحذف كما لا يدغم "نحو ظلت" بفتح الظاء المعجمة وكسرها أصله ظللت يقال: ظللت بكسر اللام الأولى ظلولا بالضم إذا عملت بالنهار دون الليل، فحذفت اللام الأولى تخفيفا لتعذر الإدغام وحذف اللام إما مع حركتها فبقي الظاء مفتوحا، وإما بعد نقل حركتها إلى ما قبلها وهي الكسرة فيكون مكسورا وكذا مست أصله مسست فحذفت السين الأولى، إما مع كسرتها أو بعد نقلها إلى ما قبلها فيجوز الفتح والكسر في الميم أيضا، وإنما حذفت الأولى دون الثانية؛ لأن الإدغام في الصورة حذف الأول فكأنهم إنما حذفوا ما كانوا يدغمونه، هذا ما اختاره المصنف، وبعضهم قالوا حذف الثاني أولى؛ لأن الثقل إنما حصل منه وكذا أحست أصله أحسست فحذفت إحدى السينين "كما جوزوا القلب"، أي جوزوا حذف إحدى المتماثلين في بعض المواضع تخفيفا كما جوزوا قلبها تخفيفا "في نحو تقضي البازي" أصله تقضض كما مر "وعليه"؛ أي على حذف إحدى المتماثلين تخفيفا "قراءة" بوزن كتابة "من قر أو قرن" بكسر القاف وهو أمر الجماعة النساء "في بيوتكن" قوله "من القرار" حال من قوله: وقرن يعني أن كون هذه القراءة على حذف إحدى المتماثلين إنما هو على تقدير كون قرن من قرر يقرر إقرار من الباب الثاني وهو المضاعف، لا على تقدير كونه من وقر يقر وقارا من الباب الثاني أيضا لأنه مثال لا مضاعف فلا يكون مما نحن إليه "أصله"؛ أي أصل القرن بكسر القاف إذا كان من القرار "اقررن" بوزن اضربن؛ إذ المضارع تقررن بكسر الراء الأولى، فحذف حرف المضارعة واجتلبت همزة الوصل كما هو الأصل في أخذ الأمر فصار اقررن "فحذفت الراء الأولى" تخفيفا كما حذف أحد المثلين في مثل ظللت ومسست تخفيفا "فنقلت حركتها" التي هي الكسرة "إلى القاف" الحذف قبل نقل الحركة سائغ، لكن نقل الحركة قبل الحذف شائع، ولهذا قال بعض المحققين: ويجوز الحذف قبل النقل وبالعكس؛ إذ لا امتناع في ذلك فلا يرد أن يقال الفاء في قوله فنقل يدل على كون النقل بعد الحذف؛ إذ الفاء للتعقيب وهو
1 / 86