[شرح ديكنقوز]
متفرع منها بزيادة كما هو المفهوم من كلام القوم، ولذلك لم يذكر له مثالا، وقال صاحب المفتاح: وعندي أن مفعلا هو الأصل وما سواه منقوض منه بعوض كمكسحة أو بغير عوض كمثقب، لكن كثرة الاستعمال وكثرة التفرغ بالزيادة يشهدان للأول ومثاله نحو محلب، وهذا في الحقيقة اسم لما يحلب فيه لكن لما كان يستعان به في الحلب جاز إطلاق اسم الآلة عليه "ومن ثمة"؛ أي ومن أجل أن صيغته مفعل "قال" العلماء "الصرفيون المفعل" بفتح الميم والعين "للموضع"؛ أي للمكان "والمفعل" بكسر الميم وفتح العين "للآلة والفعلة" بفتح الفاء وسكون العين "للمرة"؛ أي للواحدة من مرات الفعل "والفعلة" بكسر الفاء وسكون العين "للحالة" التي عليها الفاعل عند صدور الفعل منه، وهذا القول بيتان مربعان من الرجز سالما الأجزاء والاستشهاد في قوله والمفعل للآلة إلا أنه أورد البيت الثاني لبيان بناء المرة، وبناء النوع على سبيل الاستطراد تتميما لبيان بناء الآلة، ولذلك لم يتعرض لتفاصيلهما فاقتفيا أثره "وكسر الميم في اسم الآلة" ولم يبق على الأصل الذي هو الفتح لقيامه مقام الحرف المفتوح "للفرق بينه وبين الموضع" من يفعل ويفعل بالفتح والضم، ولما لم يكن طلب الحكمة موجها إلا في العدول عن الأصل لم يكن طلبها في عدم ضم الميم الذي لا وجه لأصالته هنا وجها، ولو خرج أحد عن الوجه وطلبها في عدم الضم قلنا له للالتباس بمفعول باب الأفعال "ويجيء" اسم الآلة "على وزن مفعال" بكسر اميم وسكون الفاء والإضافة بيانية "نحو: مقراض ومفتاح ويجيء" اسم الآلة عند غير سيبويه حال كونه "مضموم العين و" مضموم "الميم شاذ"؛ أي مخالف للقياس؛ إذ قياسه أن يكون عينه في الحركات مثل عين ما اشتق هو منه؛ أعني المضارع المبني للفاعل كالمضرب بكسر العين والمعلم بفتحه والمنصر بضمه وبفتح الميم في الكل لقيامه مقام الحرف المفتوح إلا أن الميم لما كسرت للفرق بينه وبين الموضع في مفتوح العين ومكسوره ولانتفاء مفعل في مضمومه وفتح العين أيضا في مكسوره ومضمومه للثقل فيما يكثر استعماله، كان القياس أن يكون مكسور الميم ومفتوح العين في الكل فصار ضم الميم والعين خارجا عن القياس "نحو المسعط" لكل ما يجعل فيه السعوط بفتح السين، وهو الدواء الذي يصب في الأنف "والمنخل" لكل ما ينخل به الدقيق "قال سيبويه: هذان من عداد الأسماء" الغير المشتقة "يعني أن المسعط والمنخل" كل واحد منهما "اسم لهذا الوعاء"المخصوص الذي يجعل فيه السعوط لا من حيث إنه يجعل فيه السعوط، فلا يجوز إطلاق المسعط لكل إناء يجعل فيه السعوط كذلك المنخل "وليس بآلة"؛ أي باسم الآلة المصطلح "وكذلك"؛ أي كحكم المسعط والمنخل "أخواته"؛ أي حكم أخوات هذا المذكور من المسعط والمنخل في أنها من عداد الأسماء عند سيبويه، ومن أسماء الآلة عند غيره على غير القياس، وتلك الأخوات هي المدق والمدهن والمكحلة والمحرضة.
_________
[الفلاح شرح المراح] لابن كمال باشا
فيه علاج وانفعال يأتي على مفعل كمنصر ومفعال ومفعلة كمكسحة، فالأولان قياسان والثالث سماعي، والمصنف لم يذكر هذا الوزن السماعي لعدم اطراده وفصل الثاني عن الأول لعدم شهرته بالنسبة إلى الأول، فكأن صيغة الآلة منحصرة عنده في مفعل ومن ثم قال: "ومن ثم"؛ أي ومن أجل أن صيغة اسم الآلة يأتي على وزن مفعل "قال الصرفيون المفعل" بفتح الميم والعين "للموضع والمفعل" بكسر الميم وفتح العين "للآلة والفعلة" بفتح الفاء وسكون العين "للمرة"؛ أي لبناء المرة "والفعلة بكسر الفاء وسكون العين "للحالة"؛ أي لبناء النوع، وإنما عبروا عن النوع بالحالة؛ لأن المراد بالنوع الحالة التي عليها الفاعل عند الفعل تقول: هو حسن الركبة إذا ركب وكان ركوبه حسنا؛ يعني أن ذلك عادته في الركوب، وتقول: هو حسن الطعمة؛ أي إن ذلك لما كان موجودا منه صار حالة له ومثله العذرة الحالة وقت الاعتذار كذا قيل. اعلم أن معنى قول الصرفيين إن الأوزان الأربعة المذكورة تطلق على هذه المعاني الأربعة المذكورة لا أن المعاني الأربعة ينحصر أوزانها في هذه الأربعة؛ إذ قد علمت أن وزن الموضع إما مفعل بالفتح أو مفعل بالكسر، وكذا أن وزن الآلة إما مفعل بفتح العين أو مفعال أو مفعلة كما أشرنا إليه، وكذا أن وزن المرة إما فعلة بفتح الفاء أو فعلة بكسرها أو فعلة بضمها، وذلك أن الفعل الثلاثي الذي يراد بناء المرة منه إما أن يكون في مصدره تاء كنشدة وكدرة أو لا، فإن كان الثاني فالمرة منه على فعلة بالفتح نحو ضربة، وإن كان الأول فالمرة منه على مصدره المستعمل بلا فرق في اللفظ نحو نشدة وكدرة، والفارق حينئذ القرائن كنشدة واحدة وإذا لم تقيد بمثل الواحدة كان مصدرا مستعملا وشذ قولهم: أتيته إتيانه ولقيته لقاية؛ لأنهما من الثلاثي الذي لا تاء في مصدره؛ إذ مصدرهما إتيان ولقاء، والقياس أتية ولقية بفتح أولهما، وكذا أن وزن النوع إما فعلة أو فعلة أو فعلة بالحركات الثلاث، وذلك أن الفعل الثلاثي الذي يراد به بناء النوع منه إما أن يكون في مصدره تاء أو لا، فإن كان الثاني فالنوع منه على فعلة بالكسر، نحو: ضربة، وإن كان الأول فالنوع على مصدره المستعمل أيضا كنشدة وكدرة ورحمة والفارق القرائن كنشدة لطيفة هذا إذا كان الفعل ثلاثيا، وأما إذا كان غيره فإن كان في مصدره تاء فالمرة والنوع على مصدره المستعمل والفارق والقرائن أيضا نحو استقامة ودحرجة واحدة أو حسنة، وإن لم يكن فيه التاء فالمرة والنوع على وزن مصدره مزيدا عليه تاء المرة والنوع نحو: انطلاقة واحدة وتدحرجة واحدة وحسنة كذا في شرح كافية التصريف، "فكسر الميم" في اسم الآلة "للفرق بينه وبين" اسم "الموضع" ولم يضم لثقله ولئلا يلتبس بمفعول باب الأفعال ولم يعكس الأمر؛ لأن الموضع أكثر استعمالا بالنسبة إلى الآلة والفتح أخف والأخف أولى لما كثر استعماله، ولأن زيادة الميم في الموضع لمناسبته للمفعول والميم مفتوح فيه فزيد في الموضع مفتوحا فبقي الكسرة للآلة للفرق "ويجيء" اسم الآلة "على وزن مفعال" بكسر الميم وسكون الفاء "نحو مقراض" من قرض بمعنى قطع من باب ضرب وجمعه مقاريض "ومفتاح" جمعه مفاتيح، وإن قلت مفتح بالقصر جمعه مفاتح "ويجيء" اسم الآلة "مضموم الميم والعين مع نحو المسعط" وهو الإناء الذى يجعل فيه السعوط، والسعوط بالفتح دواء يصب في الأنف "والمنخل" وهو ما ينخل به الدقيق، وهو الغربال الذي يخرج به النخالة من الدقيق، والمنخل بفتح الخاء لغة فيه، وكذلك المدق لما يدق به "وقال سيبويه: وهذان"؛ أي المسعط والمنخل "من عداد الأسماء" لا اسم الآلة الذي اشتق من الفعل "يعني"؛ أي سيبويه المسعط والمنخل اسم لهذا الوعاء يعني "المسعط" اسم للإناء الذي يجعل فيه السعوط خاصة "والمنخل اسم" للغربال الذي ينخل به "وليس" شيء منهما "بآلة مشتقة" من الفعل جارية عليه "وكذا أخواته"؛ أي كل ما يجيء بضم العين والميم معا كالمدق والمدهن والمحرضة، فإن قلت: ما الفرق بين كون تلك الأشياء أسماء مخصوصة وبين كونها آلة بحسب المعنى؟ قلت: إن المدهن مثلا إذا جعل اسما لوعاء الدهن لا يصح إطلاقه إلا عل وعاء اتخذ في أصل وضعه للدهن، سواء كان فيه دهن أو لا، فلا يصح إطلاقه على وعاء فيه دهن لكنه متخذ لغير الدهن كأوعية الماء مثلا، وإذا جعل آلة يصح إطلاقه على كل وعاء فيه دهن سواء اتخذ له أو لغيره حتى لو كان الدهن في ملعقة أو جلدة أو كاغدة يصح إطلاقه عليها حينئذ كالمفتاح، فإنه يصح إطلاقه على كل ما يفتح به الباب من حديد أو خشب أو غير ذلك وقس عليه ما عداه مما جاء بضمتين سواء ألحقت فيه تاء أو لا كذا قالوا.
1 / 79