[شرح ديكنقوز]
"لمكان وقع فيه الفعل" يخرج به غير المحدود، وخص تعريف اسم المكان بالذكر وبيان أحكامه، وأحال تعريف اسم الزمان، وهو مشتق من يفعل لزمان وقع فيه الفعل ومعرفة أحكامه على المقايسة لكثرة استعمال اسم المكان، ولما جاز أن يتوهم لذلك أن هذه الصيغة حقيقة في المكان، ومجاز في الزمان لمناسبة بينهما جرت عادتهم في العنوان على تقدير اسم الزمان؛ دفعا لذلك التوهم، وإشارة إلى أن الصيغة مشتركة بينهما "فزيدت الميم" موضع حرف المضارعة بعد حذفه كما زيدت "في المفعول لمناسبة بينهما"؛ أي صيغة اسم المكان "من باب يفعل" بفتح العين من الأقسام كلها "مفعل" مفتوح العين للموافقة ومفتوح الميم لقيامه مقام حرف المضارعة التي هي مفتوحة "كالمذهب" بالفتح من يذهب "إلا من المثال" الواوي كما يدل عليه منه المثال، ولما خص استثناء حكم المثال الواوي بالذكر علم أن حكم المثال اليائي كحكم الصحيح، فإن كان من يفعل بفتح العين فمفعل بالفتح، نحو: ميئس وميقظ صرح به صاحب المغرب، وإن كان من يفعل بالكسر فمفعل بالكسر للموافقة، نحو: الميسر من اليسر وهو لعب القمار، وإن كان من يفعل بالضم فمفعل بالفتح، نحو: الميسر من اليسر وهو السهولة على ما هو قياس تقسيم موضعه كما يجيء إن شاء الله تعالى، كما أن الصحيح كذلك، وأما المثال الواوي المضاعف فحكمه حكم المضاعف نحو: مود من وديود صرح به صاحب المغرب أيضا، ويدل هذا على أن حكم دمي كما نقل بعضهم التصريح به عن بعض المتأخرين، وفي كلام صاحب المفتاح أيضا إيماء إلى ذلك حيث قال: اسم الزمان في الثلاثي المجرد على مفعل بسكون الفاء وفتح الباقي في المنقوص البتة، وبكسر العين منه في المثال وفي غيره أيضا إن كان من باب يضرب وإلا فتحت تم كلامه، وأراد بباب يضرب الصحيح، ولذا لم يقل من يفعل فبقي قوله: وإلا فتحت شاملا للمعتلات بأسرها غير المذكور، ومن جملتها المعتل الفاء واللام فيكون اسم الزمان مفتوح العين منه، وفي كلام بعضهم تصريح بأن حكم وفي مثل حكم وعد في هذا الباب، إلا أن اعتبارهم بلام الفعل في أمثال هذا الحكم وإن حكم طوى مثل رمى يرجح الأول، وأيضا دليل الناقص يقتضي الحمل عليه، ويرشدك أيضا مجيء مصدره الميمي على مفعل بالفتح كما صرح به في الصحاح "فإنه"؛ أي اسم المكان "بكسر العين فيه"؛ أي في المثال الواوي الغير المضاف من جميع الأبواب "نحو" الموعد في مكسور العين ولم يتعرض لمثاله لكثرته، ولأنه على أصله والموسط في مضموم العين ولم يتعرض لمثاله لقلته و"الموجل" في مفتوح العين، وإنما كسر في الجميع ولم يفتح "حتى لا يظن أن وزنه فوعل" بفتح الفاء والعين؛ إذ لو فتح لظن أن وزنه فوعل "مثل جورب ولا يظن في الكسر" أن وزنه فوعل بالكسر "لأن فوعلا بالكسر لا يوجد في كلامهم" وقيل:
_________
[الفلاح شرح المراح] لابن كمال باشا
"لمكان وقع فيه الفعل" قوله: اسم يشمل جميع الأسماء مشتقة وغير مشتقة، قوله: مشتق من يفعل، يخرج غير المشتقات واسم المفعول، وقوله لمكان وقع فيه الفعل يخرج ما عدا اسم المكان، وقوله: "فزيدت الميم كما في المفعول لمناسبة بينهما" إشارة إلى كيفية بناء اسم المكان وتحقيقه لما كان الفعل يدل على المكان بالالتزام اشتق بناء من لفظ الفعل جار عليه في الحركات والسكنات وعدم الحروف، فزادوا ميما في أوله مع أن حروف العلة أولى بالزيادة؛ لأن الأصل فيه الظرف وهو مفعول فيه، فأجري مجرى المفعول به في إلحاق الميم أوله أمارة عليه، كما لحقت في المفعول به أمارة عليه، وإنما اشتق من المعلوم دون المجهول كاسم المفعول وإن اقتضت المناسبة في المفعولية ذلك؛ لأن اسم المكان لما كان اسم الذات لا اسم المعنى لم يعمل عمل الفعل، فيكون وضعه على الإطلاق؛ أي لا من حيث ملاحظة العمل فاشتق مما هو الأصل، وهو المعلوم واسم المفعول للمجهول باعتبار عملهما، ولذلك قالوا: إن اسم الفاعل يجري على المعلوم واسم المفعول يجري على المجهول من المضارع؛ لأن ضمة الميم مقدرة، والواو ناشئ من الإشباع كذا قيل "ولم يزد الواو" في اسم المكان كما زيد في المفعول "حتى لا يلتبس" اسم المكان "به"؛ أي المفعول "وصيغته من باب يفعل"؛ أي مما كان عين مضارعه مفتوحا، وهو بابان الثالث والرابع "مفعل" بفتح العين فلا تباين بينه وبين مضارعه إلا أن الميم المفتوحة تقوم مقام اليام المفتوحة "كالمذهب" من يذهب بالفتح "إلا من المثال فإنه"؛ أي اسم المكان "بكسر العين فيه"؛ أي في المثال مطلقا مع أن القياس الفتح "نحو الموجل" بكسر الجيم من يوجل بالفتح، وإنما كسر العين في المثال مع أنه خلاف القياس "حتى لا يظن أو وزنه فوعل" بفتح الفاء والعين زعما أن الميم من نفس بناء الكلمة لا زائد عليه "مثل جورب"، وإنما لم يجز أن يكون وزن اسم المكان فوعل مثل: جورب "لأنه"؛ أي جورب "ليس من" قسم "اسم المكان و" لا من "الزمان" فيلتبس المكان بما ليس بمكان "ولا يظن في الكسر" أن وزنه فوعل بكسر العين "لأن فوعل لا يوجد في كلامهم" وهذا الدليل ليس بسديد؛ لأن المكان من الفعل الصحيح مثل المذهب قد يظن أن وزنه فعلل مثل جعفر، وهو ليس بمكان مع أنه لم يكسر بل أبقي على حاله، والأولى ما ذكره المحققون من أنهم كسروا العين في المعتل الفاء؛ لأن
1 / 76