[شرح ديكنقوز]
مطابقية وهي الخمس الأول أو التزام وهو السادس، فإن القسم وإن لم يكن فيه معنى الطلب، إلا أن الغالب أن يقسم المتكلم على ما هو مطلوبه فيلزمه الطلب؛ أي طلب جوابه، وأما نحو قوله: والله لأعاقبن فمحمول على الغائب، وفي بعضها لا بحسب نفس الأمر بالمشابهة بما فيه من معنى الطلب في نفس الأمر وهو السابع، ثم إن الغائب إنما يطلب في العادة، وغالب الأمر ما هو مراده فكان ذلك مقتضيا لتأكيده؛ لأنه غرضه في تحصيله والطلب إنما يتوجه إلى المستقبل الغير الموجود، فالتأكيد لا يكون إلا في المستقبل، وقيل: الحاصل في الزمان الماضي لا يحتمل التأكيد، وأما الحاصل في الزمان الحاضر وهو إن كان محتملا للتأكيد بأن يخبر المتكلم بأن الحاصل في الحال متصف بالمبالغة والتأكيد لكنه لما كان موجودا وأمكن للمخاطب في الأغلب الاطلاع على ضعفه وقوته اختص نون التأكيد بغير الوجود والأليق بالتأكيد أعني المستقبل أحدهما "الأمر" مطلقا "كما مر" ليضربن واضرب وليضربن واضربن "و" ثانيهما "النهي" كذلك "نحو لا تضربن" ولا يضربن ولا يضربن "و" ثالثهما "الاستفهام" نحو: "هل تضربن و" رابعها "التمني نحو: ليتك تضربن و" خامسها "العرض" بفتح العين وسكون الراء "نحو: ألا تضربن" فالهمزة فيه للاستفهام دخلت على الفعل المنفي وامتنع حملها على حقيقة الاستفهام؛ لأن المخاطب يعرف عدم الضرب، فالاستفهام عنه يكون طلبا للحاصل فيتولد منه بقرينة الحال عرض على المخاطب وطلبه منه "و" سادسها "القسم"؛ أي جوابه "نحو: والله لأضربن" والجملة القسمية أعني أقسم والله إنشاء وجواب القسم أعني لأضربن خبر "و" سابعها "النفي" ويدخلها نونا التأكيد دخولا "قليلا مشابهة"؛ أي لأجل المشابهة "بالنهي" في الصورة وفي أنهما غير موجبين وفي كون حرفيهما لا "نحو لا تضربن والنهي" وهي صيغة يطلب بها الترك عن الفعل "مثل الأمر في جميع الوجوه" التي ذكرت من كونه مشتقا من المضارع وأحكام نوني التأكيد "إلا أنه"؛ أي لكن النهي مطلقا "معرب بالإجماع" من الفريقين لوجود حرف المضارعة فيه "ويجيء المجهول" وهو ما حذف فاعله وأسند إلى مفعوله "من الأشياء المذكورة" قوله: "من الماضي" وما عطف عليه بيان الأشياء المذكورة "نحو ضرب" زيد في ضربت زيدا "إلى آخره" ومر بزيد في مررت بزيد "ومن المستقبل نحو يضرب" زيد في يضرب خالد زيدا "إلى آخره" ومن الأمر نحو: ليضرب ومن النهي نحو: لا يضرب
_________
[الفلاح شرح المراح] لابن كمال باشا
فلأن ما مضى فات وتأكيد الفائت ممتنع، وأما المضارع فلأن التأكيد إنما يليق بما لم يحصل كما في والله لأضربن، وأما الحاصل في الحال فهو وإن كان محتملا للتأكيد، وذلك بأن يخبر المخاطب أن الحاصل في الحال متصف بالتأكيد، لكنه لما كان موجودا وأمكن للمخاطب في الأغلب أن يطلع على ضعفه أو قوته لم يؤكد كذا ذكره الرضي، وأما المستقبل الذي فيه معنى الطلب فيمكن تأكيده لقصد تحصيل المطلوب على الوجه الأبلغ وما يوجد فيه معنى الطلب سبعة أحدها "الأمر" غائبا كان أو مخاطبا معلوما كان أو مجهولا "كما مر" معناه ومثاله "و" الثاني "النهي نحو: لا تضربن و" الثالث "الاستفهام" ومعناه السؤال عن حصول الفعل "نحو: هل يضربن و" الرابع "التمني" وهو طلب حصول الشيء "نحو: ليتك تضربن و" الخامس "العرض" بفتح العين وسكون الراء ومعناه الحث على الفعل "نحو: ألا تضربن" وهو قريب من التمني؛ لأنك إذا عرضت على المخاطب الضرب فقط حثثته عليه، ولن تحثه إلا على ما تمناه وليس باستفهام؛ لأنك لا تقصد بقولك: ألا تضربن السؤال عن ترك الضرب "و" السادس "القسم"؛ أي الفعل المضارع الذي يدخل عليه اللام الموطئة للقسم فيقع جوابا للقسم "نحو والله ليضربن" وقس عليه الاستفهام والتمني والعرض، فمعنى الأول الفعل المضارع الذي يدخل عليه حرف الاستفهام، ومعنى الثاني يدخل عليه حرف التمني، ومعنى الثالث يدخل عليه حرف التحضيض فهذه الحروف الأربعة تفيد في المستقبل معنى الطلب والتوقع وتؤكده نوع تأكيد، ولهذا جاز دخول نون التأكيد عليه كذا ذكره الرضي حيث قال: إن نوني التأكيد لا يدخل في المستقبل الذي هو خبر محض إلا بعد أن يدخل على أوله ما يدل على التأكيد أيضا كلام القسم نحو: والله ليضربن، وأما المزيدة، نحو: أما تفعلن لتكون ذلك توطئة لدخول نون التأكيد وإيذانا به "و" السابع "النفي قليلا"؛ أي تدخلان عليه دخولا قليلا؛ لأن دخولهما عليه ليس لوجود معنى الطلب بل "مشابهة بالنهي في الصورة نحو لا تضربن والنهي" وهو في اللغة المنع وفي الاصطلاح فعل يطلب به ترك الفعل من الفاعل، فهو ضد الأمر بحسب المفهوم لكنه "مثل الأمر" بحسب الأحكام فهو يماثله "في جميع الوجوه" المذكورة في الأمر من كونه مأخوذا من المستقبل وكيفية دخول نوني لتأكيد عليه وكيفية حركة ما قبل النون "إلا أنه"؛ أي النهي غائبا كان أو مخاطبا معلوما كان أو مجهولا "معربا بالإجماع" لوجود علة الإعراب هو حرف المضارعة. ولما فرع من أقسام الفعل المبني للفاعل شرع في أقسام الفعل المبني للمفعول وكيفية بنائها له فقال "ويجيء المجهول" وهو فعل غير عن صيغته بعد حذف فاعله وأقيم المفعول مقامه، ويسمى أيضا المبني للمفعول، لكن كثر استعمال المجهول بين أهل الصرف واستعمال والمبني للمفعول بين أهل النحو "من الأشياء المذكورة" فيما سبق "من الماضي نحو: ضُرِب" بضم الضاد وكسر الراء "إلى آخره، ومن المستقبل نحو يُضرَب" بضم الياء وفتح الراء "إلى آخره" ولم يذكر الأمر والنهي والنفي؛ استغناء بذكر المستقبل لكونها مأخوذة منه، فإن قيل: المفعول
1 / 62