[شرح ديكنقوز]
"وأدخلت الألف الفاصلة في ليضربان" أصله ليضربنن "فرارا من اجتماع النونات"؛ إذ لا يمكن حذف نون الجمع؛ لأنه ضمير الفاعل ولا حذف نون التأكيد للزوم بطلان الغرض فتعين الفصل بشيء واختص بالألف للخفة "وحكم" النون "الخفيفة" من حركات ما قبلها وحذف الضمير وحذف نون الإعراب معها "كحكم" النون "الثقيلة إلا أنها"؛ أي النون الخفيفة "لا تدخل بعد الألفين" ألف التثنية والألف التي وجب فرض دخولها قبل الخفيفة في الجمع المؤنث حملا لها على الشديدة وإن لم تجتمع النونات فيها؛ لئلا يلزم مزية الفرع على الأصل؛ إذ الأصل عدم الزيادة، ألا ترى أن يونس حين أدخلها في فعل الجماعة أدخل الألف وقال: اضربنان دون اضربن، وما قيل إن أصالة الثقيلة إنما هي عند الكوفيين ثم المناسبة المعلومة من قوانينهم تقتضي أصالة الخفيفة إلا أن التأكيد في الثقيلة أكثر، فالمناسبة أن يعدي من الخفيفة إليها ليس بشيء؛ لأن أصالة الثقيلة إنما هي فيما وضعت له؛ أعني التأكيد وهي كذلك إلا أن الثقيلة أفادته أكثر مما أفادته الخفيفة ولا شك أن ما يفيد معنى أصل في إفادة ذلك المعنى بالنسبة إلى ما دونه وأصالتها بذلك المعنى متفق عليه، وما نقل عن الكوفيين فإنما هو بمعنى أن الخفيفة مخففة من الثقيلة لا كلمة برأسها كما هو عند سيبويه، وقوله: مع أن الفرع لا يجب أن يجري على الأصل في جميع الأحكام صحيح إذا لم يلزم من عدم الجريان عليه مفسدة، وأما إذا لزم من عدم الجريان عليه فساد فلا كلام، وها هنا كذلك لما عرفته من لزوم مزية الفرع على الأصل، وقوله: فالمناسبة أن يعدي من الخفيفة إليها مدفوع بما ذكرنا من معنى الأصالة فقوله: "لاجتماع الساكنين على غير حده" شامل لفعل الاثنين وجماعة الإناث وذلك لا يجوز؛ لأن الروابط بين الحروف الحركات فإن فقدت في اثنين منها لا يمكن ربط أحدهما بالآخر ولا يجوز حذف أحدهما؛ إذ في حذف الألف من المثنى يلزم الالتباس بالواحد ومن جمع الإناث يلزم بطلان العمل واجتماع النونين وفي حذف النون يلزم البطلان الغرض وتحريك النون خلاف وضعها وحده؛ أي مرتبتة في الجواز التي لا يجوز أن يتجاوزها فيه ويجوز في غيرها هو أن يكون الأول حرف لين والثاني مدغما، وهذا لا يجوز بالاتفاق؛ لأن اللسان يرفع عنهما دفعة واحدة من غير مشقة والمدغم فيه متحرك فيصير الثاني من الساكنين كلا ساكن فلا يتحقق التقاء الساكنين الخالص سكونها وغير حده خلاف ذلك "وعند يونس" والكوفيين "تدخل" الخفيفة بعد الألفين "قياسا على الثقيلة" باقية على السكون عند يونس اعتبارا بمد الألف حركة كقراءة نافع محياي بسكون ياء الإضافة وصلا ومتحركة بالكسر للساكنين عند غيره، وعليه حمل قوله تعالى: "ولا تتبعان" بتخفيف النون وكسره على قراءة ابن عامر برواية ابن ذكوان "وكلتاهما"؛ أي كلا نوني التأكيد "تدخلات في سبعة مواضع لوجود معنى الطلب فيها" في الجملة ففي بعضها بحسب نفس الأمر ودلالته عليه إما
_________
[الفلاح شرح المراح] لابن كمال باشا
نون التأكيد بخلاف هل يضربان؛ لأن هل لا يجزم الفعل، لكن إذا أدخلت عليه نون التأكيد حذفت نون الإعراب لما ذكره المصنف "وأدخلت الألف الفاصلة"؛ أي الفارقة بين النونات "في ليضربنان فرارا عن اجتماع النونات" أحدهما نون جماعة المؤنث وثانيها وثالثها نون التأكيد الثقيلة فإنهما نونات ساكنة ومتحركة، ولا يمكن حذف نون جماعة النساء كما حذف الواو من الجمع المذكر؛ لأنه علامة ولا يدل حركة ما قبله عليه كما يدل الضمة على الواو في المذكر حتى يجوز حذفه "وحكم" النون "الخفيفة مثل حكم الثقيلة" في جميع ما ذكرنا؛ يعني فتح الباء في ليضربن فرارا من اجتماع الساكنين وحذفت الواو والياء في ليضربوا واضربي اكتفاء بالضمة والكسرة "إلا أنه"؛ أي النون الخفيفة "لا يدخل بعد الألفين" أحدهما ألف التثنية والثاني الفاصلة فلا يدخل التثنية مطلقا ولا الجمع المؤنث فبقي المفرد والجمع المذكر نحو ليضربن ليضربن ليضربن بفتح الاء في الأول وضمها في الثاني وكسرها في الثالث، وقس عليه أمر المخاطب "لاجتماع الساكنين في غير حده" أحدهما الألف والثاني نون التأكيد الساكنة وهو غير جائز ولم يمكن حذف الألف، أما في التثنية فلئلا يلتبس المثنى بالواحد، وأما في الجمع المؤنث فلئلا يلزم اجتماع النونين ولم يمكن أيضا تحريك الألف، أما في الثتنية؛ فلأنه ضمير وهو لا تغير، وأما في الجمع المؤنث؛ فلأنه للفصل وألف الفصل لا يقبل الحركة للزوم سكونه ولا يمكن أيضا تحريك نون التأكيد؛ لأنه خلاف وضعها، اعلم أن قوله في غير حده وهو أن لا يكون الحرف الأول مدا والثاني مدغما احترازا عن اجتماع الساكنين في حده؛ إذ هو جائز عنهم وهو أن يكون الحرف الأول مدا والثاني مدغما في حرف آخر، نحو: اضربنان ودابة وإنما جاز ذلك؛ لأن المد الذي في حرف المد يقوم مقام الحركة والساكن إذا كان مدغما جرى مجرى المتحرك؛ لأن اللسان يرتفع عنهما دفعة واحدة فكانا كأنهما متحركان "وعند يونس تدخل" النون الخفيفة بعد الألفين "قياسا على الثقيلة" فأجاز التقاء الساكنين على غير حده فيما يمكن التلفظ بهما فيه، وعليه قراءة من قرأ محياي بسكون ياء الإضافة "وكلاهما"؛ أي كلا نوني التأكيد "تدخلان" على الوجه المشروح" في سبعة مواضع لوجود معنى الطلب فيها" الضمير يرجع إلى السبعة على سبيل التغليب؛ إذ لا يوجد في النفي معنى الطلب أو على سبيل التحقيق؛ لأن النفي لما شابه النهي أعطي حكمه فيكون إنشاء حكما وفي تعليل المصنف إشعار بأن نوني التأكيد لا يدخلان فيما ليس فيه معنى الطلب كالماضي والمضارع والمضارع الذي خلص للحال؛ لعدم إمكان تأكيده، أما الماضي
1 / 61