[شرح ديكنقوز]
"ومن ثم" أي ومن أجل أن الإعجام يترك كثيرا "فرقوا بين عمر" بضم العين وفتح الميم "وعمرو" بفتح العين وسكون الميم "بالواو" بأن يكتبوه في الثاني حالتي الرفع والجر دون النصب؛ لأن ألف التنوين تخلفه حالة النصب؛ لأنه منصرف بخلاف الأول ولم يعكس بأن يكتبوه في الأول؛ لأن الثاني خفيف وذلك ظاهر والزيادة في الخفيف أولى "وحذفت الألف" في الخط "في بسم الله" من بسم الله الرحمن الرحيم مع أنها ألف الوصل "لكثرة الاستعمال" وهي متداعية التخفيف "ولا تحذف" الألف "في اقرأ باسم ربك" من أنها في لفظ الاسم كما في بسم الله "لقلة استعماله" وإن كانت في لفظ الاسم "وينجزم آخره" أي آخر الأمر "في الغالب باللام إجماعا" أي أجمع النحاة من البصريين والكوفيين على انجزامه إجماعا أو حكموا بانجزامه مجمعين "لأن اللام مشابهة بكلمة الشرط" أعني إن؛ لأنها أصل الباب "في النقل" فكما أن إن ينقل معنى الماضي إذا دخل عليه إلى الاستقبال، نحو: إن ضربت ضربت كذلك اللام إذا دخل على الخبر ينقل معناه إلى الإنشاء، نحو: ليضرب زيد فلما شابهتها فيه عملت عملها وهو الجزم "وكذلك المخاطب" أي مثل أمر الغائب أمر المخاطب في كونه معربا مجزوما "عند الكوفيين؛ لأن أصل اضرب لتضرب" بالتاء كما هو القياس؛ لأن الدال على طلب الفعل إنما هو اللام كما سبق "عندهم" أي عند الصرفيين من البصريين والكوفيين "ومن ثمة" أي من أجل أن أصل اضرب لتضرب "قرأ النبي ﵇ فبذلك فلتفرحوا" بالتاء على الأصل المهجور موضع فافرحوا، وقيل: إن النبي ﵊ لما كان مبعوثا إلى الحاضر والغائب جمع بين اللام للغائب والتاء للحاضر "فحذفت اللام" من لتضرب أمرا للمخاطب "لكثرة استعماله" أي لكثرة استعمال جنس الأمر المخاطب بالنسبة إلى جنس أمر الغائب "ثم حذفت علامة الاستقبال" وهي التاء "للفرق بينه" أي بين أمر المخاطب "وبين المضارع المخاطب" إذ بعد حذف اللام من لتضرب بقي تضرب "فبقي الضاد ساكنا واجتلبت همزة الوصل" ليمكن الابتداء "ووضعت" الهمزة المجتلبة "موضع علامة الاستقبال" أعني التاء "فأعطى له" أي للموضع موضع علامة الاستقبال أعني الهمزة "أثر" أي حكم "علامة الاستقبال" وهو الإعراب وأما إعرابه بالجزم فباللام المقدرة إعطاء "كما" أي مثل أن "أعطى لفاء رب عمل
_________
[الفلاح شرح المراح] لابن كمال باشا
"ومن ثم" أي ومن أجل أن الإعجام يترك كثيرا "فرقوا بين عمر" بضم الأول وفتح الثاني "و" بين "عمرو" بفتح الأول وسكون الثاني "بالواو" في الخط حيث كتبوا حالة الرفع والجر في الثاني وتركوا في الأول؛ لئلا يلتبس أحدهما بالآخر عند ترك الإعجام وخصوا الزيادة بالثاني لخفته وثقل الزيادة ولم يكتبوا في حالة النصب للفرق بألف التنوين في الثاني دون الأول؛ إذ هو غير منصرف فلا يدخله ألف التنوين، ولما توجه أن يقال قولكم ولا تحذف ألف الوصل في الخط منقوض ببسم الله الرحمن الرحيم؛ لأن همزته للوصل مع أنها حذفت في الخط أجاب بقوله: "وحذفت" أي همزة الوصل في الخط "في بسم الله" أي ببسم الله الرحمن الرحيم "لكثرة استعماله" أي في الكتابة وطول الباء عوضا عنها "ولا يحذف من اقرأ باسم ربك" ومن باسم الله "لقلة استعماله" في الكتابة بالنسبة إلى بسم الله الرحمن الرحيم "وينجزم الأمر" إذا كان ذلك الأمر "باللام" سواء كان أمرا غائبا مطلقا أو أمرا "حاضرا" مجهولا "إجماعا" أي اتفاقا بين البصريين والكوفيين "لأن اللام مشابهة بكلمة الشرط" مثل إن ولو "في النقل" أي في نقل معنى الفعل فكما أن إن تنقل الفعل من كونه مجزوما به إلى كونه مشكوكا فيه كذلك لام الأمر ينقل معنى المضارع من كونه إخبارا إلى كونه إنشاء فلما شابه كلمة الشرط في النقل يعمل عملها وهو الجزم، فلا فرق بين آخر المضارع وبين آخر الأمر باللام في صحيحه ومعتله ومذكره ومؤنثه ومفرده ومثناه ومجموعه فتقول: ليضرب ليضربا ليضربوا لتضرب لتضربا ليضربن، كما تقول: لم يضرب لم يضربا لم يضربوا لم تضرب لم تضربا لم يضربن، وكذا حال ليخش مع لم يخش إلى آخرهما ويرم مع لم يرم إلى آخرهما وليغز مع لم يغز إلى آخرهما "وكذلك المخاطب" أي كالأمر باللام أمر المخاطب في كونه مجزوما باللام "عند الكوفيين؛ لأن أصل اضرب لتضرب" مثلا "عندهم ومن ثم" أي ومن أجل أن أصل اضرب لتضرب "قرأ النبي ﵇ فبذلك فلتفرحوا" بإثبات اللام وحرف المضارعة على الأصل مكان فافرحوا، وأيضا قد جاء في الحديث باللام كقوله ﵇: "لتنهر ولو بشوكة"، وقد جاء في الشعر أيضا كقوله:
لتقم أنت يابن خير قريش ... فلتقض حاجة المسلمين
وكل ذلك دل على أن أصل أمر المخاطب المعلوم باللام "فحذف اللام تخفيفا لكثرة الاستعمال" فيه بالنسبة إلى الأمر الغائب فيكون اللام مقدرة "ثم حذف علامة الاستقبال" وهو التاء فتكون مقدرة أيضا "للفرق بينه وبين المضارع فبقي الضاد" في أول الكلمة "ساكنا" فتعذر الابتداء "فاجتلبت همزة الوصل" للافتتاح "ووضعت" همزة الوصل "موضع علامة الاستقبال وأعطى له" أي لهمزة الوصل وتذكير الضمير، إما باعتبار الألف أو اللفظ المذكور "أثر علامة الاستقبال" وهو كون المضارع معربا "كما أعطى لفاء رب" أي للفاء الذي وضع موضع رب الذي هو حرف الجر "عمل رب" وهو الجر
1 / 58