[شرح ديكنقوز]
استعمال هذا الجنس، فالتخفيف به أولى ناظر إلى قوله وحذفت لا إلى قوله للفرق "ومن ثم" أي ومن أجل أن حذف اللام وحرف المضارعة في أمر المخاطب المعلوم لكثرة الاستعمال "لا يحذف" حرف الاستقبال "مع اللام في مجهوله" أي أمر المخاطب؛ أعني يقال: لتضرب باللام والتاء "لقلة استعماله" أي المجهول "واجتلبت همزة الوصل" وتخصيصها بالاجتلاب لكونها أقوى والابتداء بالأقوى أولى "بعد حذف حرف المضارعة إذا كان ما بعده ساكنا للافتتاح" أي ليمكن الابتداء؛ إذ الابتداء بالساكن متعذر، وأما إذا كان ما بعده متحركا فلا احتياج إليها، نحو: دحرج من تدحرج "وكسرت الهمزة" المجتلبة "لأن الكسر أصل في" تحريك "همزات الوصل"؛ لأنها زيدت ساكنة عند الجمهور لما فيه من تقليل الزيادة ثم لما احتيج إلى تحريكها حركت بالكسرة؛ لأنه أصل في تحريك الساكن؛ لأنه أبعد حركات الإعراب عن الإعراب لامتناع دخوله في قبيلتين من المعربات وهما المضارع وما لا ينصرف ودخول أخويه في المعربات كلها، فلما احتيج إلى التحريك حركت بما هو أقل وجودا في الإعراب وأكثر شبها بالسكون الذي وجد في بعض المعربات دون بعض، ولأن السكون والجزم عوض في الفعل من الكسرة في الاسم فعوض الكسر من السكون أيضا، ولأن وقوع اجتماع الساكنين كثير في الكلام بشهادة الاستقراء وللأفعال منه القدح المعلى، وناهيك نوعا الأوامر من الأفعال المشددة الأواخر وما ينجز منها بأنواع الجوازم، وعندك أن للأكثر حكم الكل فتقدمت الأفعال في اعتبار اجتماع الساكنين والاحتياج إلى التحريك، ومعلوم أن لا مدخل للجر في الأفعال فأفادت الكسر الخلاص من اجتماع الساكنين، وذلك ظاهر وكون الكسرة طارئة بحكم المقدمة المعلومة بخلاف أختيها؛ فإنهما يفيدان الخلاص فقط والمفيد لفائدتين أولى بأن يكون أصلا، فالكسرة أصل في تحريك الساكن، وإنما سميت المجتلبة للافتتاح همزة وصل؛ لأنها اجتلبت للتوصل بها إلى النطق بالساكن، ولذلك سماها الخليل سلم اللسان "ولم تكسر" الهمزة "في مثل اكتب" أي فيما كان عين المضارع فيه مضموما مع أنها همزة وصل، بل وضمت "لأنه" أي الهمزة أو الشأن والثاني أقوى من جهة المعنى وإن كان ضعيفا من جهة اللفظ؛ لأن حذف ضمير الشأن منصوبا ضعيف إلا أنه كثير في عبارات المصنفين "بتقدير الكسر" أي كسرها "يلزم الخروج من الكسرة" أي من كسرتها "إلى الضمة" أي إلى ضمة العين وهو ثقيل "ولا اعتبار للكاف الساكن" في المنع عن ذلك
_________
[الفلاح شرح المراح] لابن كمال باشا
"ومن ثم" أي ومن أجل أن حذف حرف المضارعة من أمر المخاطب لكثرة استعماله "لا تحذف اللام في مجهوله" الظاهر أن يقال: لا تحذف التاء، أو يقال: لا تحذف اللام والتاء، ولكن لما كان عدم حذف اللام مستلزما لعدم حذف التاء اكتفى بذكره وإنما قلنا كذلك؛ لأن اللام إنما زيدت على تقدير عدم الحذف لدفع التباس الأمر المضارع كما مر "نحو لتضرب" بضم التاء وفتح الراء "لقلة استعماله" أي استعمال مجهول أمر المخاطب "واجتلبت الهمزة" في أول أمر المخاطب بعد حذف حرف المضارعة "إذا كان ما بعده ساكنا" قيد به؛ لأن ما بعد حرف المضارعة إذا كان متحركا لم يلزم اجتلاب الهمزة بعد حذفه لإمكان الابتداء بما بعده، نحو: هب وخف ودحرج من تهب "للافتتاح" أي ليمكن الافتتاح والابتداء، نحو: اعلم وانصر وانطلق واستخرج من تعلم وتنصر وتنطلق وتستخرج، وإنما تعينت الهمزة لكونها أقوى الحروف أو لابتداء بالأقوى أولى كذا قيل، وقيل إنما تعينت الهمزة لاختصاصها بالمبدأ في المخرج "وكسرت الهمزة" المجتلبة "لأن الكسرة أصل في همزات الوصل"؛ لأن همزة الوصل زيدت ساكنة ثم حركت والأصل في تحريك الساكن الكسر، كما يذهب إليه الرضي وابن الحاجب نقلا عن ابن جني متمسكا بأن قاعدتهم إذا زادوا حرفا زادواها ساكنة ثم حركوها إن احتيج، بخلاف ما إذا أبدلوها وقد غفل صاحب النجاح عن هذه القاعدة فاعترض عليه بأن ما ذكره ابن جني باطل؛ لأنه يلزم العود إلى المهروب عنه وهو الهرب عن حرف ساكن إلى حرف آخر ساكن مثل: الأول والحق زيادتهما متحركة لئلا يلزم المحذور، وتحقيق الكلام في هذا المقام على ما ذكره المصنف؛ أن هذه الهمزة وإن كانت ساكنة لكنه جيء بها قبل الساكن في الابتداء؛ لأنه قد علم أنه إذا اجتمع معه فلا بد من حذف أحدهما أو حركة أحدهما، ولم يجز حذف الثاني ولا حركته لئلا يلزم تغيير البناء ولا حذف الهمزة؛ لأنه يفضي إلى المهروب عنه وهو الابتداء بالساكن، فلم يبق إلا حركة الهمزة فحركت وكسرت على ما هو الأصل في التقاء الساكنين، وإنما يضم ما يضم لعارض، وإنما كان الكسر أصلا في تحريك الساكن؛ لأن الجزم الذي هو السكون في الأفعال عوض عن الجر في الأسماء لتعذر الجر فيها فلما ثبت بين السكون الجزمي في الأفعال وبين الكسر المختص بالأسماء تعويض وتبديل واحتيج ها هنا إلى التعويض عن السكون جعل الكسر عوضه، وإنما سميت همزة الوصل؛ لأنه يتوصل بها إلى النطق بالساكن، ولهذا سماها الخليل سلم اللسان، وقيل: لأنها تسقط في الدرج فيتصل ما قبلها لما بعدها، ولما توجه أن يقال إن قولكم وكسرت الهمزة منقوض بمثل اكتب؛ لأن همزته مضمومة أجاب بقوله: "ولم تكسر" الهمزة بل تضم مع أن الأصل الكسر "في مثل اكتب" أي في الفعل الذي عين مضارعه مضموم "لأن بتقدير الكسرة يلزم الخروج من الكسرة" التحقيقية "إلى الضمة" التحقيقية قوله: "ولا اعتبار للكاف الساكن" جواب لسؤال مقدر تقديره ظاهر
1 / 55