[شرح ديكنقوز]
والهمزة والاعتبار، إنما هو بالكناية دون اللفظ، ولذلك قالوا وأتاه سليمان يشتملها واللام والسين والميم والألف والنون، وحكي أن أبا العباس المبرد سأل أبا عثمان المازني، فقال له: كيف تجمع حروف الزيادة؟، فأنشد البيت، فقال له: الجواب يرحمك الله، قال المازني: قد أجبتك مرتين يريد قوله: هويت السمان، وليس معنى زيادتها أنها تكون زائدة فى كل مكان، بل معناها أنه إذا أريد زيادة حرف فإنما يزاد منها لا من غيرها؛ إذ قد تكون أصولا ألا يرى أن حروف هويتها أصول كلها، وإنما يعرف كونها زائدة من كونها أصلا بأن تزن الأصلي بالفاء والعين واللام، وتخرج الزائد بلفظة لا يقابل فاء وعينا ولا ما تقول ضرب وزنه فعل، ويضرب وزنه يفعل، وضارب وزنه فاعل، ومضروب وزنه مفعول، ومكرم وزنه مفعل، واستخرج وزنه استفعل، وقضيب وزنه فعيل، وحمار وزنه فعال "و" على هذا "لا يزاد" فى أمر الغائب "من حروف العلة" مع أنها أولى الحروف بالزيادة "حتى لا يجتمع حرفا علة" إحداهما للأمر والثانية للمضارع "وكسرت اللام" أي لام الأمر مع أن من حق حروف المعاني التي جاءت على حرف واحد أن تبنى على الفتحة التي هي أخت السكون "لأنها مشابهة باللام الجارة" فى الصورة، وإنما شبهت بها "لأن الجزم فى الأفعال بمنزلة الجر فى الأسماء" أي بمقابلة الجر فيها؛ لأن فى الفعل الرفع والنصب فى مقابلة الرفع والنصب فى الأسماء وفى الاسم جر وليس فى الفعل لما عرف فى موضعه، بل فيه الجزم فيكون الجزم فى الفعل بمقابلة الجر فى الاسم بمنزلته فيكون الجازم بمنزلة الجار فجعل صورته مثل صورة الجار وعومل به معاملة الجار فى الاسم "أسكنت لام الأمر بالواو والفاء" يعني تسكين اللام بعد الواو والفاء أكثر لكون اتصالهما بما بعدهما أشد لكونهما على حرف واحد فصار الواو واللام بعده وحرف المضارعة وكذا الفاء معهما كلمة واحدة على وزن فخذ وكتف فتخفف بإسكان العين، وأما ثم فمحمول عليهما لكونها حرف عطف مثلهما، لكن لا يكثر السكون بعده كثرته بعدهما لكون حروفها أكثر من واحد "نحو وليضرب وفليضرب وثم ليضرب كما أسكن العين فى فخذ" للتخفيف أصله فخذ بفتح الفاء وكسر العين ويجوز فيه سكون العين مع فتح الفاء للخفة كما ذكره، ويجوز سكون العين مع كسر الفاء بنقل كسر العين إليها ويجوز كسر العين والفاء لكون حرف الحلق قويا فيتبع ما قبله، وكذا يجوز كل ما جاز في فخذ في كل ثلاثي عينه حرف حلق مكسور من اسم أو فعل نحو شهد "ونظيره" أي نظير لام الأمر في الإسكان "في الواو وهو بسكون الهاء" وفي الفاء فهو بسكون الهاء تشبيها له بما ضم عينه من نحو: عضد، فكما يقال: عضد يقال: وهو بالسكون "وحذف حرف الاستقبال في أمر المخاطب" بعد حذف اللام للتخفيف لكثرة استعماله؛ إذ أصل اضرب لتضرب باتفاق الفريقين كما سيجيء إن شاء الله تعالى وكان القياس في الأمر للفاعل المخاطب أن يكون باللام كالأمر الغائب؛ لأن الطلب في الأمر إنما هو بمعنى اللام؛ لأن اللام وضعت لذلك فيه وزيدت لأجله كما أشرنا إليه فكان قياس أمر الفاعل المخاطب أيضا أن يكون باللام، لكن لما كثر استعماله حذف اللام وحذف حرف المضارعة أيضا "للفرق بينه وبين مخاطب المستقبل" لا بينه وبين أمر الغائب بدليل قوله فيما سيأتي للفرق بينه وبين المضارع، وقوله: "وعين الحذف" أي حذف اللام وحذف حرف الاستقبال "في" أمر "المخاطب" دون أمر الغائب "لكثرة استعماله" أي لكثرة
_________
[الفلاح شرح المراح] لابن كمال باشا
"ولا يزاد" في أول أمر الغائب "من حروف العلة" مع أنها أولى الحروف بالزيادة "حتى لا يجتمع حرفا علة" أحدهما للأمر الغائب وثانيهما للمضارعة "وكسرت" تلك "اللام" الزيادة مع أن الأصل في الحروف الواردة على هجاء واحد الفتح لخفته "لأنها مشبهة باللام الجارة" بحسب مشابهة عملها وذلك "لأن الجزم في الأفعال بمنزلة الجر في الأسماء" وإذا كان عامل الجر مكسورا في الأسماء الظاهرة، كذلك عامل ما هو بمنزلته من الجزم يكون مكسورا وأيضا كسرت اللام فرقا بينه وبين لام التأكيد التي يدخل المضارع، نحو: إن زيدا ليضرب "وأسكنت" لام الأمر "بالواو والفاء نحو وليضرب فليضرب" لشدة اتصالهما بما بعدهما لكونهما على حرف واحد فصار الفاء والواو مع اللام بعدهما وحرف المضارعة ككلمة واحدة وعلى وزن فخذ فأسكنت اللام تخفيفا "كما أسكن الخاء في فذ" تخفيفا أصله فخذ بكسر الخاء وهو عضو مخصوص فهذا نظير الإسكان بالفاء "و" أما "نظيره بالواو" فلفظه "وهو بسكون الهاء" أصله بالضم وكذا أسكنت بثم، نحو: ثم ليقضوا حملا عليهما، ولما فرغ من بيان كيفية أخذ الأمر الغائب من المستقبل شرع في كيفية أخذ الأمر الحاضر منه فقال: "وحذفت حروف الاستقبال" ليكون أمرا "في أمر المخاطب" أي الحاضر المعلوم بقرينة مقابلته للمجهول "للفرق" بينه وبين أمر الغائب "وعين الحذف في المخاطب لكثرته" يعني لو لم يحذف حروف الاستقبال في أمر المخاطب كما لا يحذف في أمر الغائب وجب زيادة اللام أيضا في أوله لئلا يلتبس بالمستقبل، وإذا زيدت اللام التبس أحد الأمرين بالآخر في بعض الصور، كما إذا قلت: لتضرب لم يعلم أن المأمور مخاطب أو غائب فوجب الحذف من أحدهما لدفع هذا الالتباس، فوجدوا المخاطب أولى بالحذف لكثرة استعماله؛ لأن المأمور المخاطب هو الواقع كثيرا، وأما الغائب فقل أن يقع له أمر ولكون الحذف نوعا من الاختصار والتخفيف
1 / 54