[شرح ديكنقوز]
إذ الكسر ثابت حينئذ على توارد العوامل فلا يظهر أثرها "وتحذف التاء الثانية جوازا في مثل: تتقلد وتتباعد وتتبختر" أي فيما اجتمع فيه تاءان في أول مضارع تفعل وتفاعل وتفعلل، وذلك حال كونه فعل المخاطب أو المخاطبة مفردا أو مثنى أو مجموعا، والغائبة المفردة والمثناة دون المجموع إحداهما حرف المضارعة والثانية تاء الباب، واختلف في المحذوف فذهب البصريون إلى أنه هو الثانية؛ لأن الأولى حرف المضارعة وحذفها مخل على ما حكي عن المبرد، وذهب الكوفيون إلى أنه هو الأولى؛ لأن الثانية للمطاوعة وحذفها مخل، ولأنها زائدة وحذفها أهون، واختار المصنف مذهب البصريين؛ لأن رعاية كونه مضارعا أولى؛ لأن الغرض من الاشتقاق إنما هو الدلالة على اختلاف المعنى باختلاف المعنى باختلاف الصيغ وأما المطاوعة وسائر معاني الأبواب فإنما هي بعد هذا الغرض ولأن الثقل إنما يحصل عند الثانية، وأما إثبات التاءين فهو الأصل لدلالة كل واحدة منهما على معنى، وفي قوله: تتقلد وتتباعد وتتبختر بصيغة المبني للفاعل إشارة إلى أن الحذف لا يجوز في المبني للمفعول اتفاقا من الفريقين؛ لأنه خلاف الأصل فلا يرتكب إلا في الأقوى وهو المبني للفاعل، ولأن المبني للفاعل من هذه الأبواب الثلاثة أكثر استعمالا من المبني للمفعول فالتخفيف به أولى، وهذان الوجهان يفيدان ترجيح المبني للفاعل على المبني للمفعول في الحذف، وأما وجه عدم شمول الحذف لهما فهو أنه لو حذفت التاء الأولى المضمومة من المبني للمفعول لالتبس بالمبني للفاعل المحذوف منه التاء؛ لأن الفارق هو التاء المضمومة ولو حذفت التاء الثانية لالتبس بالمبني للمفعول من مضارع فعل وفاعل وفعلل وذلك ظاهر، وإنما تحذف التاء الثانية في مضارع الأبواب الثلاثة "لاجتماع الحرفين من جنس واحد" وهو ثقيل "وعدم إمكان الإدغام" حتى يزول ذلك الثقل لرفضهم الابتداء بالساكن والحذف للتخفيف أولى من إبقاء المتجانسين وإدغامهما والإتيان بالهمزة، مع أن همزة الوصل لا تدخل المضارع؛ لأنه مشابه باسم الفاعل مشابهة تامة حكما لا تدخل عليه لعدم الاحتياج إليها لا تدخل على المضارع بخلاف الماضي؛ فإنه لما قل مشابهته باسم الفاعل جاز دخولها عليه، مثل: استخرج وأثاقل "وعينت التاء الثانية للحذف" مع أن ذلك الاجتماع الثقيل يزول عن توالي الحركات وعينت الفاء للسكون؛ لأن توالي الحركات لزم من زيادة الياء" وإذا لم يمكن إسكانه لرفضهم الابتداء بالساكن "فإسكان الحرف الذي هو قريب منه" أي بقرب الياء "يكون أولى" بالإسكان من غيره كأقرب القريتين في القسامة "ومن ثمة" أي ومن أجل أن إسكان الحرف الذي هو قريب من الحرف الذي لزم منه محذور أولى "عينت الباء في ضربن للإسكان" لئلا يجتمع أربع حركات متواليات فيما هو كالكلمة الواحدة كما مر "لأنه" أي الباء "قريب" أي يقرب "من النون الذي لزم منه" أي من زيادته "توالي الحركات الأربع وسوى بين صيغتي المخاطب والغائبة" مفردين أو مثنيين "في" المستقبل "نحو" أنت "أو هي تضرب" والمناسب ذكره في تعيين التاء للمخاطب إلا أنه لما كان له بحث طويل أخره إلى آخر بحث المستقبل بالنظر إلى أخواته "لاستوائهما" أي المخاطب والغائبة "في الماضي" في مجرد التاء لا في حركاتها وسكناتها "نحو أنت "نصرت" بفتح التاء "وهي نصرت"
_________
[الفلاح شرح المراح] لابن كمال باشا
المذكورة تعين كسرها "وتحذف التاء الثانية" أي يجوز حذفها كما يجوز إبقاؤها على أصلها "في مثل تتقلد وتتباعد وتتبختر" التبختر في المشي، يقال: فلان يمشي التبخترية وبالفارسية خراميدان؛ يعني إذا اجتمع تاءان في فعل مضارع وكان مبنيا للفاعل حذفت الثانية تخفيفا، وإنما قلنا: وكان مبنيا للفاعل؛ لأنه لو كان مبنيا للمفعول لم يحذف لقلة استعماله "لاجتماع الحرفين من جنس واحد" والتلفظ بهما ثقيل على اللسان "وعدم إمكان الإدغام"؛ لأن الإدغام عبارة عن إسكان الأول وإدراجه في الثاني فيلزم الابتداء بالساكن، ولا يجوز اجتلاب الهمزة في المضارع، كما لا يجوز في اسم الفاعل للمشابهة بينهما "وعينت الثانية للحذف؛ لأن الأول علامة" أي علامة المضارع "والعلامة لا تحذف" ولا علامة أخرى حتى يجوز حذفها، ولأن الاستثقال إنما حصل بالثانية فحذفها أولى هذا ذهب سيبويه، وذهب الكوفيون إلى أن المحذوفة هي الأولى؛ لأنها زائدة والزائد أولى بالحذف "وأسكنت الضاد في يضرب" أي أسكنت الفاء في المضارع نحو الضاد في يضرب "فرارا عن توالي الحركات الأربع" في كلمة واحدة "وعينت الضاد للسكون؛ لأن توالي الحركات" الأربع "لزم من" زيادة "الياء فإسكان الحرف الذي هو قريب منه يكون أولى" إذ لا يمكن إسكان الباء نفسه لتعذر الابتداء بالساكن "ومن ثمة" أي ومن أجل أن إسكان الحرف الذي هو قريب من الحرف الذي لزم منه أربع حركات أولى "عينت الباء في مثل ضربن للإسكان؛ لأنه قريب من النون الذي لزم منه توالي الحركات" الأربع ولا يسكن النون فيه مع أن التصرف في الزائد أولى لئلا يخالف سائر الضمائر القابلة للحركات في تحركها، نحو: ضربت بالحركات الثلاث وفتح الخفة "وسوى بين المخاطب" المفرد "والغائبة" المفردة وكذا بين تثنيتهما "في المستقبل" في نفس التاء لا في التاء باعتبار معناها؛ إذ في الأول للخطاب وفي الثاني للتأنيث "لاستوائهما" أي لاستواء المخاطب والغيبة في نفس التاء "في الماضي" ضربت وضربت "نحو تضرب ونضرب" وقس عليهما تثنيتهما، نحو: تضربان ونضربان
1 / 50