[شرح ديكنقوز]
"وزيدت" تلك الحروف "في الأول" من الماضي "دون الآخر" منه مع أن الآخر أولى بالزيادة "لأن المستقبل" إذا كان زيادته "في الآخر يلتبس بالماضي" أي بتثنيته في زيادة الألف وبغائبته في زيادة التاء دون مخاطبته؛ إذ لا وجه لإسكان اللام وتحريك التاء؛ لأنها ليست بضمير اللهم إلا أن يقال في الضرورة ويجمع مؤنثه صورة بزيادة النون ولم يزد الباء في الآخر، وإن لم يلتبس حملا للقليل على الكثير "واشتق" أي أخذ المستقبل "من الماضي" إن زيد عليه ولم يشتق الماضي من المستقبل بأن ينقص منه "لأن الماضي يدل على الثبات" والوقوع دون المستقبل وما يدل على الثبات أولى بالأصالة "وزيدت" أي وقعت الزيادة "في المستقبل دون الماضي" يعني لم يوضع المزيد للماضي والمجرد للمستقبل بل عكس "لأن" البناء "المزيد عليه" والظاهر أن يقول المزيد فيه إلا أنه لما اتفقت نسخ الكتاب عليه ووقع أيضا في عبارة غيره من الثقات وجب توجيهه بأن يقال المزيد على مع زيادة "بعد" البناء "المجرد و" الزمان "المستقبل" وكذا الزمان الحاضر "بعد زمان الماضي فأعطى السابق" وهو البناء المجرد "للسابق" وهو الزمان الماضي "و" أعطى "اللاحق" وهو البناء المزيد عليه "للاحق" وهو الزمان المستقبل والزمان الحاضر، ثم لما وجب المخالفة بين صيغتي الماضي والمضارع، وكان الفعل صادرا إما عن المتكلم وحده أو عنه مع غيره أو عن المخاطب أو عن الغائب طلبوا حروفا تدل على المضارعة، وعلى هذه المعاني جريا عن سننهم في طلب الإيجاز فوجدوا أولى الحروف بالزيادة حروف المد واللين لجريانها مجرى النفس واستئناس السامع بها لكثرة دورها في الكلام؛ إذ الكلام لا يخلو عنها أو عن بعضها؛ أعني الحركات فقسموا تلك الحروف على تلك الأفعال على ما تقتضيه المناسبة فشرع يبين أن أي حروف لأي فعل عينت وبين المناسبة بينهما وقال: "وعينت الألف" منها "للمتكلم وحده" أي للشخص الواحد الذي يتكلم مذكرا كان أو مؤنثا ثم حركوها ليتأتي الابتداء بها "لأن الألف" خارج "من أقصى الحلق وهو" أي أقصى الحلق "مبدأ المخارج" كلها "والمتكلم هو الذي يبدأ الكلام به" فناسبه "وقيل" إنما عينت الألف للمتكلم وحده "للموافقة بينه" أي الألف "وبين" أول حروف "أنا" الذي هو ضمير المتكلم "وعينت الواو للمخاطب" أصالة أي لجنس الشخص الذي يخاطب مذكرا كان أو مؤنثا واحدا كان أو اثنين أو جماعة "لكونه" أي الواو خارجا "من منتهى المخارج" كلها "والمخاطب هو الذي ينتهي الكلام به" فناسبه "ثم قلبت الواو تاء"؛ لأنها كثيرا ما تبدل من الواو نحو تراث وتجاه والأصل وراث ووجاه "حتى لا يجتمع الواوات" الثلاث وإن كان في كلمتين وهو مستكره؛ لأنه يشبه نباح الكلب وأما نحو: آووا ونصروا فليس فيه ذلك الاجتماع بمستكره؛ لأن قطع واو العطف عما قبلها لما لم يتعذر فيه صار كأن الواوات لم يجتمعن فيه، ولأن الواو الثانية فيه ساكنة فيندفع الثقل بالإدغام في الوصل "في نحو وووجل" برفع اللام أي فيما وقع فيه الفاء واوا وقلبت فيما لم يقع فيه الفاء واوا أيضا طردا للباب "في العطف" إحدى الواوات الأولى
_________
[الفلاح شرح المراح] لابن كمال باشا
كون حروف الزيادة حروف أتين؛ فلأنهم وجدوا أولى الحروف بها حروف المد واللين لكثرة دورها في الكلام؛ إذ المتكلم لا يخلو عنها أو عن بعضها؛ أعني الحركات ثم قلبوا الواو تاء لما سيذكره وزادوا النون لما سيأتي أيضا "وزيدت" هذه الحروف "في الأول دون الآخر" مع أن محل التغير والزيادة الآخر "لأن" الشأن "في الآخر يلتبس بالماضي"؛ لأنه لو زيدت الألف التبس بتثنية الغائب نحو: ضربا، ولو زيدت التاء التبس بالغائبة المفردة نحو: ضربت، ولو زيدت النون التبس بجمع المؤنث الغائب نحو: ضربن، ولما لزم الالتباس في هذه الثلاثة حملت الياء عليها وإن لم يلتبس بزيادتها في الآخر "واشتق" المستقبل بالذات "من الماضي" والماضي من المصدر فيكون هو من المصدر بواسطة الماضي على قياس ما عرفت في اسمي الفاعل والمفعول "لأنه" أي الماضي "يدل على الثبات" أي التحقق والوقوع بخلاف المستقبل، وما يدل على الثبات فهو جدير بأن يكون أصلا في الاشتقاق "وزيدت" حروف أتين "في المستقبل دون الماضي؛ لأن" اللفظ "المزيد عليه بعد" اللفظ "المجرد و" زمان "المستقبل بعد زمان الماضي فأعطى السابق" من اللفظ "للسابق" من الزمان وهو الماضي "واللاحق للاحق" وهو المستقبل؛ رعاية للتناسب بين اللفظ والمعنى "وعينت الألف" بالزيادة "للمتكلم" وحده "لأن الألف" من أقصى الحلق وهو أي أقصى الحلق "مبدأ المخارج والمتكلم هو الذي يبدأ الكلام به" فيكون بينهما مناسبة في المبدئية فعينت له ثم حركوها ليتأتي الابتداء بها "وقيل" عينت الألف للمتكلم "للموافقة بينه وبين" همزة "أنا" وقيل عينت له؛ لأنها أخف فاستؤثر المتكلم بالأخف "وعينت الواو للمخاطب" مذكرا كان أو مؤنثا مفردا كان أو مثنى أو مجموعا وأيضا للغائبة المفردة والمثناة ولم يذكرهما المصنف لاختلاف فيه؛ إذ عند بعضهم تاء الغائبة ليست منقلبة من الواو كما في المخاطب، بل هي تاء التأنيث، فلما زيدت في الأول لئلا يلتبس بالماضي حركت لتعذر الابتداء بالساكن "لكونه من منتهى المخارج"؛ لأنه من خارج الشفة "والمخاطب هو الذي ينتهي الكلام به" فتتحقق المناسبة بينهما في الانتهاء فعينت له "ثم قلبت الواو تاء حتى لا يجتمع الواوات في وووجل في العطف" يعني أن وجل مثال واوي فلو زيدت واو المخاطب، ثم أدخل الواو العاطفة يجتمع واوات فكأنه يشبه
1 / 47