[شرح ديكنقوز]
الخمسة "دون غيرها لوجود الدليل فيها" دون غيرها "وهو" أي ذلك الدليل "عدم الإبراز في مثل" زيد "ضرب" أي عدم ظهور الفاعل؛ إذ لا بد أن يكون للفعل من فاعل ظاهر، وإن لم يكن فمضمر بارز، فإن لم يكن فمضمر مستتر، فلما لم يكن الفاعل في مثل ضرب في زيد ضرب ظاهرا ولا بارزا علم أن فاعله مستتر، فلما كان عدم الإبراز دليلا ضروريا أسند الحكم إلى دليل آخر فيما وجد فيه دليل آخر، وإن كان عدم الإبراز شاملا للكل فقال: "والتاء في مثل" هند "ضربت" فإنها تدل على أن فاعله مفرد مؤنث غائبة "والياء في" مثل زيد "بضرب" فإنها تدل على أن فاعله مفرد مذكر غائب مع عدم علامة التثنية والجمع "و" عينت التاء "في مثل" هند أو أنت "تضرب" غائبة ومخاطبة، فإنها تدل على أن الفاعل مفرد مؤنث غائبة أو مفرد مذكر مخاطب بحسب القرائن مع عدم علامة التثنية والجمعين نحو: يضربون ويضربن "والهمزة في مثل" أنا "أضرب" فإنها تدل على أن الفاعل متكلم وحده "والنون في مثل" نحو "نضرب" فإنها تدل على أن الفاعل متكلم مع غيره "وهذه" أي حروف المضارعة "الحروف ليست بأسماء" فلا تكون فواعل للأفعال المذكورة، وإنما ذكر هذا وإن لم يذهب أحد إلى أنها أسماء؛ لأنه لما ذكر أن التاء في ضربت بحركات التاء والنون في ضربن والألف في ضربا والواو في ضربوا والياء في تضربين أسماء، وكان مظنة أن يتوهم متوهم أن هذه الحروف أيضا أسماء رفع ذلك التوهم "والصفة" نفسها "في مثل" زيد "ضارب و" زيدان "ضاربان و" زيدون "ضاربون" يعني أن في لفظها ما يدل على من هي له فإن ضارب للمفرد المذكر وضاربان للمثنى المذكر وضاربون للجمع المذكر وكذا ضاربة وضاربتان وضاربت "ولا يجوز أن يكون تاء ضربت" بسكون التاء "ضميرا كتاء ضربت" بحركات التاء "لوجود عدم حذفها بالفاعل الظاهر نحو ضربت هند" ولو كانت التاء فاعلة لزم حذفها عند وجود الفاعلة الظاهرة؛ إذ لا يجوز أن يكون لفعل واحد فاعلان من غير عطف أو بدل "ولا يجوز أن يكون ألف ضاربان" وواو ضاربون "ضميرا ضاربين؛ لأنه يتغير في حالة النصب" نحو: رأيت ضاربين "و" في حالة "الجر" أيضا نحو: مررت بضاربين وضاربين "والضمير لا يتغير" بتغير العوامل "كألف يضربان وواو يضربون" تقول: زيدان يضربان زيدون يضربون في الرفع، ولن يضربا ولن يضربوا في النصب، ولم يضربا ولم يضربوا في الجزم "والاستتار واجب في افعل" مثل اضرب أمر للمخاطب "و" في مثل "تفعل" مخاطبا "و" في مثل "أفعل" متكلما وحده "و" في مثل "نفعل" متكلما مع غيره "لدلالة الصيغة" أي صيغة الفعل في
_________
[الفلاح شرح المراح] لابن كمال باشا
الخمسة المذكورة "دون غيرها" من المواضع "لوجود الدليل" للاستتار فيها دون غيرها "وهو عدم الإبراز بعد" أن لم يكن مظهرا، يعني أن الفعل لا بد له من فاعل، وهو إما مظهر أو مضمر بارز أو مضمر مستتر فحيث لم يوجد الأول والثاني وجب الحكم بالاستتار لئلا يبقى الفعل بلا فاعل، وهذا القدر كاف في الاستدلال في الكل لكنه أراد التفصيل "و" قال "في مثل ضرب" أي الدليل عدم الإبراز في مثل: ضرب "والتاء في مثل ضربت والياء في مثل: يضرب والتاء في مثل: تضرب" وأنت تعلم أن التاء في ضربت وفي تضرب والياء في يضرب لا يدلان على الاستتار "والهمزة في مثل أضرب والنون في مثل نضرب" أي الهمزة بالهمزة والنون بالنون كما مر "وهي" أي التاء والياء والهمزة والنون "حروف" مضارعة "ليست بأسماء" وضمائر؛ إذ لو كانت ضمائر لكانت فاعلة فلا يمكن الاستتار لاجتماع الفاعلين وحينئذ قوله "والصفة في مثل ضارب ضاربان ضاربون" مرفوع طفا على عدم أي دليل الاستتار عدم الإبراز والصفة وأنت تعلم أن هذا الكلام لا معنى له يعتد به، وقد وقع في بعض النسخ وفي الصفة وهو سهو "ولا يجوز أن يكون تاء ضربت" بسكون التاء ضميرا "كتاء ضربت" بالحركات الثلاث، أي كما يكون تاء ضربت ضميرا "لوجود عدم حذفها بالفاعلة الظاهرة نحو: ضربت هند" يعني لو كان ضميرا لكان فاعلا فلو لم يحذف مع الفاعل الظاهر يلزم اجتماع الفاعلين وهو غير جائز فهو غير ضمير، وهذا ما وعده في صدر الفصل بقوله: وهذه التاء ليست بضمير كما يجيء "ولا يجوز أن يكون ألف ضاربان ضميرا" وكذا الواو في ضاربون، وكذا الألف والواو في اسم المفعول والصفة المشبهة نحو: مضروبان ومضروبن وحسنان وحسنون، وبالجملة لا يجوز أن يكون الألف والواو في تثنية الصفات وجمعها ضميرا "إلا أنه يتغير في حال النصب والجر" أي يقلبان ياء نحو: لقيت ضاربين "والضمير" الذي هو الفاعل "لا يتغير" بالعوامل الداخلة على عامله "كألف يضربان" فإنه لا يتغير هو بالحروف الناصبة والجازمة، نحو: لن يضربا ولم يضربا، وأيضا إن الألف والواو في مثنيات الأسماء الجامدة وجموعها كالزيدان والزيدون حروف بلا ريب زيدت للمثنى والمجموع، فجعلت مثنيات الصفات ومجموعها على نهج مثنيات الجامدة ومجموعها؛ لأن الصفات فروع الجامدة لتقدم الذوات على صفاتها فصارت الألف والواو فيها علامتي المثنى والجمع فقط لا ضميرا لهما "والاستتار واجب" اعلم أن استتار الضمير بمعنى عدم الإبراز عند اتصاله واجب في جميع المواضع الخمسة المذكورة، وأما استتار الفاعل المضمر بمعنى أنه لا يجوز إظهار الفاعل ولا إبرازه، بل يكون مستترا أبدا ففي أربعة أفعال "في مثل أفعل" أي في أمر المخاطب "وتفعل" أي في المخاطب المفرد، ولعل النهى يندرج فيه، وإلا لم ينحصر وجوب الاستتار في الأربعة المذكورة "وأفعل ونفعل" أي في المتكلم وحده ومع غيره "لدلالة الصيغة" في الأربعة كلها
1 / 44