[شرح ديكنقوز]
"ثم يصير كل واحد منها" أي من تلك الثلاثة "اثنين" متصلا أو منفصلا "نظرا إلى اتصاله" فكذا الكناية عنه إما مرفوع أو منصوب أو مجرور أي اتصل كل واحد منها "وانفصاله" لأنه إذا استقل في التلفظ فمنفصل وإلا فمتصل "فاضرب الاثنين" أي المتصل والمنفصل "في الثلاثة" أي المرفوع والمنصوب والمجرور؛ أي اجعل كل واحد من المتصل والمنفصل مرفوعا ومنصوبا ومجرورا، وهذا أي جعل كل واحد من المضروب مثل المضروب فيه هو معنى الضرب فليكن على ذكر منك "حتى يصير" المجموع الحاصل من الضرب "ستة ثم أخرج" أنت من الستة "المجرور المنفصل حتى لا يلزم تقديم المجرور" أي جواز تقديمه "على الجار" فلا يقال: زيد به، بل يقال: بزيد؛ يعني لما احتيج إلى التقديم والتأخير في الضمائر بحسب المقام وضعوا الضمير المنفصل لهذا؛ إذ هو الصالح له دون المتصل، ولما جاز تقديم المرفوع والمنصوب في المظهر، نحو: زيد فعل وعمرا أكرمت وضعوا لهما المنفصل من الضمير جريا بالمضمر مجرى المظهر، ولما لم يجز تقديم المجرور على الجار في المظهر؛ لأنه كالجزء الأخير من الجار، ولذلك لا يجوز الفصل بينهما في السعة، لم يضعوا له المنفصل؛ إذ لو وضعوه له لزم جواز تقديمه على الجار على ما هو شأن المنفصل وبالغرض من وضعه جواز تقديم الجزء الأخير ضروري البطلان "فبقي لك" من تلك الستة بعد إخراجك المجرور المنفصل منها "خمسة" أي خمسة أنواع أحدها "مرفوع متصل و" ثانيها "مرفوع منفصل و" ثالثها "منصوب متصل و" رابعها "منصوب منفصل و" خامسها "مجرور متصل ثم انظرا إلى المرفوع المتصل وهو يحتمل ثمانية عشر وجها" أي صورة ثمانية عشر معنى "في العقل" بحسب اعتبار المراتب العرفية "ستة" منها "في" حق "الغائب مع الغائبة" في مفرد كل منهما وفي تثنية كل منهما وفي جمع كل منهما "وستة" منها "في" حق "المخاطب مع المخاطبة" كذلك "وستة في" حق "الحكاية" أي المتكلم والمتكلمة ثلاثة له وثلاثة لها فمجموع الستات ثمانية عشر "واكتفي بخمسة" من الوجوه الستة "في الغائب والغائبة باشتراك التثنية" فيهما نحو: ضربا وضربتا، ولا اعتبار للتاء في التثنية الغائبة؛ لأنها ثابتة قبل التثنية، بل الضمير هو الألف فقط ولا دخل للتاء في اختلاف الضمير بخلاف ضربت وضربت ضربت وأنت وأنت وأنتما وأنتم حيث عدت الثلاثة الأول ألفاظا متعددة باعتبار اختلاف الحركات، وإن كان الضمير في الكل التاء فقط، وكذا عدت الأربعة الأخيرة ألفاظا متعددة، وإن كان الضمير في كلها أن فقط؛ لأن اقتران الأمور الخارجية المتميزة من الحركات والتاء وغيرهما من هذه الألفاظ إنما هو بعد وضع الضميرين؛ أعني التاء وأن فيكون لها دخل في اختلاف الضمائر "لقلة استعمالها" أي التثنية فلم يبال بالالتباس فيما
_________
[الفلاح شرح المراح] لابن كمال باشا
والظاهر إما مرفوع أو منصوب أو مجرور فكذا ما يقوم مقامه من المضمرات "ثم يصير كل واحد منها" أي من هذه الثلاثة "اثنين نظرا إلى اتصاله وانفصاله" يعني أن كل واحد منها إما متصل أو منفصل؛ لأنه إما أن يستقل بنفسه أو لا يستقل، ومعنى الاستقلال أنه لا يحتاج في التلفظ إلى كلمة أخرى قبله فيكون كالتتمة لها، بل هو كالظاهر نحو: أنت، ومعنى عدم الاستقلال أنه يتصل بعامله الذي قبله فيكون كالتتمة لذلك العامل ولبعض حروفه ولا يمكن التلفظ بدونه، نحو: ضربت فالأول المنفصل والثاني المتصل كذا قيل "فاضرب" ذينك "الاثنين في" تلك "الثلاثة حتى يصير" الحاصل من الضرب "ستة" قوله "ثم أخرج" عطف على اضرب فيكون أمرا أيضا من باب الأفعال "المجرور المتصل" من الستة "حتى لا يلزم تقديم المجرور على الجار" هذا هو الدليل المشهور، لكن فيه نظر؛ إذ الانفصال لا يستلزم التقدم والدليل المطابق القياس على المظهر، كما أشار إليه بعض المحققين بقوله: المضمر المتصل جار مجرى المظهر في استقلاله والتلفظ به وحده فيقع مرفوعا ومنصوبا نحو: هو فعل وإياك أكرمت كما يقع المظهر كذلك ولا يقع مجرورا ألبتة، كما لا يقع المظهر المنفصل مجرور؛ إذ لا يمكن انفصال المجرور عن الجار بخلاف المرفوع والمنصوب وإذا أخرجت المجرور المنفصل "فبقي لك" من الستة "خمسة" الأول "مرفوع متصل و" الثاني "مرفوع منفصل و" الثال "منصوب متصل و" الرابع "منصوب منفصل و" الخامس "مجرور متصل ثم انظر إلى" ضمير "المرفوع المتصل وهو يحتمل ثمانية عشر نوعا" من أنواع ألفاظ الضمائر "في العقل" لأن المعاني التي عبر عنها بالضمير المرفوع المتصل ثمانية عشر فيعتبر العقل لكل معنى منها ضميرا على حدة بالأصالة "ستة" منها "في الغيبة" لأن الغائب إما مذكر أو مؤنث وعلى التقديرين إما مفرد أو مثنى أو مجموع "وستة" منها "في الخطاب" لأن المخاطب أيضا إما مذكر أو مؤنث وعلى التقديرين إما مفرد أو مثنى أو مجموع "وستة" منها "في الحكاية" لأن المتكلم أيضا إما مذكر أو مؤنث، وعلى التقديرين إما مفرد أو مثنى أو مجموع فيصير المجموع ثمانية عشر معنى، فإذا عبر عن كل معنى بضمير على حدة يكون ألفاظ الضمائر أيضا ثمانية عشر "و" لكن "اكتفي" في ستة "من ثمانية عشر معنى بخمسة" من الألفاظ "في الغيبة باشتراك التثنية" الأولى أن يقال باشتراك التثنيتين "لقلة استعمالها" يعني تشترك تثنية الغائب والغائبة في ضمير واحد وهو الألف لا غير اشتراكا لفظيا؛ لقلة استعمال التثنية، نحو: ضربا وضربتا والتاء ليست بضمير، بل حرف التأنيث فقط كذا قرره الفاضل الرضي فظهر بطلان ما قيل من أن المراد من الاشتراك ها هنا الاشتراك
1 / 35