[شرح ديكنقوز]
فصل وتدخل المضمرات في الماضي وأخواته
"فأدخل النون لقرب النون" الزائدة "من النون" العلامة في النونية وفي لفظ القرب إشارة إلى ما ذكرنا من القيدين "ثم أدغم" إحدى النونين في الأخرى للجنسية، ووقع الإدغام بأن أدرج أولاها في الثانية، وقيل: إنما زيد حرف في الجمع المؤنث ليكون بإزاء الميم في جمع المذكر واختير النون لمشابهتها الميم بسبب الغنة "وزيدت التاء" لضمير الشخص المتكلم الواحد مذكرا كان أو مؤنثا "في ضربت" بضم التاء "لأن تحته" أي ضربت "أنا مضمر" وقد مر نظيره في الإعراب والقياس أن يزاد من حروف أنا إلا أنه "لا يمكن الزيادة من حروف أنا للالتباس" لأنه لو زيدت الهمزة وهي حقيقة ألف تحركت التبس بتثنية الغائب، ولو زيدت النون التبس بجمع المؤنث الغائب، ولا يمكن أيضا أن يزاد من حروف العلة؛ أما الألف فلما مر، وأما الواو فللزوم الالتباس بالجمع، وأما الياء فلعدم تحمله علامة الفاعل أعني الضم "فاختير التاء" للزيادة دون غيره من حروف الزيادة "لوجوده" أي التاء "في أخواته" أي أخوات ضربت، وهي ضربت وضربت وضربتما وضربتم وضربتن، وأما زيادة التاء في تلك الأخوات فحكم وضعي، ولعل حكمتها أنه لما كان المخاطب من يلقى إليه الكلام اختير له حرف شديد لينتبه عن سنة الغفلة وألقى سمعه إلى ما يلقى إليه وهو شهيد، والحروف الشديدة هي "أجدك قطبت" ولا يمكن زيادة الألف منها للالتباس بالتثنية وغير التاء مما بقي ليس من حروف الزيادة فتعين التاء "وزيدت النون في ضربتا" لضمير الشخصين المتكلمين مذكرين كانا أو مؤنثين ولضمير الأشخاص المتكلمة سواء كانت على صيغة الذكورة أو الأنوثة "لأن تحته نحن مضمر" وفيه نون فزيدت النون في ضربنا ليوافق ما أضمر تحته "ثم زيدت الألف حتى لا يلتبس بضربن" أي لجمع المؤنث واختص الألف للخفة "وقيل" إنما زيدت النون "لأن تحته أننا مضمر" وفيه نون ثم زيد الألف دفعا للالتباس واختص الألف لوجوده في أننا. "فصل: وتدخل المضمرات" المرفوعة والمنصوبة؛ أي تتصل، وإنما عبر عن الاتصال بالدخول ليتناول المستكن من المتصل إذا المتبادر من الاتصال اللغوي "في الماضي وأخواته" من الأفعال، وأما الصفات فيدخلها المرفوع والمنصوب كالأفعال والمجرور أيضا ولا يتصل بالحروف إلا المنسوب والمجرور والأسماء إلا المجرور "وهي" أي جميع المضمرات "ترتقي إلى ستين نوعا" وإنما انحصر فيها "لأنها" أي المضمرات "في الأصل ثلاثة" أحدها مضمر "مرفوع و" ثانيها مضمر "منصوب و" ثالثها مضمر "مجرور" وإنما انحصرت في الثلاثة؛ لأنها كناية عن المظهر وهو إما مرفوع أو منصوب أو مجرور
_________
[الفلاح شرح المراح] لابن كمال باشا
"فأدخل النون" الساكنة قبل النون الضمير؛ ليكون ما قبلها ساكنا أيضا، وعيلت النون دون غيرها "لقرب النون" الداخلة من النون التي هي ضمير الجمع والتاء ليست بضمير كما في المفرد، بل علامة للخطاب فقط "ثم أدغم النون في النون" فصار ضربتن "زيدت التاء في" مثل "ضربت" أي نفس المتكلم وحده مذكرا كان أو مؤنثا "لأن تحته أنا مضمر" يعني يدل ضمير ضربت على ما يدل عليه أنا وقد مر مثله غير مرة، وإذا كان تحته أنا ناسب أن يراد من حروفه "ولكن لا يمكن الزيادة من حروف أنا للالتباس" لأنه لو زيدت الألف التبس بتثنية الغائب نحو ضربا وإن زيدت النون التبس بجمع الغائبة نحو ضربن "فاختيرت التاء لوجوده في أخواته" المراد بأخوات ضربت أمثلة الخطاب؛ لأن المتكلم يصاحب المخاطب ويكالم معه، فلا يتصور أحدهما بدون الآخر فصار كأنهما أخوان "وزيدت النون في" مثل "ضربنا" أي في نفس المتكلم مع الغير مثنى كان أو مجموعا مذكرا كان أو مؤنثا "لأن تحته نحن مضمر" قد عرفت معنى الإضمار تحته فزيدت النون التي في نحن أولا "ثم زيدت الألف حتى لا يلتبس بضربن" فصار ضربنا "وقيل تحته أننا مضمر" فزيدت الألف والنون اللتان في أننا معا. ولما فرغ من بيان أمثلة الماضي مع ما يتصل بها من الضمائر ناسب أن يبين مطلق الضمائر فقال "فصل: وتدخل المضمرات في الماضي وأخواته" المراد من أخوات الماضي ها هنا كل ما يمكن أن يستتر فيه الضمير من المستقبل والأمر والنهي وسائر الصفات المشتقة. اعلم أن المقصود من وضع المضمرات رفع الالتباس؛ فإن أنا لا يصلح إلا لمعين واحد فقط وهو المتكلم المعين، وأنت لا يصلح أيضا إلا لمعين واحد فقط وهو المخاطب المعين، وكذا ضمير الغائب نص في أن المراد هو المذكور بعينه في مثل: جاءني زيد وإياه ضربت، ولا يحصل هذا التعيين للأسماء الظاهرة في قسم من "الأقسام الثلاثة فإنه لو سمى المتكلم نفسه بعلمه لا بلفظة أنا، وقال: مكان أنا قائم زيد قائم ربما التبس عند السامع أهو المتكلم أم زيد آخر بخلاف أنا قائم وهو ظاهر، وكذا لو سمى المتكلم المخاطب بعلمه لا بلفظة أنت، وقال: مكان أنت قائم زيد قائم ربما يحصل الالتباس، وكذا لو كرر المذكور مكان ضمير الغائب، وقيل: مكان جاءني زيد وإياه ضربت جاءني زيد وزيدا ضربت لم يعلم أن زيد الثاني هو الأول بعينه أو زيد آخر، وهذه الفائدة في الضمائر المنفصلة، وأما في المتصلة فيحصل مع رفع الالتباس المذكور الاختصار في اللفظ أيضا كذا حققه الفاضل الرضي "وهي" أي المضمرات "ترتقي إلى ستين نوعا" أي ستين لفظا لتسعين معنى كما ستطلع عليه "لأنها" أي المضمرات "في الأصل ثلاثة" الأول "مرفوع و" الثاني "منصوب و" الثالث "مجرور" لأن المضمرات كما أشرنا قائمة مقام الظاهر لدفع الالتباس إن كان منفصلا وله، وللاختصار إن كان متصلا
1 / 34