[شرح ديكنقوز]
إلى الفتحة" يعني أن الأصل فيها كسر العين في الماضي فقلبوا الكسرة فتحة؛ لأن من القياس عندهم أن يقلبوا الكسرة التي قبل الياء فتحة ثم يقلبوا الياء ألفا للتخفيف "و" باب "كرم يكرم لا يدخل في الدعائم لانعدام اختلاف الحركات و" انعدام "كثرة الاستعمال؛ لأنه لا يجيء إلا من الطبائع" أي الأفعال الطبيعية أي الغريزية التي جبل أي خلق الفاعل عليها من غير اختيار منه كالحسن والكرم "و" إلا "من النعوت" أي الصفات اللازمة ولأجل أن هذا الباب للصفات اللازمة اختير للماضي والمضارع منه حركة لا تحصل إلا بلزوم إحدى الشفتين للأخرى وانضمامها بها أعني الضم رعاية للتناسب بين الألفاظ ومعانيها "و" باب "حسب يحسب لا يدخل في الدعائم" لانعدام الاختلاف و"لقلته" في الاستعمال فيه إشارة إلى أن قلة استعمال هذا الباب لذاته لا بسبب من الأسباب ولا بشرط من الشروط "وقد جاء فعل يفعل" بضم العين في الماضي وفتحها في الغابر "على لغة من قال كدت تكاد" أصلهما كودت تكود بضم الماضي وفتح المضارع "وهي شاذة" والقياس كدت تكاد بكسر الكاف في الماضي من باب علم "كفضل يفضل" بكسر العين في الماضي وضمها في المضارع "ودمت" بكسر الدال "تدوم" بضمها يعني كما أن فضل يفضل ودمت تدوم شاذان، والقياس فضل يفضل من باب نصر ودمت تدوم من باب حسن كذلك كدت تكاد شاذا، وقال الزمخشري ثالثها في المتداخلة فكأن المصنف لم يظفر بكدت تكود بالضم فيهما وفضل يفضل بالكسر في الماضي والفتح في الغابر وبدمت تدام بالكسر في الماضي والفتح في المضارع فحكم بشذوذها. واعلم أن بعضهم قدم الرباعي المجرد على المنشعبات نظرا إلى أن الثلاثي المجرد
_________
[الفلاح شرح المراح] لابن كمال باشا
"إلى الفتحة" طلبا للخفة، وكذا فروا من كل كسرة قبل ياء مفتوحة فتحة بناء إلى الفتحة، ثم قلبوا الياء ألفا فقالوا في بني على صيغة المجهول بنى، قال في مختار الصحاح: بقي الشيء بالكسرة بقاء، وكذا بقي الرجل زمانا طويلا أي عاش، وطيء يقول: بقى وبقت مكان بقي وبقيت وكذا أخواتها من المعتل، وقال: فني الشيء بالكسر فناء، وقال: القلى البغض تقول قلاة يقليه وقلاء بالفتح والمد ويقلاه لغة طيء. ا. هـ. إذا عرفت ما تلوناه عليك فاعلم أن بعض الشارحين قالوا: إن بقى يبقي وفنى يفني وقلى يقلي بكسر العين في المضارع في الكل أما طيء فروا إلخ، وبعضهم قالوا بكسر العين في الماضي في الكل، أما طيء فروا إلخ، وكل ذلك غلط نشأ من عدم الاهتداء في علم اللغة الحمد لله الذي هدانا لهذا اعلم أنه استصعب على الشارحين ارتباط قوله قد فروا إلخ بما قبله من حيث المعنى، والأمر هين لأنه استئناف لبيان لغة طيء فيقع جوابا للسؤال، فكأن قائلا يقول: ما فعلوا فيها؟ فقال: قد فروا إلخ، "ونحو كرم يكرم لا يدخل في الدعائم؛ لأنه لا يجيء إلا من الطبائع" جمع طبيعة وهي القوة الموجودة في الشيء التي لا شعور لها بما يصدر عنها ويكون الصادر منها أثرا واحدا واقعا على نهج واحد "والنعوت" جمع نعت وهي الصفة أي لا يجيء فعل يفعل بضم العين فيهما إلا من الأفعال الصادرة عن الطبائع من غير شعور واختيار الدالة على صفاتها اللازمة لها كالحسن، فإن المراد بالحسن الحسن الطبيعي وهو كون الأعضاء متناسبة على ما ينبغي أن يكون لا ما يمكن اكتسابه بالزينة من صفاء اللون ولين الملمس، فلا يكثر استعمالها لكونها مقيدة ولا يختلف حركاتها في الماضي والمضارع أيضا؛ لأن هذا البناء لما خالف بقية الأبنية لكونه خلقة وطبيعة صادرة على نهج واحد من غير اختيار خولف في الحركة أيضا بأن يكونا مضمومين إيذانا بعدم اختلاف معناه في نفسه، كما جعلوا الضم علامة لبناء المجهول، ولما كان وضع هذا البناء لمثل هذه الأفعال لا يقتضي متعلقا ومفعولا فيكون لازما أبدا فقوله: لا يجيء إلا من الطبائع دليل على انتفاء كثرة الاستعمال أصالة، وعلى عدم اختلاف الحركة إشارة فافهم "وحسب يحسب لا يدخل" أيضا "في الدعائم" لقلته في الاستعمال ولعدم اختلاف حركتهما "وقد جاء فعل يفعل" بضم العين في الماضي وفتحها في الغابر، يعني إذا كان العين مضموما في الماضي يجب أن يكون مضموما في المضارع أيضا قياسا، لكن قد جاء "على لغة من قال كدت تكاد" لاف ذلك وهو ضم العين في الماضي وكسرها في الغابر؛ لأن أصل كدت كودت بضم الواو فنقلت ضمتها إلى ما قبلها بعد سلب حركته؛ لتدل على أن البناء من مضموم العين وأصل تكاد تكود بفتح الواو فأعل بالنقل والقلب فأجاب بقوله: "وهي" أي هذه اللغة "شاذة" أي خارجة عن القياس "كفضل" بالكسر "يفضل" بالضم أي كما يكون هذا شاذا يعني إن كان العين مكسورا في الماضي وجب أن يكون إما مفتوحا أو مكسور في المضارع قياسا، لكن جاء هذا بخلافه فيكون شاذا وبعض المحققين قالوا: إن فضل يفضل من تداخل اللغتين وذلك لأن العرب تقول فضل بالفتح والكسر ومضارع الفتح بالضم ومضارع الكسر بالفتح فإذا سمع بعد ذلك فضل يفضل علم أنه من التداخل، وبعض الشارحين حكموا بمخالفة القولين وأقول: لا مخالفة بينهما لأن تداخل اللغتين ليس بقياس؛ إذ القياس عدم التداخل فيكون شاذا لا محالة قال في مختار الصحاح: الفضلة والفضالة ما فضل من الشيء وفضل منه شيء من باب نصر وفيه لغة ثانية من باب فهم وفيه لغة ثالثة مركبة منهما فضل بالكسر يفضل بالضم وهو شاذ لا نظير له. ا. هـ. فعلى هذا لا يتوجه أن يقال إن الفضل من الأفعال الطبيعية كالكرم فلم جاز فيه غير الضم في الماضي والمضارع؛ لأنه من الفضلة لا من الفضل "ودمت تدوم" أي وكما يكون هذا شاذ لأن أصله
1 / 19