[شرح ديكنقوز]
وقوي وإلى أن استعماله أكثر بالنسبة إلى الثالث، وإنما لم يجئ من مكسور العين في الماضي مضموم العين في المضارع لئلا يتحرك حرف واحد بالأثقل بعد الثقيل، ولم يجئ من مضموم العين في الماضي مفتوح العين في المضارع لئلا يكون كالطفرة بسبب انتفاء التدريج في الانتقال من الأثقل إلى الأخف، ولا مكسور العين فيه لئلا يلزم الجمع بين الضم الثابت والكسر لا لضرورة. ولما كان سبب دخول الأبواب الثلاثة الأول في الدعائم أمرين اختلاف الحركات وكثرة الاستعمال، وكان انتفاء أحدهما فقط كافيا في عدم الدخول فيها أشار إلى أن عدم دخول الثلاثة الأخر فيها إنما هو لانتفاء الأمرين معا في نفس الأمر، لا لانتفاء أحدهما فقط؛ إذ لو لم يتعرض لذلك لم يعلم أن عدم الدخول فيها في نفس الأمر لانتفاء أحدهما فقط أو لانتفائهما جميعا، ولما كان انتفاء الأمر الأول فيها ظاهرا اكتفى بذكره مرة في أولها وقال "وفتح يفتح لا يدخل في الدعائم لانعدام اختلاف الحركات في عين الماضي والمستقبل ولعدم مجيئه" أي مجيء باب فتح يفتح "بغير حرف الحلق" عينا أو لاما والتزموا فيه فتح العين في الماضي والمضارع؛ ليقاوم خفة فتحة العين ثقالة حرف الحلق، ولذلك لم يدخلوا الفاء في الترديد ولم يقولوا أو فاء لزوال ثقل الفاء بسكونه في المضارع، ولا يرد مثل دخل يدخل؛ لأنه دليل بعد الوقوع، ولما لم يجئ بغير حرف الحلق انعدم كثرة الاستعمال أيضا "وأما ركن يركن وأبى يأبى" بفتح العين في الماضي والمضارع فيهما من غير حرف الحلق هذا لف وقوله "فمن اللغات المتداخلة والشواذ" نشره على ترتيبه يعني أن ركن يركن بفتح العين في الماضي وضمها في الغابر وركن يركن بكسرها في الماضي وفتحها في الغابر لغتان، فأخذ الماضي من الأولى والمضارع من الثاني فقيل ركن يكن بالفتح فيهما؛ لأنه من باب فتح يفتح فلا نقض، وعد الزمخشري ركن يركن من الشواذ وأبى يأبى من الشواذ الثابتة عن المواضع فهي في حكم المستثناة فكأنه قال القياس كذا إلا في هذه الصورة فلا نقض "وأما بقى يبقى وفنى يفنى وقلى يقلى" بفتح عين المضارع والمضارع في الكل من غير حرف الحلق "فلغات" قبيلة "طيء قد فروا" أي فارين "من الكسرة
_________
[الفلاح شرح المراح] لابن كمال باشا
"وفتح يفتح لا يدخل في الدعائم" وكذا سائر ما يجيء من الباب الثالث "لانعدام اختلاف الحركات في الماضي والمستقبل والعدم" كثرة الاستعمال لانعدام "مجيئه بغير حرف الحلق" أما في عينه أو في لامه فيصير مقيد، أو المقيد أقل وجودا من المطلق فانتفى الشرطان معا وعدم دخوله في الدعائم، وإن كان معلوما بالالتزام عما قبلها من الشرطين لكنه صرح به تقريرا وتوضيحا وليترتب عليه قوله، وأما ركن يركن إلخ وحروف الحلق الهمزة والهاء والعين والحاء والغين والخاء وإنما فتحوا عين المضارع إذا كان عينه أو لامه حرفا من الحروف؛ لأنها ثقيلة فأعطوها وما قبلها الفتحة للخفة لامتناع السكون في عين المضارع كما مروا، إنما قلنا إذا كان عينه أو لامه؛ لأنه إذا وقع حرف منها فاء نحو أمر يأمر لم يلزم الفتح في مضارعه لسكون حرف اللحق فيه، والساكن لا يجب فتح ما بعده لضعفه بالسكوت، ولا يشكل بمثل يدخل؛ لأن المراد أن شرط الفتح أن يوجد في العين واللام حرف منها لا أن كل ما فيه حرف يكون مفتوحا. فإن قلت: إن الألف من حروف الحلق أيضا باتفاق منهم فلِمَ لَمْ يعدوه ها هنا؟ قلت: الألف لا تخلو إما أن يقع عينا أو لاما وأيا ما كان لا يمكن فتح العين لأجله، أما إن وقع عينا فللزوم سكونه وأما إن وقع لاما فلأنه إما واو أو ياء في الأصل إذا الألف الأصلي لا يقع في لام الفعل بالاستقراء وإذا كان واوا أو ياء فقلبهما ألف يتوقف على فتح ما قبلها وهو العين فثبت أن فتح العين موجود قبل وجود الألف فلم يكن الفتح لأجل الألف وإلا يلزم الدور وهو المطلوب ثم إن هذا الفتح في العين لما وجد من غير شرط وهو وجود حرف الحلق كان شاذا، ولهذا حكموا بأن أبى يأبى شاذ كذا حققوه. ولما توجه أن يقال إن عدم مجيء الباب الثالث بغير مجيء الباب الثالث بغير حرف الحلق مشكل بركن يركن وأبى يأبى؛ لأنهما من هذا الباب وليس فيهما حرف الحلق أجاب عنهما بقوله: "وأما ركن يركن وأبى يأبى فمن اللغات المتداخلة والشواذ" يعني أن المثال الأول من المتداخل، والمثال الثاني من الشواذ ففي الكلام لف ونشر مرتب، وقد عرفت آنفا معنى كونه شاذا، ومعنى تداخل اللغتين فيه أن ركن يركن أي مال يميل كنصر ينصر لغة، وركن يركن كعلم يعلم فيه لغة أيضا فأخذ الماضي من الأول والمضارع من الثاني، والمراد بالشاذ في استعمالهم ما يكون بخلاف القياس من غير نظر إلى قلة وجوده وكثرته كالقود. والنادر ما قل وجوده وإن لم يكن بخلاف القياس، وما قيل من أن أبى بمعنى امتنع وهو فرع منع وفيه حرف حلق فحمل عليه فضعيف؛ لأن وجود حرف الحلق في لفظ معنى الكلمة لا يوجب ثقل تلك الكلمة على اللسان حتى يضطر إلى أن يحمل على فرعه ويفتح لأجله ما بعده. ولما توجه الإشكال المذكور أيضا بالأمثلة التي ذكرها أجاب بقوله: "وأما بقى يبقى وفنى يفنى وقلى يقلى فلغات طيء" يعني أن بقي يبقى وفني يفنى من باب علم يعلم فعين ماضيهما مكسورة، وقلى يقلي من باب ضرب يضرب فعين مضارعه مكسورة لكن قبيلة طيء "قد فروا من الكسرة" أي من كسرة عين الماضي في الأول والثاني ومن كسرة عين المضارع في الثالث
1 / 18