198

Sharḥ Bulūgh al-Marām - ʿAbd al-Karīm al-Khuḍayr

شرح بلوغ المرام - عبد الكريم الخضير

Genres

"كان أصحاب رسول الله ﷺ -على عهده-" إذا قال الصحابي: كانوا يفعلون، فلا يخلو إما أن يضيفه إلى عهد النبي ﵊ أو لا، فإن أضافه إلى عهد النبي ﵊ فهو مرفوع، ويكون حينئذٍ من السنة التقريرية، كقول جابر: "كنا نعزل والقرآن ينزل"، ولو كان شيئًا مما ينهى عنه لنهى عنه القرآن، فهم يستدلون بعدم النهي عن الفعل الذي يفعلونه في عهد النبي ﵊ على أنه سنة وحجة ملزمة؛ لأن السنة إما أن تكون قولية أو فعلية أو تقريرية أو صفة من أوصافه ﵊، وهذا هو التقرير؛ لأنه لو كان شيء ينهى عنه لنهى عنه النبي ﵊، وهنا ينتظرون الصلاة في مسجده ﵊، وعلى عهده كما نص على ذلك في هذه الرواية، على خلاف في ثبوت هذه الكلمة، أما إذا لم ينص الصحابي على العهد النبوي، بل قال: كانوا يفعلون، من دون أن يضيفه إلى عصر النبي ﵊، ولا إلى عهده فالمسألة خلافية بين أهل العلم، فمنهم من يرى أنه مرفوع أيضًا؛ لأن الصحابي لا يمكن أن يقول مثل هذا الكلام في مسألة شرعية إلا ويقصد من وراء ذلك الاحتجاج بهذا الفعل، إلا ويقصد بذلك الاحتجاج بهذا الفعل، فلا يحتاج إلى أن ينص على عهده كانوا يفعلون، أما إذا كانت هذه الصيغة لا يخرج منها أحد، بمعنى أنهم كانوا يعين كلهم، كانوا كلهم ينامون، أو ينتظرون العشاء حتى تخفق رؤوسهم، فهذا استدلال بالاتفاق والإجماع، والإجماع حجة عند أهل العلم، فيكون حينئذٍ في هذه الصيغة ما يدل على نقل الاتفاق، وإن كان نقل الاتفاق بمثل هذا الكلام إذ لم ينص على الإجماع، أجمعوا على كذا، أو لم يختلفوا في كذا، الاحتجاج به على أنه إجماع فيه ما فيه، وعلى كل حال مثل هذه الصيغة: "كان أصحاب رسول الله ﷺ" لا تخلو إما أن تضاف إلى النبي ﵊ فيقال: في عهده وفي عصره، أو لا يذكر ولا يشار إلى العصر والعهد النبوي، أما إذا أشير إلى النبي ﵊ فهو من قبيل المرفوع، والخلاف جاري بين أهل العلم إذا لم يضف إلى العهد النبوي، وعلى كل حال كانوا وهم جمع من

8 / 8