Sharḥ bāb tawḥīd al-ulūhiyya min fatāwā Ibn Taymiyya
شرح باب توحيد الألوهية من فتاوى ابن تيمية
Genres
زيادة الإيمان بالطاعات ووجه كون الدنيا نعمة أم لا
قال رحمه الله تعالى: [وكلما ازداد العبد عملًا للخير ازداد إيمانه، هذا هو الإنعام الحقيقي المذكور في قوله: ﴿صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ﴾ [الفاتحة:٧]، وفي قوله: ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ﴾ [النساء:٦٩]، بل نعم الدنيا بدون الدين هل هي من نعمه أم لا؟ فيه قولان مشهوران للعلماء من أصحابنا وغيرهم].
كما هو معلوم أن كل شيء من نعم الله ﷿، لكن يقصد الشيخ بسؤاله: هل هي نعمة أم نقمة؟ أي: هل هذه الدنيا من النعم التي امتن الله بها على عباده، أم هي نقمة؟ الدنيا ظاهرها نعمة، يعني: شهوات الدنيا ورغباتها وأولادها وغير ذلك من مكاسب الدنيا ظاهرها أنها نعمة، لكن قد تكون نقمة في المآل.
ولذلك سيذكر الشيخ المذهب الحق بعد قليل.
قال رحمه الله تعالى: [والتحقيق أنها نعمة من وجه وإن لم تكن نعمة تامة من وجه].
قوله: (أنها نعمة من وجه) يعني: أن هذه الخيرات التي تفضل الله بها على العباد هي في حد ذاتها نعمة، لكنها قد تكون نقمة إذا استعملت في غير ما يرضي الله ﷿، كأن تلهي الإنسان عن ذكر الله، أو تلهيه عن واجباته الأساسية.
إذًا: هي في أصلها نعمة إن استخدمت فيما يرضي الله ﷿، فتبقى نعمة للعبد في الدنيا والآخرة، وإذا استخدمت على غير ما يرضي الله ﷿، أي: على غير وجه شرعي، صارت نقمة على العبد في مآلها لا في أصلها؛ لأن جميع أمور الدنيا هي بصدورها عن الله ﷿ من نعم الله ﷿، ولذلك امتن الله على العباد حتى بخلق السماوات والأرض، لكن الكلام هنا هو عن المآل، أعني: مآل هذه الخيرات في الدنيا، هل هي نعمة لهذا الإنسان أم نقمة عليه في المآل؟
16 / 3