27

Sharh Bab Tawhid al-Rububiyyah min Fatawa Ibn Taymiyyah

شرح باب توحيد الربوبية من فتاوى ابن تيمية

Genres

دعوة الأنبياء إلى عبادة الله بالقلب واللسان قال رحمه الله تعالى: [وذلك أن الأنبياء ﵈ دعوا الناس إلى عبادة الله أولًا بالقلب واللسان، وعبادته متضمنة لمعرفته وذكره]. هذه القاعدة الأولى، وهي قاعدة ذهبية ومعلومة بالضرورة وبدهية جدًا، وهي: أن الأنبياء ﵈ بما فيهم النبي ﷺ إنما دعوا الناس إلى عبادة الله، وهؤلاء الفلاسفة والمتكلمون ما دعوا الناس إلا إلى أمور نظرية فلسفية معقدة لا أصل لها، وتنفر منها الفطرة والعقل السليم، غاية دعوتهم أن يؤمن الناس بوجود الله، والناس ليس عندهم مشكلة في هذا الأمر، وأن الله واحد، وأن الله هو الرب، وليس عند الناس مشكلة في هذا الأمر. ولا يعرجون على توحيد العبادة، ومن شاء فليقرأ كتبهم؛ حتى لا يظن أنا نفتري أو نفتئت عليهم، فمن شاء فليقرأ أي نموذج من نماذج كتب المتكلمين خاصة، فإنه سيجد فيها إعراضًا عن دعوة الأنبياء إلى عبادة الله، ولا يعرج على هذه المسألة إلا عندما يتكلم عما يسميه التصوف، أو عن أمور عارضة ليست هي الأصل عنده، أما ما يرى أنه واجب فإنما هو توحيد الربوبية فقط، ونحن نقرُّ بأن هذا واجب، لكن نعلم أن الله ﷿ كفانا أمرهم بفطر العقول على ذلك والنفوس والقلوب، وبتقرير ذلك أيضًا في الكتاب والسنة دون عناء ولا كلفة. ثم قال: (أولًا بالقلب) يعني: عبادة الله بإصلاح القلوب، وإصلاح الألسن الذي ينتج عنه صلاح الأعمال كما سيأتي.

3 / 3