============================================================
شرح الأنفاس الروحانية قال الجنيد حرحمة الله عليه- "المكر في الصلاة أظهر من غيره" يعني به المكر في الصبلاة بالصبلاة وهو آن يعجبه صلاته من كثرته، وحسته، ودوامه، وطول قيامه، والقراءةه والركوع، والسجود، والخضوع، والخشوع، والطهارة والنظافة، وحضور القلب، والجمعية، فيبقى فيه كما يبقى في الدنيا صاحب الدنيا، وهذا إذا أكمل صلاته بجميع صفاتها كما أمر بها، وأما من صلى هو غافل مشغول بالدنيا يدبر شئونها وهو في الصلاة فهذه زندقة في نفاق لأن ترك الصلاة في الطريقة زندقة، وهذا تارك الصلاة حقيقة، من حيث آنه ليس في صلاته شيء منه الا الصورة وصلاة الصورة صلاة المنافقين، وهو مذهب الزنادقة أيضا أن يصلى كل غافل رسيما للبلد وصيانة للمال والولد فكانت هذه الصلاة زندقة في نفاق؛ من هذا الوجه على مذهب التصوف.
قال أبو الحسين أحمد بن محمد النوري حرحمه الله: "المعصية لا تخلو من الخذلان، والطاعة لا تخلو من المكر" اعلم أن الخذلان في لغة العرب: ترك النصرة، وفي اصطلاح المشايخ الصوفية: ترك العصمة، والتوفيق، والهداية من الله تعالى غضيا على العاصيي وغليظا عليه بما اقترف من المعصية، وأما المكر فسرناه من قبل وهو الابتلاء والامتحان نعمة من الله تعالى على العيد إحساتا معه.
قوله: "المعصية لا تخلو من الخذلان" ظاهر لأنه لولا الخذلان لعصمه الله تعالى عنها "والطاعة لا تخلو من المكر" كما قال الجنيد -قدس الله سره - "إن المكر في الصلاة أظهر" قد شرحناه من قبل قال الشبلي حرحمه الله: "اخترنا طريق التصوف سلامة من مكر الله تعالى" إنما قال ذلك؛ لأن من سلك طريق التصوف أعرض عن الدنيا، والآخرة، والتفس جميعا فيقل المكر عليه في هذا الطريق كما بينا في كلام الجنيد.
Page 170