32

Sharh Alfiyyah Ibn Malik li-Hazmi

شرح ألفية ابن مالك للحازمي

Genres

فائقةً ألفية ابن معطي، ألفية: بالنصب .. أيش اعرابه؟ مفعول به لفائقة؛ لأن فائقة هذا اسم فاعل، واسم الفاعل يعمل عمل فعله، وابن معطي: هو الشيخ زين الدين أبو الحسين يحيى بن عبد المعطي بن عبد النور الزواوي، نسبةً إلى زواوى وهي قبيلة كبيرة كانت تسكن بظاهر بجايا من أعمال أفريقيا الشمالية، الفقيه الحنفي، ولد في سنة أربع وستين وخمسمائة، وأقرأ العربية مدةً بمصر ودمشق، وروى عن القاسم بن عساكر وغيره، وهو أجل تلامذة الجزولي، وكان من المتفردين بعلم العربية، وهو صاحب الألفية المشهورة وغيره من الكتب الممتعة، وقد طبعت ألفيته في أوروبا والعلماء لهم عليها عدة شروح، لكنها دون ألفية ابن مالك رحمه الله تعالى.
وَهْوَ بِسَبْقٍ حَائِزٌ تَفْضِيلاَ ... مُسْتَوْجِبٌ ثَنَائِيَ الْجَمِيلا
وهْو: بإسكان الهاء للوزن، يعني: ابن معطي، بسبق علي .. يعني: بسبب سبقه علي، حائز، أي: جامع تفضيلًا علي، هذا فيه ماذا؟ فيه أشبه ما يكون كالاستدراك لما سبق، يعني: لا يظن الظان أنه إذا رجح ألفيته على ألفية ابن معطي سقط ابن معطي؟ لا، بل هو له فضله وله مكانته في كونه سابقًا في التأليف والإفادة، قد أفاد أمم وحفظوا ألفيته، ومع ذلك له الفضل عند الله تعالى.
وهو، أي: ابن معطي، بسبق: الباء للسببية، أي: بسبب سبقه إياي، بسبق، أي: بسبق علي في الزمن والإفادة، وفي تقديم المعمول: بسبق حائز تفضيلًا .. تقديم المعمول إشارة إلى أنه لم يحز الفضل على المصنف إلا بالسبق، والجار والمجرور مرتبط بكل من حائز ومستوجب، وهو بسبق حائز أي: جامع.
تفضيلًا، أي: علي، أي: فضلًا، والمراد بالتفضيل .. التفضيل هنا: مصدر فضل يفضل تفضيلًا، والمراد به فضلًا، من إطلاق المسبب على السبب، أو هو مصدر مبني للمفعول.
إذًا: بسبق حائز جامع تفضيلًا علي، فهو مفضل علي بسبب ماذا؟ بسبب سبقه علي في الزمن والإفادة، وهذا ثابت شرعًا وعرفًا.
مستوجب، أي: مستحق، ويحتمل أن السين والتاء للتصيير، أي: مصير الثناء واجبًا علي .. مستوجب علي أيضًا، فكل هذه تقدر بجار ومجرور محذوف، وهو بسبق علي، حائز تفضيلًا علي، مستوجب: أي: مستحق علي.
ثنائي الجميلا .. مستوجب ثنائي، وايش إعراب ثنائي؟ مفعول به لمستوجب، والسين هذه مستوجب .. للطلب، يعني: طالب مستحق، مستوجب علي .. ثنائي، الثناء: مختص بالخير عند الجمهور، وعند ابن عبد السلام يعمه والشر، فيقال: أثنى عليه شرًا: ﴿مروا بجنازة فأثنوا عليها خيرًا فقال: وجبت، ومروا بجنازة فأثنوا عليها شرًا، فقال: وجبت﴾ قال ابن عبد السلام: إذًا أثنوا عليها خيرًا وأثنوا عليها شرًا، وهؤلاء صحابة وهم حجة في لسان العرب، إذًا: الثناء لا يختص بالخير، بل يعم الشر.
مُسْتَوْجِبٌ ثَنَائِيَ الْجَمِيلا: عليه لانتفاعي بما ألفه واقتدائي به، ولما يستحقه السلف من ثناء الخلف، والجميل: إما صفة لازمة أو مخصصة أو معمول للثناء، أي: ثنائي الثناء الجميل، أو ثنائي بالجميل، إذًا: أشار في هذا البيت إلى أن ابن معطي رحمه الله تعالى وإن فضلت ألفية ابن مالك عليه إلا أن له الفضل في السبق والإفادة.
واللهُ يَقْضِي بِهِبَاتٍ وَافِرَهْ ... لِي وَلَهُ في دَرَجَاتِ الآخِرَهْ

2 / 13