Sharh al-Tadmuriyyah - Nasser al-Aql

Nasser Al-Aql d. Unknown
7

Sharh al-Tadmuriyyah - Nasser al-Aql

شرح التدمرية - ناصر العقل

Genres

الأصل في باب الأسماء والصفات قال ﵀: [فأما الأول: وهو التوحيد في الصفات، فالأصل في هذا الباب أن يوصف الله بما وصف به نفسه، وبما وصفته به رسله نفيًا وإثباتًا، فيثبت لله ما أثبته لنفسه، وينفى عنه ما نفاه عن نفسه]. هذه القاعدة هي القاعدة الحاكمة، والقاعدة الكبرى في أسماء الله وصفاته، وعليها سيدور كلام الشيخ في أكثر هذا الكتاب، ولذلك فإن استيعابها وفهمها وإدراكها أمر ضروري لطالب العلم خاصة عندما يقرأ هذا الكتاب؛ لأن جميع ما سيرد من القواعد المفرعة عنها يعود إليها، وهذه القاعدة لم يأت بها الشيخ من عند نفسه، وإنما هي راجعة إلى قول الله ﷿: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ﴾ [الشورى:١١]. وقول الشيخ: (الأصل في هذا الباب أن يوصف الله بما وصف به نفسه) ليس هذا الأصل مبنيًا على اجتهاد شيخ الإسلام ابن تيمية أو غيره، وإنما هو مبني على نصوص قاطعة وثابتة من الكتاب والسنة، وسيأتي لهذا أدلة وأمثلة كثيرة جدًا تدل على أن هذه القاعدة هي القاعدة الحاكمة، وأن من عمل بها سلم، ومن أخل بها هلك. وهي بمثابة الميزان في قلب المؤمن، متى ما أدركها وفهمها فإنه يستطيع بإذن الله أن يرجع إليها كلما ورد إليه، أو سمع أو قرأ أو خطر بباله ما يتعلق بذات الله وأسمائه وصفاته وأفعاله، كما أنه بإذن الله يستطيع أن يميز بين الحق والباطل إذا وفقه الله لذلك. وقوله: (فالأصل في هذا الباب) أي: في باب الصفات -إذا قيل: في الصفات، فإنها تشمل الأسماء-: أن يوصف الله ﷿ بما وصف به نفسه، وجاءنا هذا من كتاب الله ﷿، يعني: أنه لا يمكن لأحد أن يدعي أنه أتى بشيء عن الله من غير الوحي كما يزعم كثير من ضلال أهل الأهواء من البدع والافتراق، فإنهم يزعمون أنهم يتلقون عن الله، ولذلك وصفوا الله بأسماء وصفات وأفعال لم ترد في الكتاب والسنة، بل وزعموا أنها من عند الله! وهذا طريق ليس بسليم. إذًا: أن يوصف الله بما وصف به نفسه في كتابه، وبما وصفته به رسله، وهذا بالنسبة في جميع الأمم، وفي هذه الأمة نقول: وبما وصفه به رسوله ﷺ، أي: ما ثبت عن رسول الله ﷺ، وما لم يثبت لا يكون مصدرًا في أسماء الله وصفاته، بل ولا يحتج به. وهذه القاعدة مجمع عليها عند السلف، وإن كان بعضهم أحيانًا قد يستدل بالضعيف، لكن لا يستدل بالضعيف في تقرير اسم أو صفة لله، وإنما في تأييد ما ثبت بنص آخر كما ذكرت لكم سابقًا. وهذه مسألة لابد من التنبه لها، فقد ينسب إلى الرسول ﷺ أحيانًا أحاديث ضعيفة في الصفات، لكن قد يوردها بعض السلف لا للاستدلال بها استقلالًا، ولذلك لا يوجد عند السلف شيء من ذلك يستدل به في حديث ضعيف، إلا أن بعضهم قد يجتهد في حديث ويظن أنه صحيح وليس بصحيح، وهذه زلة عالم، لا أنه منهج السلف رحمهم الله تعالى. إذًا: نصف الله بما ثبت عن النبي ﷺ بسند صحيح. أما قوله: (نفيًا وإثباتًا) أي: أننا لا نثبت لله إلا ما أثبته لنفسه، وما أثبته له رسوله ﷺ، ولا ننفي عن الله تفصيلًا إلا ما نفاه عن نفسه ونفاه عنه رسوله ﷺ، وأما إجمالًا فننفي النقائص عن الله، لكن لا ننفي كل أمر يحتمل إلا ما جاء نفيه؛ لأن الأمور المحتملة تخضع لقاعدة التفصيل، يعني: بعض أهل الأهواء قد ينفر من معنى من المعاني، وينفيه عن الله، وهذا المعنى محتمل لحق وباطل، فجانب الحق نثبته لله على إلحاقه باسم من أسماء الله وصفاته، وجانب الباطل في هذه الألفاظ -مثلًا- ننفيه. إذًا: لابد من الاحتراز في مثل ذلك، ولذا نقول: النفي بأن ننفي ما نفاه الله عن نفسه، وما نفاه عنه رسوله ﷺ، والإثبات أن يوصف الله بما أثبته لنفسه، وبما أثبته له رسوله ﷺ.

1 / 7