115

Sharh al-Tadmuriyyah - Nasser al-Aql

شرح التدمرية - ناصر العقل

Genres

الكلام على حديث: (عبدي جعت فلم تطعمني) وأمثاله
قال ﵀: [وأما الحديث الآخر فهو في الصحيح مفسرًا: يقول الله: (عبدي جعت فلم تطعمني، فيقول: رب كيف أطعمك وأنت رب العالمين؟! فيقول: أما علمت أن عبدي فلانًا جاع، فلو أطعمته لو جدت ذلك عندي، عبدي مرضت فلم تعدني، فيقول: رب كيف أعودك وأنت رب العالمين؟! فيقول: أما علمت أن عبدي فلانًا مرض، فلو عدته لوجدتني عنده)].
مثل هذا الحديث يعتبر أنموذجًا للأحاديث التي أشكلت على كثير من أهل الكلام، من المشبهة وغيرهم، فالمشبهة جعلوها ذريعة للتشبيه، وأهل الكلام جعلوها ذريعة للتأويل، مع أنهم لو استقاموا على نهج السلف لكان هذا الحديث حجة على استقامة نهج السلف وبيانه ووضوحه، وأن السلف يفرقون بين النص في صفة غيبية بحتة وبين النص الذي جاء خبرًا عن الله ﷿ في أمر يتعلق بأحوال المخلوقين، ولذلك عندما نتأمل الحديث: يقول الله: (عبدي جعت فلم تطعمني)، يمكن أن يستشكل، لكن نقول: أكمل الحديث وستجد الجواب فيه، ففي نفس الحديث نرى أن العبد قد سأل مستنكرًا ذلك؛ لأنه ما كان يخلد في ذهنه أن الله ﷿ يحتاج، ففسر له أن المقصود به حاجة العبد، وهذا من البلاغة والبيان والإيجاز، ومن جوامع الكلم؛ لأن النبي ﷺ حينما عبر عن ربه ﷿ في مثل هذا الحديث، فالحديث مفسر لا يحتاج إلى التأويل، وتفسيره ليس تأويلًا؛ لأنه خبر عن أمر يتعلق بالمخلوق فيما وعد الله به عباده في ذلك، فلا يعتبر تأويلًا.
قال ﵀: [وهذا صريح في أن الله سبحانه لم يمرض ولم يجع، ولكن مرض عبده وجاع عبده، فجعل جوعه جوعه، ومرضه مرضه، مفسرًا ذلك بأنك (لو أطعمته لوجدت ذلك عندي، ولو عدته لوجدتني عنده) فلم يبق في الحديث لفظ يحتاج إلى تأويل].

10 / 6