277

Sharḥ al-Tadamuriyya - al-Khamīs

شرح التدمرية - الخميس

Publisher

دار أطلس الخضراء

Edition

١٤٢٥هـ/٢٠٠٤م

Genres

نفاة الصفاة يقولون: كل من أثبت لله صفة قديمة فهو مشبِّه ممثَّل، فمن قال: إنّ لله علمًا قديمًا، أو قدرة قديمة، كان عندهم مشبهًا ممثلًا؛ لأن "القدم" عند جمهورهم هو أخصّ وصف الإله، فمن أثبت لله صفة قديمة فقد أثبت له مِثلًا قديمًا، فيسمونه بهذا الاعتبار.
ومثبتة الصفات لا يوافقونهم على هذا، بل يقولون: أخصّ وصفه حقيقة ما لا يتصف به غيره، مثل كونه رب العالين، وأنه بكل شيء عليم، وأنه على كل شيء قدير، وأنه إلهٌ واحد، ونحو ذلك، والصفة لا تُوصف بشيء من ذلك.
ثم من هؤلاء الصفاتية من لا يقول في الصفات: إنها قديمة، بل يقول: الرب بصفاته قديم؛ ومنهم من يقول: هو قديم وصفته قديمة، ولا يقول: هو وصفاته قديمان، ولكن يقول: ذلك لا يقتضي مشاركة الصفة له في شيء من خصائصه، فإن القدم ليس من خصائص الذات المجردة، بل من خصائص الذات الموصوفة بصفات، وإلا فالذات المجردة لا وجود لها عندهم، فضلًا عن أن تختص بالقدم، وقد يقولون: الذات متصفة بالقدم وليس الصفات إلهًا ولا ربًّا، كما أن النبي محدَث وصفاته محدَثة، وليست صفاته نبيًا.
فهؤلاء إذا أطلقوا على الصفاتية اسم "التشبيه" و"التمثيل" كان هذا بحسب اعتقادهم الذي ينازعهم فيه أولئك، ثم يقول لهم أولئك: هب أن هذا المعنى قد يسمى في اصطلاح بعض الناس تشبيهًا، فهذا المعنى لم ينفه عقل ولا سمع، وإنما الواجب نفي ما نفته الأدلة الشرعية والعقلية.
والقرآن قد نفى مسمَّى "المثل" و"الند" ونحو ذلك، ولكن يقولون: الصفة في لغة العرب ليست مثل الموصوف ولا كفأه ولا نده فلا تدخل في النص، وأما العقل فلم ينف مسمَّى "التشبيه" في اصطلاح المعتزلة.
وكذلك أيضًا يقولون: إن الصفات لا تقوم إلا بجسم متحيز، والأجسام

1 / 308