يقول: "وحدثني عن مالك يزيد بن عبد الله بن قسيط الليثي أنه رأي سعيد بن المسيب رعف وهو يصلي فأتى حجرة أم سلمة" لأنها أقرب موضع إلى المسجد؛ ليقل المشي في أثناء الصلاة "زوج النبي ﷺ فأتي بوضوء فتوضأ" أي غسل الدم، وهذا هو رأي الإمام مالك، أن الوضوء المذكور في هذه الأخبار كله وضوء لغوي وليس بشرعي، يعني توضأ وضوءًا لغويًا يعني بمجرد غسل الدم "ثم رجع فبنى على ما قد صلى" فأفاد فعل هؤلاء أن الرعاف ليس بناقض للوضوء، وأنه إذا خرج لغسله ولم يتكلم، ولم يجاوز أقرب مكان، يعني صارت حركته ومشيه وذهابه ومجيئه بقدر الحاجة، أفاد فعل هؤلاء ابن عمر وابن عباس وسعيد أن الرعاف ليس بناقض للوضوء، وهذا كله على ما جرى عليه الإمام مالك ﵀، وإلا انصرف وتوضأ ابن عمر، وسيعد أيضًا أتي بوضوء فتوضأ الاحتمال قائم أنه الوضوء الشرعي أو اللغوي، لكن هذا ما فهمه الإمام مالك أنه وضوء لغوي، وأنه إذا خرج لغسله ولم يتكلم ولم يجاوز أقرب مكان يبني على ما صلى، ومسألة نقض الوضوء بالرعاف مسألة تقدمت عند الإمام مالك ﵀، ولا يتوضأ إلا من حدث يخرج من ذكر أو دبرٍ أو نوم، وعلى هذا ما يخرج من البدن من غير السبيلين، ولو كان فاحشًا فإنه لا ينقض الوضوء عنده، مالك والشافعي لا ينقض الوضوء إلا ما خرج من السبيلين، وذهب أبو حنيفة وأحمد وإسحاق والثوري وغيرهم إلى أن الرعاف والفصد والحجامة، وكل نجس يخرج من الجسد يرونه حدث ينقض الطهارة، وهذا سبق الكلام فيه، نعم.
أحسن الله إليك.
باب: العمل في الرعاف
عن مالك عن عبد الرحمن بن حرملة الأسلمي أنه قال: رأيت سعيد بن المسيب يرعف فيخرج منه الدم حتى تختضب أصابعه من الدم الذي يخرج من أنفه، ثم يصلي ولا يتوضأ.
عن مالك عن عبد الرحمن بن المجبر أنه رأى سالم بن عبد الله يخرج من أنفه الدم حتى تختضب أصابعه ثم يفتله، ثم يصلي ولا يتوضأ.
باب: العمل في الرعاف
ما تقدم محمول على ما إذا كان الرعاف كثير، هذا يغسل، لكن إذا كان يسيرًا؟
6 / 23