49

============================================================

المرقف الأول - المرصد الأول: فيما يجب تقديمه في كل علم أنهما يجبان عليه أم لا، ولا بد في هذه الأربعة من اعتبار قيد الوجوب أو عدمه، وإلا لكانت من قبيل الأفعال دون الأحكام (وفيه نظر من وجهين الأول أنه قد يبحث فيه) أي في الكلام (عن غيرها) أي عن غير ما ذكرت من الأعراض الذاتية لذاته تعالى (كالجواهر والأعراض) أي أحوالهما (لا من حيث هي مستندة إليه تعالى) حتى يمكن أن تدرج في البحث عن اعراضه الذاتية، وذلك مثل قولهم الجوهران لا يتداخلان والأعراض لا تنتقل (لا يقال ذلك) البحث إنما يورد في هذا العلم (على سبيل الميدئية) لا على أنه من مسائله، فلا يلزم أن يكون راجعا إلى أحوال موضوعه (لأنا نقول ليس ذلك) البحث (من الأمور البينة بذاتها) حتى تكون من المبادي المطلقة المستغنية بالكلية عن البيان (فلا بد من بيانه في علم فإن بين في هذا العلم فهو من مسائله)، فوجب أن يكون راجعا إلى أحوال موضوعه، وليس كذلك كما عرفت ولا شبهة في جواز كون بعض مسائل علم مبدأ لمسائل أخرى منه، إذا لم تتوقف الأولى على الأخرى، فتكون مسألة من جهة ومبدأ من جهة أخرى كما سيأتي (أو في علم آخر) اي وإن بين في علم آخر (كان ثمة علم أعلى منه) أي من علم الكلام تبين فيه مباديه (شرعي) إذ لا يجوز أن تبين مباديه في علم أعلى غير شرعي، وإلا لاحتاج رئيس العلوم الشرعية على الإطلاق إلى علم أعلى غير شرعي (وإنه) أي ثبوت علم شرعي أعلى من علم الكلام (باطل اتفاقا)، ولقائل أن يقول: إن مبادئ العلم الأعلى قوله: (فإنه قد يبحث فيه إلخ) هذا وارد على تقدير أن ذاته تعالى موضوع لكلام المتأخرين، وأما على قوله أنه موضوع لكلام المتقدمين فلا، إذ لا يبحث فيه عن الجواهر والاعراض بل عما سوى ذات الله وصفاته وأفعاله وأحكامه: قوله: (لا يقال ذلك إلى آخره) لم يتعرض لجواز أن يكون البحث عنهما على سبيل الاستطراد تكميلا للصناعة بأن يذكر مع المطلوب ماله نوع تعلق به من الفروع، واللواحق والمتقابلات أو أن يكون البحث على سبيل الحكاية لكلام المخالف لأن كثيرا من تلك المباحث مما يستعان بها في إثبات العقائد فلا وجه لجعلها استطرادية، وليس البحث عنها على سبيل الحكاية ايضا: عين التعليم لكن حمله على الاتحاد بالشخص لا يخلو عن تعسف لقيام كل منهما بموضوع على حدة فتأمل: قوله: (لا من حيث هي مستتدة اليه) قد يمنع ذلك بناء على أن المقصود من جميع مباحثها الاطلاع على كمال الصانع حسب ما يبلغه طوق البشر على الوجه الأتم الأوفر.

Page 49