32

============================================================

مقدمة المؤلف الفقه وأصوله (وبه يترقى في الإيمان باليوم الآخر من درجة التقليد إلى درجة الإيقان وذلك) الإيقان (هو السبب للهدى والنجاح) في الدنيا (والفوز والفلاح) في العقبى فوجب أن يعتنى بهذا العلم كل الاعتناء (وإنه في زماننا هذا قد اتخذ ظهريا) اي أمرا منسيدقد القي وراء الظهر (وصار طلبه عند الأكثرين شيئا فريا) بديعا عجيبا، وقيل: مصنوعا مختلقا (لم يبق منه) من علم الكلام (بين الناس إلا قليل، ومطمح نظر من يشتغل به على الندرة قال وقيل) هما فعلان، والمعنى أن منتهى ما يرتفع إليه نظر من يشتغل به نادرا هو النقل عن شخص معين أو مجهول من غير التفات إلى دراية واستبصار في رواية (فوجب علينا أن نرغب طلبة زماننا في طلب التدقيق، ونسلك بهم في ذلك العلم مسالك التحقيق، وإني قد طالعت ما وقع إلي من الكتب المصنفة في هذا الفن فلم أر فيها ما فيه شفاء لعليل) بأمراض الأهواء في الآراء (أو رواء) أي ري او إرواء (لغليل) لحرارة العطش بفقدان المطالب الاعتقادية، والشوق إليها، وفي الصحاح أن الرواء بالمد وفتح الراء هو الماء العذب، وبكسرها جمع ريان، وبضمها المنظر الحسن (سيما) حذف منه كلمة لا لكثرة الاستعمال، والجملة الحالية أعني قوله: (أو رواء) في تاج البيهقي والصراح روي يروي ريا بالكسر والفتح، وروي كرضي سيراب شدن فهو في الأصل مقصور مده المصنف، ليناسب شفاء على ما نقل عن سيبويه، آن الألف السمدودة في الأصل مقصورة زيدت قبلها ألف لزيادة المد ثم قلبت الآلف همزة، ثم إنه إما بمعناه الأصلى كما هو الظاهر، أو بمعنى المتعدي فإنه قد يستعمل المصدر اللازم بمعنى المتعدي كما في قوله تعالى والله انبتكم من الأرض نباتا} (نوح: 17) وإلى التوجيهين أشار الشارح بقوله: اي روى او إرواء وقوله : وفي الصحاح بواو العطف إشارة إلى توجيه آخر وهو آنه يجوز أن يكون بالفتح بمعنى الماء العذب أي القاطع للعطش، أخر. لفوات التناسب بقوله شفاء، فان الظاهر حينثذ دواء بدل شفاء .

علم الكلام إلخ، وقد دل على أن المراد هذا بقوله: إذ لولا ثبوت الصانع إلخ حيث لم يقل إذ لولا إثبات الصانع بدليله، ولا شك في هذا الابتناء وكفايته في مدح الفن.

قوله: (في الصحاح أن الرواء إلخ) الظاهر آن عبارة المتن بفتح الراء والمد، وأما تفسيره بالرى والإرراء فلعله بيان المراد في المقام، يعني أريد بالرواء وهو الماء العذب مسببه اعني الري، او الإرواء ثم لا يخفى صحة إبقاء الرواء على معناه الحقيقي، اعني الماء العذب وإنما صار إلى المجاز ليناسب قوله شفاء، فإن المراد به المعنى المصدري.

قوله: (حذف منه كلمة لا) ذكر البلباني في شرح تلخيص الجامع الكبير أن استعمال سيما بلا لا، لا نظير له في كلام العرب.

Page 32