Sharh al-Jami' al-Sahih

Noor Al-Din Al-Salmi d. 1332 AH
184

Sharh al-Jami' al-Sahih

شرح الجامع الصحيح

قوله: «أعوذ بعفوك»: أي ألتجئ وأعتصم، والعفو تأخير العذاب، والعقاب المؤاخذة بالذنب، والمعنى ألتجئ إلى عفوك فارا من عقابك لا ملجأ من الله إلا إليه.{ إلىا ربك يومئذ المستقر}[القيامة:12] قوله: «وبرضاك من سخطك»: أي <1/170>وألتجئ برضاك فارا من سخطك، وفيه ترقي من رتبة العفو إلى رتبة الرضا وفيه أن العفو والرضا والعقاب والسخط من صفات الأفعال، وهو مذهب أهل الجبل من أصحابنا وهو الظاهر من كلام المشارقة أيضا، وعند المغاربة أن الرضا والسخط والولاية والبراءة ليست من الأفعال وإنما هي من الصفات، ورتب عليه بعضهم منع قول القائل أعوذ برضاك من سخطك، وهو منع لا يسمع لأنه مخالف للنص الصريح، ورسول الله صلى الله عليه وسلم أعرف بالله من كل أحد، وقال أبو عمار: يجوز أعوذ برضاك من سخطك لا على معنى أن الرضا والسخط أفعال بل على اتساع اللغة لأنهم يقيمون الصفة مقام الموصوف، وقال تعالى: {إن اصبح مآؤكم غورا}[الملك:30]، أي غائرا قال: والمعنى أعوذ بالراضي الساخط، واعترضه المحشي بأن قوله هذا بعيد من مدلول العبارة جدا، قال: وظاهر قوله تعالى: {وظنوا أن لا ملجأ من الله إلآ إليه}[التوبة:118] يدل على أنه يصح أن يقال ألجأ من الله إلى الله، قال: وهو معنى أعوذ بك منك لأن الاستعاذة والالتجاء واحد.

قوله: «يدل على إزالة الوضوء»: هكذا في ما رأيناه من النسخ، وكأن جابرا رضي الله عنه فهم من الحديث أنه صلى الله عليه وسلم ترك الصلاة وانتقل إلى الدعاء بمس عائشة لأخمص رجليه، ولا دليل فيه على هذا، بل استدل به غيره على عدم النقض وقد تقدم القول في ذلك آنفا.

قوله: «قدمنا»: بالتشديد، أي: وضعناه قدامه.

قوله: «حيسا»: وهو الطعام المتخذ من التمر والسمن والأقط، وقد يجعل عوض الأقط الدقيق، وفي المصباح الحيس تمر ينزع نواه ويدق مع أقط ويعجنان بالسمن، ثم يدلك باليد حتى يبقى كالثريد، وربما جعل معه سويق، وقال الربيع الحيس السويق الملتت بالسمن، وكأنه يريد الحيس الذي في هذا الحديث خاصة، والراوي أعرف بما روى.

Page 199