Sharh al-Arba'een al-Nawawiya by Atiyya Salim
شرح الأربعين النووية لعطية سالم
Genres
سبب تسمية الأربعين النووية
وأصل كتابه هذا الأربعين النووية، يقول بعض العلماء: إن كثيرًا من العلماء قد ألفوا في الأربعينيات، فمنهم من يجمع أربعين حديثًا في موضوع واحد، كفضائل العلم، ومنهم من يجمع في فضائل البلدان، أو في المسلسلات أو في غير ذلك.
وأما سبب التحديد بهذا العدد فقد ورد حديث ضعفه البعض، ولكنهم عملوا به في فضائل الأعمال: (من حفظ على أمتي أربعين حديثًا على أمتي من أمور الدين أدخله الله الجنة، أو جعله الله من المتقين)، ورتب ﷺ جزاءً على من جمع أربعين حديثًا من أمور الدين.
قالوا: وإن كان ضعيفًا إلا أن كثيرًا من العلماء جمعوا أربعينات في مواضيع مختلفة، وأصل الأربعين النووية كما ذكر ابن رجب في مقدمة شرحه: أن ابن الصلاح وهو من أجل علماء الحديث في الشام، جلس في يومٍ مجلسًا ليملي أحاديث من جوامع كلمه ﵊، فأملى ستةً وعشرين حديثًا في مجلسه ذاك، فجاء النووي ﵀ وأخذ هذه الستة والعشرين وأضاف إليها ما أكمل الأربعين، وبالتحديد اثنين وأربعين حديثًا، انتخب فيها الأحاديث الجامعة التي تعد كأصل أصيل في الإسلام.
وبعضها يقول عنه بعض العلماء: ربع التشريع، أو ربع الدين، أو ثلث الدين، هناك أحاديث عامة كما جاء عن أحمد ﵀: أن ثلاثة أحاديث تدور عليها الشريعة كلها: حديث عمر بن الخطاب: (إنما الأعمال بالنيات)، وحديث: (كل عمل ليس عليه أمرنا فهو رد)، وحديث: (إن الحلال بيّن والحرام بيّن وبينهما أمور مشتبهات، فمن ترك المتشابهات فقد استبرأ لدينه وعرضه) .
ويقول أحمد لأن الأعمال كلها لا تقبل إلا بنياتها، والأعمال الفرعية لابد أن تكون مطابقة لما جاء به رسول الله ﷺ، وهذا هو الحديث الثاني، والثالث: أن الأعمال منها ما هو بين حلال، ومنها ما هو بين حرام وبينهما المشتبهات، وجميع أحكام الفقه هكذا: إما حلال بين وإما حرام بين، وإما مشتبه بينهما، ليس هناك قسم رابع، (فمن ترك الشبهات استبرأ لدينه وعرضه) فيقول أحمد ﵀: لم يخرج حكم تشريعي عن هذه الأحاديث الثلاثة.
ويروون عن أبي داود ﵀ أنه يقول: جمعت أربعمائة ألف حديث، ووجدتها تدور على أربعة أحاديث، وذكرها ابن رجب في مقدمته، إلى غير ذلك من الأحاديث التي تعتبر قواعد عامة، وأخذوا ذلك من قوله ﷺ: (أوتيت جوامع الكلم)، فهو ﷺ أعطي جوامع الكلم والحكم؛ لأنه يجمع المعنى الكبير جدًا في كلمتين، كما في هذا الحديث: (كل عمل ليس عليه أمرنا فهو رد)، فلو جئت بجميع أعمال المكلفين في الطهارة أو الصلاة أو الصيام أو الزكاة أو الحج.
إلخ، فقسه على ما جاء في كتاب الله وسنة رسوله ﷺ، إن كان موافقًا لما جاء فيها فبها ونعمت، وإلا فهو مردود، ويشهد له قوله سبحانه، ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾ [الحشر:٧] .
والشافعي ﵀ كان له بحث أو له جمع آية وحديث، يقول: إن جميع الأحاديث النبوية لها أصل يشير إليه في كتاب الله، ولكن ما كل إنسان يجد هذا.
يهمنا أن العلماء جمعوا أربعينات في مسائل مختلفة، وكان ممن جمع فيها النووي ﵀، وكان جمعه في جوامع كلمه ﵊، وقد جمعت هذه الأربعين دون أن يلاحظ فيها التناسق بين الأحاديث، والمهم أنها موجودة في هذا المجموع لو استوعبها إنسان لكأنما استوعب جوامع كلمه ﷺ.
1 / 3