Sharh al-Aqidah al-Tahawiyah - al-Barrak
شرح العقيدة الطحاوية - البراك
Publisher
دار التدمرية
Edition Number
الثانية
Publication Year
١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م
Genres
شرح العقيدة الطحاوية
تأليف
فضيلة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر البراك
إعداد
عبد الرحمن بن صالح السديس
Unknown page
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، وصلى الله وسلم على محمد عبدِ الله ورسولِه، أرسله بين يدي الساعة بشيرا ونذيرا، فبلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين، وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين. ... أما بعد:
فإن أعظمَ نعمة على العبد بعد الإسلامِ، لزومُ السنة والجماعة، والسلامة من البدع والأهواء؛ فقد وقع في هذه الأمة ما أخبر به النبي ﷺ من التفرق، والابتداع في الدين، - كما وقع في من قبلها - فانحرفت هذه الفرق عن الصراط المستقيم، ولم يستقيموا على سبيل المؤمنين من الصحابة والتابعين وأئمة الهدى؛ بل اتبعوا أهواءهم، وقدموا عقولهم القاصرة، وجعلوها حكما على الشريعة في مسائل أصول الدين، وهم في هذا الانحراف متفاوتون؛ فمنهم الغالي، ومنهم دون ذلك، ومنهم المعاند المتعصب لبدعته، ومنهم المجتهد المخطئ، فتصدى أئمة السنة للرد على المبتدعين، وكشف شبهاتهم، مع العدل في أحكامهم عملا بقوله تعالى: ﴿وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ﴾ [الأنعام: ١٥٢] فكتبوا في ذلك، وفي بيان مذهب أهل السنة كتبا كثيرة، مطولة وقصيرة، وكان من هؤلاء الأعلامِ الإمامُ أبو جعفر الطحاوي ﵀، فقد كتب رسالة في عقيدة أهل السنة والجماعة، صغيرة الحجم كثيرة المعاني، ذكر فيها جملا من أصول مذهب أهل السنة من غير تفصيل ولا تدليل.
وقد تصدى لشرحها جمع من العلماء منهم: العلامة أبو الحسن علي بن علي بن محمد المشهور بابن أبي العز الحنفي المتوفى سنة
1 / 5
٧٩٢هـ ﵀ (١)، وقد اعتمد في أكثر شرحه على كتب شيخ الإسلام ابن تيمية والعلامة ابن القيم - رحمهما الله ـ، فجاء شرحا عظيما، حافلا بالتقريرات النفيسة، والبحوث المتينة، والردود الشافية على أهل البدع.
وكان ممن تولى شرحها للطلاب في هذا العصر: فضيلة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر البراك - حفظه الله - فشرحها في مجالس علمية متعددة، ومن ذلك شرحه لها في جامع الإمام علي بن المديني ﵀ في مدينة الرياض ضمن الدورات العلمية المكثفة في الصيف في أربعة أعوام من عام ١٤٢٢ إلى عام ١٤٢٥هـ.
فعرضتُ على الشيخ - حفظه الله - فكرة العناية بهذا الشرح، وتهيئته للطباعة؛ لما يرجى من نفع ذلك، فوافق على طلبي، أجزل الله مثوبته.
فاستعنت بالله على ذلك، وسار العمل في الإخراج على ما يلي:
١ - كتابة ما في الأشرطة من الشرح، ولم أدخل الأسئلة.
٢ - صححت المكتوب وهيئته ونسقته ليناسب الطباعة.
٣ - أثبت نصوص الأحاديث والآثار والنقول على ما جاءت في مصادرها.
٤ - عزوت الآيات إلى مواضعها من كتاب الله، وخرجت الأحاديث، والآثار،
والطريقة في التخريج ما يلي:
(أ) إذا كان الحديث في الصحيحين، أو أحدهما اقتصرت في العزو عليه.
(ب) إذا كان الحديث في غير الصحيحين خرجته من أشهر وأهم المصادر من غير استيعاب، ونقلت ما تيسر من كلام أهل العلم عليه تصحيحا، أو تضعيفا باختصار، إذ ليس هذا موضع استقصاء، وقد أحيل
(١) انظر ترجمته في: إنباء الغمر ٣/ ٥٠، ووجيز الكلام ١/ ٢٩٥، وشذرات الذهب ٨/ ٥٥٧.
1 / 6
للكتب المتخصصة في التخريج لمن أراد التوسع والزيادة في المواضع التي تحتاج لذلك.
٥ - وثقت النقول، وأحلت في مواضع كثيرة من الشرح إلى كتب الأئمة خصوصا شيخ الإسلام ابن تيمية زيادة في التوثيق، والفائدة لمن أرد التوسع.
٦ - اعتمدت في متن العقيدة الطحاوية على طبعة الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد عام ١٤٠٤هـ مع مراجعة المتن الذي مع شرح ابن أبي العز، وبعض المخطوطات عند الحاجة، والفرق الذي لا يترتب عليه اختلاف في المعنى لن أنبه عليه حفظا لوقت القارئ، وقد ميزت المتن بتعريض الخط ووضعه بين أقواس صغيرة كهذه «».
٧ - وضعت عناوين في بداية المقاطع المشروحة من المتن في إطار للتوضيح.
٨ - قرأت الشرح كاملا على الشيخ - حفظه الله - فأضاف، وحذف، وعدَّل، وغيَّر ما رآه مناسبا.
٩ - وضعت بين يدي الكتاب ترجمة مختصرة للإمام الطحاوي وأخرى للشيخ البراك.
١٠ - وضعت فهرسا للأحاديث، وقائمة بالمراجع التي عزوت لها، وفهرسا شاملا لمسائل الكتاب، وفهرسا إجماليا لموضوعات الكتاب.
هذا وأسأل الله أن يجزي الشيخ عبد الرحمن البراك خير الجزاء، وأن يمد في عمره على طاعته، وأن ينفع به المسلمين، إنه تعالى جواد كريم.
كتبه
عبد الرحمن بن صالح بن عبد الله السديس
الرياض/ assdais@gmail. com
1 / 7
[ترجمة الإمام الطحاوي]
اسمه ونسبه:
أحمد بن محمد بن سلامة بن سلمة بن عبد الملك الأزدي المصري الطحاوي، نسبة لقرية «طحا» في صعيد مصر.
كنيته:
أبو جعفر.
مولده:
اختلف في سنة ولادته فقيل: ٢٣٩ هـ وقيل: ٢٣٨هـ والأكثر على الأول.
شيوخه:
يونس بن عبد الأعلى، ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم، والربيع بن سليمان المرادي، وخاله إسماعيل المزني، وبكار بن قتيبة، ويزيد بن سنان، وأحمد بن أبي عمران، ويحيى بن محمد بن عمروس، وهو الذي أدَّبه وعلمه القرآن.
رحلته:
رحل إلى الشام سنة ٢٦٨هـ، ولقي القاضي أبا خازم عبد الحميد بن عبد العزيز، وتفقه عليه، وتنقل بين مدن الشام وسمع من جماعة من المحدثين.
مذهبه الفقهي:
كان الطحاوي في أول أمره شافعيا، ثم تحول إلى مذهب أبي حنيفة، وسببه:
1 / 9
أنه كان يقرأ على خاله المزني الفقيه الشافعي، فمرت مسألة دقيقة فلم يفهمها أبو جعفر، فبالغ المزني في تقريبها، فلم يتفق ذلك، فغضب المزني، فقال: والله لا جاء منك شيء، فغضب أبو جعفر من ذلك، وانتقل إلى مجلس القاضي الحنفي ابن أبي عمران.
وقال الخليلي: سمعت عبد الله بن محمد الحافظ يقول: سمعت أحمد بن محمد الشروطي يقول: قلت للطحاوي: لم خالفت خالك واخترت مذهب أبي حنيفة؟ قال: لأني كنت أرى خالي يديم النظر في كتب أبي حنيفة، فلذلك انتقلت إليه.
وقال أبو سليمان بن زَبْر: قال لي الطحاوي: أول من كتبت عنه الحديث: المزني، وأخذت بقول الشافعي، فلما كان بعد سنين، قدم أحمد بن أبي عمران قاضيا على مصر، فصحبته، وأخذت بقوله.
مؤلفاته:
له مؤلفات كثيرة منها: «شرح مشكل الآثار»، و«معاني الآثار» و«اختلاف العلماء» و«الشروط»، و«المختصر» و«أحكام القرآن» و«الوصايا» و«شرح الجامع الكبير» «شرح الجامع الصغير» و«الفرائض» وغيرها.
تلاميذه:
يوسف بن القاسم الميانجي، وأبو القاسم الطبراني، وأبو بكر بن المقرئ، وأحمد بن عبد الوارث الزجاج، وعبد العزيز بن محمد الجوهري قاضي الصعيد، ومحمد بن المظفر الحافظ، وخلق سواهم من الرحالين في الحديث.
ثناء العلماء عليه:
قال ابن يونس: كان ثقة ثبتا فقيها عاقلا، لم يخلف مثله.
قال مسلمة بن قاسم: كان ثقة جليل القدر، فقيه البدن، عالما
1 / 10
باختلاف العلماء، بصيرا بالتصنيف، وكان يذهب مذهب أبي حنيفة، وكان شديد العصبية فيه.
قال الخليلي في الإرشاد: للطحاوي كتب مصنفات في الحديث، وكان عالما بالحديث.
وقال ابن عبد البر: كان من أعلم الناس بسير القوم - أي: أبي حنفيو أصحابه - وأخبارهم؛ لأنه كان كوفي المذهب، وكان عالما بجميع مذاهب الفقهاء.
وقال السمعاني: وكان ثقة ثبتا فقيها عالما لم يخلف مثله.
وقال الذهبي: الإمام العلامة الحافظ الكبير، محدث الديار المصرية وفقيهها، وقال: من نظر في تواليف هذا الإمام علم محله من العلم، وسعة معارفه.
وقال ابن كثير: الفقيه الحنفي صاحب المصنفات المفيدة والفوائد، وهو أحد الثقات الأثبات، والحفاظ الجهابذة.
وفاته:
توفي بمصر ليلة الخميس مستهل ذي القعدة سنة ٣٢١هـ.
مصادر الترجمة:
الإرشاد في معرفة علماء الحديث ص ١١٠، وجامع بيان العلم ٢/ ٧٨، والأنساب ٤/ ٧٣ و٩/ ٥٣،، وتاريخ دمشق ٥/ ٣٦٩، ووفيات الأعيان ١/ ٧١، وسير أعلام النبلاء ١٥/ ٢٧، والبداية والنهاية ١٥/ ٧٢، والجواهر المضية ١/ ٢٧١، ولسان الميزان ١/ ٤١٥.
1 / 11
[ترجمة الشيخ عبد الرحمن البراك]
اسمه ونسبه:
عبد الرحمن بن ناصر بن براك بن إبراهيم البراك، ينحدر نسبه من بطن العرينات من قبيلة سبيع.
ميلاده ونشأته:
ولد الشيخ في بلدة البكيرية من منطقة القصيم في شهر ذي القعدة سنة ١٣٥٢هـ.
وتوفي والده وعمره سنة، فنشأ في طفولته في بيت أخواله مع أمه، فتربى خير تربية.
ولما بلغ الخامسة من عمره سافر مع أمه إلى مكة، وكان في كفالة زوج أمه محمد بن حمود البراك.
وفي مكة التحلق الشيخ بالمدرسة الرحمانية، وهو في السنة الثانية الابتدائية قدر الله أن يصاب بمرض في عينيه تسبب في ذهاب بصره، وهو في العاشرة من عمره.
طلبه للعلم ومشايخه:
عاد من مكة إلى البكيرية مع أسرته، فحفظ القرآن وعمره عشر سنين تقريبا على عمه عبد الله بن منصور البراك، ثم قرأ على مقرئ البلد عبد الرحمن بن سالم الكريديس ﵏.
وفي حدود عام ١٣٦٤ و١٣٦٥هـ بدأ الشيخ حضور الدروس والقراءة على العلماء، فقرأ على الشيخ عبد العزيز بن عبد الله السبيل
1 / 12
جملة من كتاب «التوحيد»، و«الآجرومية»، وقرأ على الشيخ محمد بن مقبل «الثلاثة الأصول».
ثم سافر إلى مكة مرة أخرى في عام ١٣٦٦هـ تقريبا، ومكث بها ثلاث سنين، فقرأ في مكة على الشيخ عبد الله بن محمد الخليفي إمام المسجد الحرام في «الآجرومية»، وهناك التقى بعالم فاضل من كبار تلاميذ العلامة محمد بن إبراهيم، وهو: الشيخ صالح بن حسين العلي العراقي ﵀، وكان من أصدقاء الإمام عبد العزيز بن باز ﵀ فجالسه واستفاد منه، ولما عُيِّن الشيخ صالح بن حسين العلي العراقي مديرا للمدرسة العزيزة في بلدة الدلم أحب الشيخ صالح أن يرافقه الشيخ عبد الرحمن حفاوة به، فصحبه لطلب العلم على الشيخ ابن باز حين كان قاضيا في بلدة الدلم، فرحل معه في ربيع الأول من عام ١٣٦٩هـ، والتحق بالمدرسة العزيزة بالصف الرابع، وكان من أهم ما استفاده في تلك السنة الإلمام بقواعد التجويد الأساسية.
وفي نفس السنة سافر مع جمع من الطلاب مع الشيخ ابن باز إلى الحج، وبعد عودته ترك الدراسة في المدرسة العزيزة، وآثر حفظ المتون مع طلاب الشيخ عبد العزيز بن باز، ولازم دروس الشيخ ابن باز المتنوعة، فقد كان يُقرأ عليه في: كتاب «التوحيد»، و«الأصول الثلاثة»، و«عمدة الأحكام»، و«بلوغ المرام»، و«مسند أحمد»، و«تفسير ابن كثير»، و«الرحبية»، و«الآجرومية».
ومكث في الدلم في رعاية الشيخ صالح العراقي، فقد كان مقيما في بيته، ودرس عليه علم العروض.
وحَفِظ في بلدة الدلم كتاب «التوحيد»، و«الأصول الثلاثة»، و«الآجرومية»، و«قطر الندى»، و«نظم الرحبية»، وقدرا من «ألفية ابن مالك»، ومن «ألفية العراقي» في علوم الحديث.
وبقي في الدلم إلى أواخر سنة ١٣٧٠، وكانت إقامته في الدلم لها أثر كبير في حياته العلمية.
1 / 13
ثم لما فتح المعهد العلمي في الرياض في عام ١٣٧٠هـ انتقل إليه كثير من طلاب المشايخ، ومنهم طلاب الشيخ عبد العزيز ابن باز، فاضطر الشيخ للتسجيل فيه، وبدأت دراسة أول دفعة فيه في محرم١٣٧١هـ، وكانت الدراسة في المعهد تتكون من مرحلتين: تمهيدي للمبتدئين الصغار، وثانوي لمن بعدهم، والتحق به كثير من طلاب العلم في وقتها، وكانت الدراسة الثانوية أربع سنوات فتخرج عام ١٣٧٤هـ، والتحق بكلية الشريعة، وتخرج فيها سنة ١٣٧٨هـ.
وتتلمذ في المعهد والكلية على مشايخ كثيرين من أبرزهم:
العلامة عبد العزيز ابن باز، والعلامة محمد الأمين الشنقيطي ﵀، ودرَّسهم في المعهد في التفسير، وأصول الفقه، والعلامة عبد الرزاق عفيفي ﵀ ودرَّسهم في التوحيد، والنحو، وأصول الفقه، والشيخ محمد عبد الرزاق حمزة، والشيخ عبد العزيز بن ناصر الرشيد، والشيخ عبد الرحمن الأفريقي، والشيخ عبد اللطيف سرحان درس عليه النحو، وآخرين ﵏ جميعا.
وكان في تلك المدة يحضر بعض دروس العلامة محمد بن إبراهيم آل الشيخ في المسجد.
وأكبر مشايخه عنده، وأعظمهم أثرًا في نفسه الإمام العلامة عبد العزيز بن باز ﵀ فقد أفاد منه أكثر من خمسين عاما بدءا من عام ١٣٦٩هـ إلى وفاته في عام ١٤٢٠هـ، ثم شيخه العراقي الذي استفاد منه حب الدليل، ونبذ التقليد، والتدقيق في علوم اللغة، كالنحو، والصرف، والعروض.
الأعمال التي تولاها:
عيِّن الشيخ مدرسا في «المعهد العلمي» في مدينة الرياض عام ١٣٧٩هـ وبقي فيه ثلاثة أعوام، ثم نُقل إلى «كلية الشريعة» بالرياض، وتولى تدريس العلوم الشرعية، ولما افتتحت كلية أصول الدين عام
1 / 14
١٣٩٦هـ صُنِّف الشيخ في أعضاء هيئة التدريس في قسم «العقيدة والمذاهب المعاصرة»، ونقل إليها، وتولى التدريس في الكُليتين إلى أن تقاعد في عام ١٤٢٠هـ، وأشرف خلالها على عشرات الرسائل العلمية.
وبعد التقاعد رغبت الكلية التعاقد معه؛ فعمل مدة ثم تركه، كما طلب منه سماحة الشيخ ابن باز ﵀ أن يتولى العمل في الإفتاء مرارا فتمنَّع، فرضي منه الشيخ ابن باز أن ينيبه على الإفتاء في دار الإفتاء في الرياض في فصل الصيف حين ينتقل المفتون إلى مدينة الطائف، فأجاب الشيخ حياءً، إذ تولى العمل في فترتين ثم تركه.
وبعد وفاة الشيخ ابن باز ﵀ طلب منه سماحة المفتي الشيخ عبد العزيز آل الشيخ أن يكون عضوا في الإفتاء، وأَلَحَّ عليه في ذلك فامتنع، وآثر الانقطاع للتدريس في المساجد.
جهوده في نشر للعلم:
جلس الشيخ للتعليم في مسجده الذي يتولى إمامته - مسجد الخليفي بحي الفاروق ـ، ومعظم دروسه فيه، وقرئ عليه عشرات الكتب في شتى الفنون؛ كالفقه وأصوله، والتفسير وأصوله، والحديث، والعقيدة، والنحو، وغيرها، كما أنه له دروسا في بيته مع بعض خاصة طلابه، وله دروس منتظمة في مساجد أخرى في مدينة الرياض، وله مشاركات متكررة في الدورات العلمية المكثفة التي تقام في الصيف، إضافة لإلقائه كثيرا من المحاضرات والكلمات الدعوية، وإجابته على الأسئلة المعروضة عليه من عدد من أشهر المواقع الإسلامية في الشبكة العالمية.
طلابه:
تصدى الشيخ لنشر قبل نصف قرن تقريبا، وتتلمذ عليه أمم من طلاب العلم يتعذر على العاد حصرهم، وكثير من أساتذة جامعاتنا الشرعية، والدعاة المعروفين، قد تتلمذوا عليه.
1 / 15
وبعد أن يسر الله جملة من الوسائل الحديثة، كالشبكة العالمية تمكن كثير من طلاب العلم في خارج البلاد من متابعة دروس الشيخ على الهواء مباشرة، عن طريق موقع البث الإسلامي:
www.liveislam.net
احتسابه:
للشيخ جهود كبيرة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومناصحة المسؤلين، والكتابة لهم، والإصلاح بين الناس، والتحذير من البدع، وسائر الانحرافات والمخالفات، وله في ذلك فتاوى كثيرة، وله مشاركة مع بعض المشايخ في عدد من البيانات والنصائح الموجهة لعموم المسلمين.
اهتمامه بأمور المسلمين:
للشيخ - حفظه الله - اهتمام بالغ بأمور المسلمين في جميع أنحاء العالم، فيتابع لأخبارهم، ويحزن ويتألم لما يحدث لهم من نكبات، وفي أوقات الأزمات يبادر بالدعاء لهم، والدعاء على أعدائهم، ويبذل النصح والتوجيه لهم، وللمسلمين فيما يجب نحوهم.
إنتاجه العلمي:
الشيخ انصرف عن التأليف مع توفر آلته، وبذل معظم وقته في تعليم العلم، والإجابة على الأسئلة، وقد قُرئت عليه عشرات الكتب في مختلف الفنون، وقد سجل بعضها، وما لم يسجل أكثر، ولا زالت دروسه عامرة كما كانت.
وقد صدر للشيخ من المطبوعات: «شرح الرسالة التدمرية»، و«جواب في الإيمان ونواقضه»، و«موقف المسلم من الخلاف»، و«التعليقات على المخالفات العقدية في فتح الباري»، و«توضيح مقاصد الواسطية».
وفي حياة الشيخ جوانب كثيرة مشرقة أعلم أنه يكره ذكرها، أسأل الله أن يبارك في عمره، ويمد فيه على الطاعة، وينفع المسلمين بعلمه، إنه سميع قريب.
1 / 16
[المقدمة]
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه. أما بعد:
فالعقيدة المعروفة بـ «الطحاوية» - نسبة إلى مؤلفها الإمام أبي جعفر الطحاوي ﵀ من المؤلفات المختصرة في عقيدة أهل السنة والجماعة، وأهل العلم درجوا على التأليف في أصناف علوم الشريعة على مناهج متنوعة؛ فمنهم من ينهج نهج البسط والتفصيل والتدليل، ومنهم من ينهج طريق الاختصار، ولكل منهما خصائصه ومزاياه.
والمختصرات تتميز بأنها ميسورة الحفظ، ويمكن الإلمام بها بوقت قصير، فَيُلِّمُ الطالب بِجُلِّ المسائل على سبيل الاختصار في وقت وجيز، فنسأل الله ﷾ أن يمدنا وإياك بالتوفيق والفتح منه ﷾، وأن يعلمنا ما ينفعنا، وأن يهدينا سواء السبيل.
(قال العلامة حجة الإسلام أبو جعفر الوراق الطحاوي - بمصرـ ﵀:
هذا ذكر بيان عقيدة أهل السنة والجماعة على مذهب فقهاء الملة: أبي حنيفة النعمان بن ثابت الكوفي، وأبي يوسف يعقوب بن إبراهيم الأنصاري، وأبي عبد الله محمد بن الحسن الشيباني رضوان الله عليهم أجمعين، وما يعتقدون من أصول الدين ويَدينون به رب العالمين).
هذه مقدمة مختصرة تناسب المضمون والمؤلَف المختصر.
قوله: «هذا ذكر عقيدة أهل السنة والجماعة» أي: ذكر ما يعتقده أهل السنة والجماعة، وأكثر ما يعبر أهل العلم بالاعتقاد،
1 / 17
والمراد بالعقيدة والاعتقاد: نفس عقد القلب، وجزمه ويقينه.
وتارة يطلق الاعتقاد على نفس الشيءِ المعتقَد المعلوم، فتقول في الأول: إن فلانا اعتقاده قوي، واعتقاده سليم، واعتقاده جازم.
ويقال في الثاني: - مثلا - اعتقاد أهل السنة والجماعة: هو الإيمان بالله وملائكته ... كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀ في العقيدة الواسطية: «فهذا اعتقاد الفرقة الناجية المنصورة إلى قيام الساعة - أهل السنة والجماعة ـ: الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله ...» (١). ففسر الاعتقاد بالإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله ... إلخ.
وكذلك العقيدة فعيلة بمعنى مفعولة أي: الشيء المعتقَد، فتقول هذا اعتقاد أهل السنة والجماعة، يقول الإمام الطحاوي: «على مذهب فقهاء الملة أبي حنيفة النعمان بن ثابت الكوفي، وأبي يوسف يعقوب بن إبراهيم الأنصاري، وأبي عبد الله محمد بن الحسن الشيباني» لو قال: على مذهب فقهاء الملة منهم: أبو حنيفة، وأبو يوسف، ومحمد بن الحسن كان أولى؛ لأن هؤلاء الأئمة لاشك أنهم من فقهاء الأمة، لكن ليست الإمامة والفقه محصورة فيهم، ولكنه نظَر إلى كونه ينتمي إلى أبي حنيفة، وقد ذُكر في ترجمته (٢) أنه كان شافعيا، ثم تمذهب على مذهب أبي حنيفة وتفقه على فقه أبي حنيفة، وهو فقيه محدث، كما يدل على ذلك كتاباه: «معاني الآثار»، و«شرح مشكل الآثار»، فرحمه الله، ورحم أئمة الدين، وجزاهم الله عن الإسلام والمسلمين خيرا.
يقول: «وما يعتقدون في أصول الدين، ويدينون به رب العالمين» هذا هو المقصود: بيان ما يعتقدونه في أصول الدين، ويدينون به لرب
(١) الواسطية ص ٢١. (٢) انظر ترجمته في ص ٩.
1 / 18
العالمين، وغلب على تعبير كثير من أهل العلم إطلاق أصول الدين على مسائل الاعتقاد، والواقع أن أصول الدين لا تختص بأمور الاعتقاد، بل أصول الدين منها: اعتقادية كأصول الإيمان الستة، وهي: الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر هذه من أصول الدين الاعتقادية العلمية.
ومنها: عملية كأصول الإسلام الخمسة، وهي: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، والحج، وهذه أصول الدين العملية؛ لأن مسائل الدين نوعان: مسائل علمية، ومسائل عملية، فكل من القسمين له أصول وله فروع، إذًا؛ لا يختص اسم أصول الدين في مسائل الاعتقاد، ولا يختص اسم الفروع بالمسائل العملية، كما حرر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية (١)، وأنكر على من يجعل جميع مسائل الاعتقاد من أصول الدين، بل الدين له أصول وله فروع علمية وعملية، اعتقادية وعبادات عملية.
(١) منهاج السنة ٥/ ٨٧، ومجموع الفتاوى ٦/ ٥٦ و١٩/ ٢٠٧.
1 / 19
[قول أهل السنة في التوحيد]
يقول ﵀: (نقول في توحيد الله معتقدين بتوفيق الله: إن الله واحد لا شريك له، ولا شيء مثله، ولا شيء يُعجزه، ولا إله غيره).
يقول ﵀: «نقول» هذا شروع في بيان ما قصد إليه «نقول» نحن أهل السنة، هو يعبر عن نفسه، وعمن ذكر من الأئمة وغيرهم من أئمة الدين «نقول» بألسنتنا «معتقدين» بقلوبنا، فجمع بين الإقرار باللسان، والاعتقاد بالجنان «نقول في توحيد الله» يعني نقول في موضوع التوحيد، والأصل في معنى التوحيد جعل الشيء واحدا، واعتقاده واحدا، والمراد بتوحيد الله يعني في شأن وحدانيته تعالى واعتقاد تفرده فهو تعالى واحد، والتوحيد: هو الإيمان بأنه واحد في ربوبيته وإلهيته وأسمائه وصفاته، وتخصيصه وإفراده بالعبادة، هذا هو توحيد الله.
فالتوحيد صفة العبد وفعله.
أما الوحدانية فصفة الرب تعالى كما يدل على ذلك اسمه الواحد والأحد فهو واحد في كل شؤونه ﷾.
والله تعالى يوحد نفسه بمعنى أنه يثني على نفسه بذلك، ويُعلِّم عباده بأنه واحد، كما قال تعالى: (شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ) [آل عمران: ١٨] فهذه شهادة منه تعالى لنفسه بالوحدانية تتضمن علمه بأنه واحد، وذكره لنفسه بتفرده بالإلهية، وأمره عباده بذلك، وقد ذكر ابن أبي العز ﵀ في الشرح كلاما مستفيضا على هذه الآية، وهو منقول من مدارج السالكين لابن القيم؛ فليرجع إليه (١)
(١) شرح الطحاوية ص ٤٤، ومدارج السالكين ٣/ ٤١٨.
1 / 21
يقول: «نقول في توحيد الله معتقدين» هذا فيه تنبيه على أنه لا بد من الجمع بين اعتقاد القلب وإقرار اللسان، فلا يكفي أحدهما دون الآخر، لا بد في التوحيد من اعتقاد القلب وهو: العلم والتصديق الجازم بأنه تعالى واحد، وإقرار اللسان بذلك.
ثم يقول: «بتوفيق الله» هذه لها دلالة عظيمة، وهي: أن إيماننا وقولنا واعتقادنا إنما يتحقق لنا بتوفيقه ﷾ وهدايته، فنحن نقول ونعتقد ما نعتقده بتوفيقه سبحانه، وهذا يتضمن الإيمان بالشرع والقدر جميعا.
(إن الله واحد لا شريك له) هذا هو ما نقوله وما نعتقده في وحدانيته الله تعالى: (إن الله واحد لا شريك له) واحد اسم من أسمائه جاء في القرآن في مواضع مقرونا باسمه القهار (وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ) [الرعد: ١٦]، «أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ» [يوسف: ٣٩]، فهو الواحد قال تعالى: «وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ» [البقرة: ١٦٣] «وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ» [المائدة: ٧٣].
(إن الله واحد) هو واحد، والوحدة تنافي الشريك، ولهذا أكدها بقوله: (لا شريك له)، فهو متفرد عن الشركاء، فهو الربُ ولا ربَ غيره، فهو ربُ كلِ شيء، فهو واحد في ربوبيته في أفعاله، فلا خالق ولا رازق ولا مدبر لهذا الوجود سواه، وهو واحد في إلهيته فلا إله غيره، ولا شريك له، ولا معبود بحق سواه، وهو واحد في أسمائه وصفاته، فلا شبيه له في شيء من صفاته وأفعاله.
(إن الله واحد لا شريك له) إذًا؛ هذه الجملة ضمنها المؤلف أصل الدين، وهو التوحيد، فالتوحيد بكل معانيه هو أصل دين الرسل من أولهم إلى آخرهم، خصوصا توحيد العبادة.
وقد أخبر ﷾ عن الرسل إجمالا وتفصيلا بذلك قال تعالى: «وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ» [الأنبياء: ٢٥] وقال تعالى: «وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ» [النحل: ٣٦]، وأخبر عن أنبيائه: نوح وهود وصالح
1 / 22
وشعيب أنهم قالوا لأقوامهم: «اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ» [المؤمنون: ٢٣والأعراف: ٦٥ و٧٣ و٨٥]
فالتوحيد هو أصل دين الرسل، وهو أول واجب على المكلفين، كما قال ﷺ: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله) (١) مع شهادة أن محمدا رسول الله؛ لأن الشهادتين متلازمتان لا تصح إحداهما إلا بالأخرى، فلابد منهما جميعا، ولهذا قال النبي ﷺ: (بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله) (٢) فَعَدَّ هذه الشهادة واحدا من المباني الخمسة.
فالكافر الأصلي أو النصراني أو اليهودي أو المشرك إنما يدخل في الإسلام بإقراره بالشهادتين: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، مع التزامه بالشرائع الأخرى كما قال تعالى: «فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ» [التوبة: ٥]، «فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ» [التوبة: ١١] وقال بعض أهل الكلام (٣): إن أول واجب هو النظر، ويريدون بالنظر التفكر في الأدلة الكونية مثلا، فقالوا: إن أول واجب هو النظر، وبعضهم تنطع وقال: بل أول واجب القصد إلى النظر، وأقبح من هذا وذاك من قال منهم: إن أول واجب هو الشك! يعني أول واجب أن يشك الإنسان في الحقائق، فيشك في وجود الله وفي إلهيته، ثم بعد ذلك ينظر في الأدلة!
بئس ما قالوا أنْ جعلوا الكفر هو أول واجب؛ لأن الشك بالله كفر.
وهذه الأقوال ظاهرة الفساد والبطلان.
والنظر مشروع لكن لا يقال: إنه أول واجب، والنظر قد ندب الله إليه العباد، فمن كان عنده توقف أو شك مثل حال الكفار فعليه أن ينظر
(١) رواه البخاري (٢٥)، ومسلم (٢٢) من حديث ابن عمر ﵄. (٢) رواه البخاري (٨)، ومسلم (١٦) من حديث ابن عمر ﵄. (٣) درء تعارض العقل ٧/ ٣٥٢ و٤٠٥ و٨/ ٣، ومدارج السالكين ٣/ ٤١٢.
1 / 23
ويتأمل في الأدلة، وينظر في الآيات ويتفكر «أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ» [الأعراف: ١٨٥]، «أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ» [الروم: ٨].
والنظر من الأسباب التي يَقوى بها إيمان المؤمن، ولهذا أثنى الله على أولياءه أولي الألباب أثنى عليهم بالتفكر بالمخلوقات «وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ» [آل عمران: ١٩١] وكان النبي ﷺ إذا قام من الليل يرفع بصره إلى السماء، ويقرأ هذه الآيات ويتفكر (١)، فالتفكر في الآيات الكونية، والتدبر للآيات الشرعية القرآنية هما من روافد الإيمان، ومما يسقي شجرة الإيمان، فالإيمان يزيد بالتفكر في مخلوقات الله.
المقصود: أن النظر مشروع، لكن لا يقال: إنه أول واجب، بل أول واجب هو شهادة أن لا إله إلا الله.
يقول المؤلف: (إن الله واحد لا شريك له) فالله تعالى نزه نفسه عن الشركاء في مواضع «سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْركُونَ» [الطور: ٤٣]، وفي الآية الأخرى «أَيُشْرِكُونَ مَا لا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ» [الأعراف: ١٩١]، وقال ﷾: «وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ» [الإسراء: ١١١]، أي لا شريك له في ملكه ولا شريك له في تدبيره، ولا شريك له في إلهيته، «قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ * وَلا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ» [سبأ: ٢٢ - ٢٣] هذه الآية قد قيل فيها: «إنها تقطع عروق شجرة الشرك من القلب» (٢)، فليس لشرك المشركين أي شبهة يمكنهم التعويل عليها فكلها باطلة، فشركاؤهم لا يملكون مثقال ذرة، وليس لهم شرك في ذرة من
(١) رواه البخاري (٤٥٦٩)، ومسلم (٧٦٣) من حديث ابن عباس ﵄. (٢) كتاب التوحيد للإمام محمد بن عبد الوهاب ص ٣٣.
1 / 24
السماوات والأرض، وليس أحد منهم معينا لله، ولا أحد منهم يملك أن يشفع عند الله إلا بإذنه.
الملائكة لا أحد منهم يشفع عند الله إلا بإذنه كما قال ﷾: «وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى» [النجم: ٢٦].
1 / 25