Sharh al-Aqeedah al-Waasitiyyah by al-Ghunayman
شرح العقيدة الواسطية للغنيمان
Genres
الرد على المتكلمين المنكرين لصفة النزول
ونوع: أن الله يبدل السيئات حسنات.
اعترض على هذا الحديث من ناحية الواقع والعقل المتكلمون الرادون لأحاديث رسول الله ﷺ، وقالوا: هذا لا يمكن في الواقع ولا في العقل، قالوا: إننا نشاهد اختلاف الليل، فمثلًا: آخر الليل هنا هو أول الليل لقوم غربنا، وهو نهار لقوم شرقنا، فإذا قيل: إنه ينزل آخر الليل لكل قوم، يلزم من ذلك أن يكون دائمًا نازلًا في الليل والنهار في أربع وعشرين ساعة.
وهذا باطل.
والجواب عن هذا: أن هذا القول مبني على القياس -أي: قياس أفعال المخلوق المحصور المحدود على أفعال الله جل وعلا- وهذا هو أصل التشبيه وأصل البلاء، وأصل التعطيل أيضًا، فيحصل التشبيه أولًا، ثم ينفى ما وصف الله جل وعلا به نفسه ووصفه به رسوله، ويعطل عن ذلك، فنقول: يصح هذا القول لو كان النازل مخلوقًا محصورًا محدودًا، وإلا فأفعال الله جل وعلا لا يجوز قياسها بمثل هذه الأقيسة التي تكون للمخلوق، فهو على كل شيء قدير، يكلم ويحاسب ويرى المخلوق أنه وحده يكلم وهو جل وعلا يكلم الجميع كلهم في آن واحد، ونزوله من هذا النوع في آن واحد، وإن اختلفت الأوقات والأماكن، فلا يجوز قياسه على ما يكون من فعل المخلوق الضعيف، وقد علم أن الله جل وعلا وسع كرسيه السموات والأرض، وأن الكرسي بالنسبة للعرش صغير جدًا، وأنه جل وعلا فوق عرشه، وهو أكبر من كل شيء، وأعظم من كل شيء، فلا يجوز أن يقاس بشيء محدود محصور.
ثم إن هذا النزول الذي ذكره الرسول ﷺ مثل ما مضى في الآيات: شيء يليق بالله جل وعلا، ولا يجوز أن يكون مثل نزول المخلوق، ولا يجوز أن يعتقد بأنه إذا نزل إلى سماء الدنيا أن شيئًا من السماء الثانية أو الثالثة أو الرابعة أو الخامسة أو السادسة والسابعة يكون فوقه تعالى الله وتقدس، فهو ينزل إلى السماء الدنيا وهو فوق عرشه عالٍ على خلقه؛ لأنه أكبر من كل شيء، وأعظم من كل شيء، وكذلك يوم القيامة ينزل إلى الأرض وهو فوق عرشه؛ ولهذا اتفق علماء أهل السنة على أن العلو من صفات الذات، وصفات الذات هي الصفات التي لا تفارق الله جل وعلا سبحانه في حال من الأحوال، بل تكون ملازمة له دائمًا وأبدًا، بخلاف صفات الأفعال فإنها تتعلق بمشيئته، إذا شاء فعلها وإذا شاء لم يفعلها، والنزول من صفات الأفعال، أما العلو فهو من صفات الذات.
8 / 8